«سلاح الحسم».. لماذا يتسابق بايدن وترامب على الناخبين الأفارقة؟
تبدو الانتخابات الأمريكية، كسباق متعدد الممرات، يخوض فيه المرشحان منافسات فرعية على أكثر من مستوى؛ جغرافي وديموغرافي وإعلامي.
وفي هذا السياق المعقد، يعمل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ومنافسه دونالد ترامب على تكثيف رسائلهما تجاه الناخبين الذكور من ذوي الأصول الأفريقية، مما يؤكد القوة السياسية التي تتمتع بها هذه الفئة في انتخابات الرئاسة المقررة نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ورغم أن الناخبين من ذوي الأصول الأفريقية يميلون بأغلبية ساحقة إلى الحزب الديمقراطي، لكن هناك مخاوف من مغادرة الرجال المنتمين لهذه الفئة الديموغرافية، الحزب، منذ عام 2020، وبالتحديد حين حصد ترامب 12% من أصواتهم في الانتخابات الرئاسية.
وفي الوقت الحالي، يقول بعض المراقبين، إن الرجال من ذوي الأصول الأفريقية يمكن أن يُقرروا الفائز بالبيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني، وفقا لموقع "ذا هيل" الأمريكي.
وفي إشارة لأهمية هذه الفئة في الانتخابات، قال مونديل روبنسون، مؤسس "مشروع تصويت الرجال السود"، "لا أعرف طريقا نحو النصر بدون الرجال من ذوي الأصول الأفريقية".
لكنه أضاف "يجب اتخاذ خطوات واسعة مع كل الناخبين الذكور من ذوي الأصول الأفريقية بشكل يومي، وليس فقط مع أولئك المنخرطين في السياسة".
سلاح حاسم
روبنسون، الذي يشغل أيضًا منصب عمدة مدينة إنفيلد بولاية نورث كارولينا، يقول إن "60% من الرجال يغيبون عن الاقتراع تلو الآخر، ويستمر [المرشحون] في اتباع نفس الاستراتيجيات. لذلك أقول لهم: ما هو طريقكم إلى النصر بدون هؤلاء الرجال؟".
وفي حين أن اهتمامات الناخبين السود تغطي مجموعة من القضايا بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، إلا أن الخبراء والمدافعين عن هذه الفئة، يتفقون على أنه إذا أراد أي من الطرفين الفوز بالأصوات، فإنه بحاجة إلى التركيز على الاقتصاد.
تيرانس وودبيري، الشريك المؤسس لمجموعة استطلاعات "HIT Strategies" يتفق مع روبنسون، ويقول إن "الناخبين السود في هذه الدورة يمنحون الأولوية للعديد من القضايا".
قبل أن يستدرك "لكن القضية الأولى هي الاقتصاد، لكنني أعتقد أن هناك بعض التناقض هنا، لأنه عندما يتحدث الناخبون أصحاب الأصول الأفريقية عن الاقتصاد، فهم يقصدون تكاليف المعيشة، وليس بالضرورة الوظائف أو الأجور".
الحظوظ الأوفر
في السياق، أظهر استطلاع حديث أجراه مركز بيو الأمريكي للأبحاث، أن 77% من ذوي الأصول الأفريقية (رجال ونساء) سيصوتون لبايدن، بينما قال 20% من الرجال ذوي الأصول الأفريقية إنهم سيصوتون لترامب، في زيادة كبيرة عن معدل 2020.
لكن شيلي وينتر، عضو مجلس جورجيا الجمهوري لذوي الأصول الأفريقية، أثار نقطة مختلفة، إذ قال "بينما تشير بعض استطلاعات الرأي إلى حدوث تحول أيديولوجي بين الرجال ذوي الأصول الأفريقية، فإن هذا لا يعني أنهم سيظهرون في مراكز الاقتراع في 7 نوفمبر/تشرين الثاني".
وتابع أن "الرجال الأفارقة لا يزالون يمثلون أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات"، مضيفا: "هؤلاء يبتعدون عن الصناديق، لأن المرشحين يهملون القضايا التي تهمهم".
وأوضح وينتر، وهو أحد أنصار ترامب: "نحن نركز على النساء من ذوي الأصول الأفريقية، لأننا نعلم أن كبار السن والنساء سيشاركون في الانتخابات".
جهود ترامب
وعلى نقيض حديث وينتر، حاول فريق ترامب خلال العام الجاري، تسليط الضوء على الناخبين الذكور ذوي الأصول الأفريقية في رسائل الحملة.
وبالتحديد، حاول ترامب التواصل مع هذه الفئة، من خلال الإشارة إلى مشاكله القانونية، وهي محاولة واضحة لتسليط الضوء على الفوارق العرقية في نظام العدالة الجنائية بالولايات المتحدة، وفقا لـ"ذا هيل".
ترامب قال أيضًا، إنه سيفكر في اختيار نائب رئيس "مُلون"، لكن روبنسون يشكك في أن ذلك، إن حدث، سيؤثر على عادات التصويت للرجال ذوي الأصول الأفريقية.
روبنسون أوضح: "المرشحون يعتقدون أن استخدام وجه يشبه هذه الفئة، سيحفز الرجال من ذوي الأصول الأفريقية على المشاركة في التصويت، لكن هذه الاستراتيجية لا تنجح".
مستطردا "المرشحون يفكرون في الرجال ذوي الأصول الأفريقية في سياق ستينيات القرن الماضي، عندما كان مارتن لوثر كينغ، ومالكولم إكس، وستوكلي كارمايكل يسيطرون على هؤلاء الناخبين".
لكن فريق ترامب يمضي قدماً في سباق جذب هذه الفئة، وسافر الرئيس السابق إلى حي "جنوب برونكس" في نيويورك مؤخرا، حيث تحدث إلى حشد ضم أعدادًا كبيرة من السكان ذوي الأصول الأفريقية واللاتينيين.
وقالت جانيا توماس، مديرة الإعلام لذوي الأصول الأفريقية في حملة ترامب، في بيان، إن "الرئيس ترامب يظهر في مجتمعات ذوي الأصول الأفريقية ويستمع إلى الناخبين".
وأضافت: "تعكس استطلاعات الرأي، وكل مقاييس الدعم العام الأخرى، أن أعدادا تاريخية من الناخبين في مجتمع السود، تتخلى عن بايدن وتتوجه نحو الرئيس ترامب".
بايدن يعول على النجاحات
في المقابل، تبدو حملة جو بايدن مقتنعة بأن نجاحات الإدارة الحالية، "ستمنع الناخبين من ذوي الأصول الأفريقية من دعم الرئيس السابق".
وتتمثل هذه النجاحات في الإعفاء من قروض الطلاب، وانخفاض معدلات البطالة بين ذوي الأصول الأفريقية إلى مستويات قياسية، وإقرار إصلاحات، إلى جانب تاريخ ترامب من التصريحات المشحونة بالعنصرية.
وقالت سارافينا تشيتيكا، المتحدثة باسم حملة بايدن، في تصريحات للصحيفة الأمريكية، "لقد أظهر دونالد ترامب طوال حياته ومسيرته السياسية عدم احترام للرجال ذوي الأصول الأفريقية".
وتابعت "دخل ترامب الحياة العامة من خلال اتهام خمسة رجال من ذوي الأصول الأفريقية زورًا بالقتل، وشوه ذكرى جورج فلويد، وبدأ مسيرته السياسية محاولًا تقويض أول رئيس أمريكي من ذوي الأصول الأفريقية (باراك أوباما)".
أما أنجوان سيرايت، وهو استراتيجي ديمقراطي، يرى أن الرجال الأفارقة "فئة ديموغرافية ضعيفة في الوقت الحالي".
وأضاف أن الحزب الذي يتحدث عن نقاط الضعف هذه أكثر من غيره، "سيكون الحزب الذي سيحظى بدعم الرجال ذوي الأصول الأفريقية، ويفوز بالبيت الأبيض".