بين صراعات الشمال والجنوب.. متى يكون COP عادلًا مناخيًا؟
هل يمكن أن يُحقق COP العدالة المناخية يومًا ما؟
مع تصاعد التوترات في كواليس "مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين" (COP30)، ما زالت هناك العديد من علامات الاستفهام حول عدة موضوعات.
وخلافات الساعات الأخيرة من المؤتمر؛ تأتي مع خروج مسودة النص النهائي، والتي لم تلق قبولًا واسعًا، بل لقت هجومًا؛ نظرًا لخلوها من ذكر الانتقال التدريجي من الوقود الأحفوري، والذي أُعلن عنه في (COP28) بإكسبو دبي قبل عامين.
ويرى الخبراء والناشطون أنّ هذا لا يُحقق العدالة المناخية التي يُطالب بها العالم؛ خاصة مع اتساع فجوة الانبعاثات وارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية في عام 2024 إلى 1.55 درجة مئوية مقارنة بمستويات عصر ما قبل الصناعة.
الآمال باقية
مع ذلك، ما زالت هناك آمال بشأن اتخاذ قرارات من شأنها أن تُعزز العدالة المناخية؛ إذ يقول "كمال براويرانيغارا" (Kamal Prawiranegara)، المدير والمؤسس المشارك لـ"المنتدى العالمي للمناظر الطبيعية" (GLF)، في حوار مع "العين الإخبارية": "تُتيح قمة البرازيل فرصة تاريخية لإعادة التوازن إلى العمل المناخي العالمي. ولأول مرة منذ قمة الأرض في ريو عام 1992، يعود العالم إلى البرازيل ليس فقط للتفاوض، بل للعمل أيضًا. والمطلب العام واضح: إذ يُطالب ما يقرب من 90% من سكان العالم حكوماتهم ببذل المزيد من الجهود في مجال العمل المناخي".
بينما ترى "حنان كسكاس"، مسؤولة الحملات السياسية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ "COP30 يُعقد في سياق عالمي معقد، يشهد أزمات في الطاقة، التضخم، النزاعات، وتصاعد الكوارث المناخية".
وقالت إن القمة تمثل فرصة لتعزيز صوت المنطقة في الدعوة إلى التمويل العادل وتنفيذ الالتزامات، مع التركيز على تنفيذ الالتزام التاريخي الذي توصلنا إليه في الإمارات في COP28 بالتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري، بحسب تصريحاتها لـ"العين الإخبارية".
متى يكون COP عادلًا؟
تقول الدكتورة "حنان كسكاس" إنّ "تحقيق العدالة المناخية يتطلب التزامًا واضحًا من الدول المتقدمة بمسؤولياتها التاريخية نحو بلدان الجنوب العالمي، وتقديم تمويل فعال للتكيف، مع تقليل اعتماد الدول النامية على الديون الخارجية كجزء من حلول التخفيف والتكيف. مسؤولة الحملات السياسية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترى أن القمة ستكون اختبارًا حقيقيًا للتوازن بين المصالح الاقتصادية للدول المتقدمة واحتياجات الدول الضعيفة في الجنوب العالمي".
بينما يرى براويرانيغارا أنّه لكي تكون قمة البرازيل ناجحة وحققت تحولًا في دعم التعاون بين الشمال والجنوب؛ فهذا يتم فقط من خلال ربط رأس المال والمصداقية، وضمان تدفق الموارد مباشرةً إلى الجهات الفاعلة المحلية؛ وبذلك يُمكن للقمة أن تُمثل تحولًا من نموذج التبعية إلى نموذج الشراكة، وهو نموذج يتطلب قيادة جريئة ومساءلة مشتركة من كل من الشمال والجنوب لصياغة مستقبل عادل ومستدام.
وتُضيف كسكاس لـ"العين الإخبارية": "بدون توافق ملموس حول التمويل، التكيف، وخفض الانبعاثات، لن تتحقق العدالة المناخية عمليًا. كما أن العدالة لن تتحقق دون مساءلة حقيقية للصناعات الملوثة، وضمان أن التمويل لا يزيد عبء الديون على الدول المتأثرة بشكل مباشر بأزمة تغير المناخ التي لم تتسبب بها. القمة ستكون اختبارًا لقدرة المجتمع الدولي على إعطاء حقوق المجتمعات الأكثر هشاشة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والجنوب العالمي، بما في ذلك حماية حقوق الأجيال القادمة وتعزيز المرونة المجتمعية".
انتصار جزئي
أشارت تلك المسودة التي خرجت من رئاسة المؤتمر صباح الجمعة 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 إلى المنحدرين من أصل أفريقي (afro-descendant | people of African descent)، وتلك هي المرة الأولى التي يُذكرون فيها بنصوص مؤتمرات الأطراف المعنية بالتغير المناخي، وذلك بعد سنوات طويلة من المطالبة بتحقيق العدالة المناخية وضمان حقوقهم؛ خاصة وأنّ تلك الفئات قد شهدت ظلمًا وعنصرية عبر التاريخ. وربما ذكرهم في بيليم يحمل رمزية باعتبار أنّ البرازيل قد استضافت COP30 هذا العام في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي؛ علمًا بأنّ تلك المنطقة تضم نحو 153.3 مليون إنسان من أصول أفريقية، أغلبهم وصلوا إلى هناك من خلال تجارة الرق في القرون الماضية، وتعرضوا لأبشع أشكال المعاملة الإنسانية.
وعلى الرغم من أنّ هناك من يعتبرون أنّ ذلك بمثابة "انتصار"، فإنّ هناك فئات يرون أنّ تلك هي البداية، وما هذا إلا "انتصار جزئي". لذلك، برز بعض الجدل حول قوة هذا الاعتراف؛ خاصة أنّ الوثائق الأخيرة غير ملزمة قانونًا، وكان من المفترض الاعتراف بهم في الإطار التشغيلي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC). لكن، على أي حال، ترى منظمات المناخ أنّ هذه خطوة نحو إدخال المنحدرين من أصل أفريقي إلى الإطار الرسمي.
يرى "كمال براويرانيغارا" أنّ "تحقيق العدالة المناخية، يتطلب الاعتراف بالجنوب العالمي، حيث تُلمس آثار تغير المناخ بعمق، كمصدر للعلم والمعرفة والابتكار". وبحسب براويرانيغارا فإنّ COP30 من الممكن أن يُوفر تلك المنصة، ويُسلط الضوء على "كيفية قيادة دول الجنوب للتغيير من خلال الإصلاح المجتمعي، والمعرفة الأصلية والعلمية، والقيادة الشبابية، وأدوات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي التي تُعزز الشفافية والتأثير".
هناك حاجة للمزيد من العمل!
قد يكون من الصعب أن يوفر COP30 كافة الأشكال المرضية لتحقيق العدالة المناخية؛ فهي ليست على مستوى واحد، بل تتطلب توحيد الجهود وتعزيز القدرات وحل معضلة التمويل والتكيف، فضلًا عن الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري وهو الحلقة المفقودة حتى الآن. ربما يكمن التحدي الأكبر في توفير التمويل المناخي اللازم لدعم العمل المناخي وتمويل المشاريع اللازمة لتحقيق الانتقال العادل، وهذا يتطلب وقتًا.
على الرغم من أنّ المسودة الأخيرة لرئاسة المؤتمر قد طالبت بالفعل بمضاعفة تمويل التكيف 3 مرات وحثت الدول المتقدمة على توفير التمويل، إلا أنّها تظل غير ملزمة قانونًا، وهناك العديد من الثغرات التي تحتاج إلى حل. وعند الإجابة على سؤال: هل تُحقق مؤتمرات الأطراف المعنية بتغير المناخ العدالة المناخية؟ إنها بالطبع توفر مساحة للجميع للمطالبة بحقوقهم في العدالة الاجتماعية والمناخية. لكن متى تُحقق تلك المؤتمرات العدالة المناخية بصورة فعلية في مخرجاتها؟ حسنًا، ربما في يوم ما، غير واضح بعد؛ فهناك حاجة للمزيد من العمل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTYg
جزيرة ام اند امز