"صراحة بايدن" تثير الارتباك.. هفوات دبلوماسية أم جس نبض؟
ما بين تلميحه إلى ضرورة تغيير النظام في روسيا ووعده بالدفاع عن تايوان عسكريا، أحدثت زلات لسان متكررة من جو بايدن، أكبر رئيس للولايات المتحدة (79 عاما)، ضجة واسعة على الصعيد الدبلوماسي.
وفي رحلاته الخارجية، اعتاد الصحفيون الذين يرافقون بايدن على هذا النهج مع تصدر الرئيس الديمقراطي بتصريحاته الحادة أو المشحونة عناوين الأخبار فيما يسارع البيت الأبيض إلى التشديد على أن الرئيس لا ينتهج سياسة جديدة.
في اللحظات الأخيرة من مؤتمر صحفي في طوكيو الإثنين، رد بايدن بالإيجاب بأن الولايات المتحدة ستدافع عسكريا عن تايوان في حال تعرضها لهجوم من الصين التي تعتبر الجزيرة المستقلة ذاتيا وتتمتع بنظام ديمقراطي مقاطعة صينية.
ليست المرة الأولى التي يثير فيها بايدن ارتباكا جراء تصريحات حول تايوان. فمنذ أكثر من أربعة عقود وبموجب سياسة أقرت عندما كان سيناتورا، توفر الولايات المتحدة الأسلحة إلى تايوان للدفاع عن نفسها إلا انها أبقت عمدا على الغموض بشأن احتمال تدخلها عسكريا.
وسارع مسؤول في البيت الأبيض ووزير الدفاع لويد أوستن إلى التأكيد على أن السياسة الأمريكية لم تتغير، فيما أعربت بكين عن غضبها ورحبت تايون بما اعتبرته دليلا على التزام صلب.
أتى ذلك بعدما قال بايدن في كلمة ألقاها في بولندا بشكل مرتجل "بحق السماء هذا الرجل لا يمكنه البقاء في السلطة" في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وسارع البيت الأبيض إلى القول بأن بايدن لا يحث على الإطاحة ببوتين ما كان ليشكل تصعيدا كبيرا في الحملة الأمريكية التي أكد بايدن بنفسه أنها تقتصر على مساندة أوكرانيا.
قبل العملية العسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط، أثار بايدن الذي كان يحذر من تداعيات صعبة على روسيا في حال أقدمت على هجومها، الاستغراب عندما تحدث عن ردة فعل غربية أقل في حال حصول "توغل محدود".
لكن بايدن الذي عُرف بالتعبير صراحة عن مشاعره طوال مسيرته السياسية، لا يتراجع أحيانا عن كلامه ولا يحاول تلطيفه فقد استمر باتهام روسيا بارتكاب "إبادة جماعية "في أوكرانيا واتهم موسكو بارتكاب "جرائم حرب" قبل المسؤولين بإدارته بكثير.
لعبة مزدوجة؟
وفي كل مرة، تثير تصريحات بايدن السؤال التالي: هل تحدث بايدن "من قلبه" كما قالت أوساط مقربة منه مرات عدة أم أنه عبر عن سياسة أمريكية جديدة؟ أم الاثنان معا؟
وقال جوشوا شيفرينسون، أستاذ مساعد في العلاقات الدولية في جامعة بوسطن: "من الصعب القول إن كانت هذه هفوات أو ازدواجية. إذا كانت ازدواجية فهي خطرة للغاية وقد تؤجج التوترات وتتسبب بعدم يقين".
تولى بايدن الرئاسة وهو يتمتع بخبرة في الشؤون الخارجية أكبر من أي رئيس آخر في العقود الأخيرة. ووعد بنهج يسهل توقعه خلافا لسلفه دونالد ترامب المتقلب وصاحب التصريحات المتهورة.
وأكد شيفرينسون "لم يكن من الممكن توقع موقف ترامب. لكن كان يتوقع أن تكون مواقف بايدن متماسكة جدا. قد تكون الصراحة إيجابية أحيانا لكن في حالة تايوان قد تكون خطرة نوعا ما".
بدورها، قالت بوني غلايسر، الخبيرة بالشؤون التايوانية في صندوق مارشال الألماني German Marshall Fund في الولايات المتحدة، إن بايدن يؤمن بلا شك بما قاله بشأن تايوان. وأوضحت "لكنها هفوة إذ إنه يعطي قراءة خاطئة للموقف الأمريكي".
وشددت على أن السياسة الخارجية "أكثر فاعلية عندما تكون واضحة ومفهومة من أصدقائنا وحلفائنا وأعدائنا".
ورحب بعض الصقور الذين عادة ما يتواجهون مع بايدن، بتصريحاته حيث كتب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام في تغريدة أن تصريح بايدن "كان ما ينبغي قوله والقيام به".
إلا أن آخرين رأوا عكس ذلك، ففي تغريدة أعرب ستيفن ويرذيم من مؤسسة كارنغي للأبحاث والتحليل عن قلقه بقوله "الاستجابة القوية للدول الغربية على العدوان الروسي في أوكرانيا كان من شأنه أن يردع الصين عن اجتياح تايوان إلا أن تصريحات جو بايدن قد تلغي هذا المكسب المحتمل وتساهم في نشوء نزاع في تايوان".
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA==
جزيرة ام اند امز