الليبيون "البدون".. قنبلة إدارية في انتظار انتخابات ديسمبر
يعمل الليبيون حاليا على تسجيل بياناتهم لدى المفوضية العليا للانتخابات، تمهيدا لاستحقاق ديسمبر/كانون الأول لكن "قنبلة سياسية" باتت على وشك الانفجار.
"قنبلة" على وشك الانفجار مع ظهور أزمة الليبيين البدون أو أصحاب الأرقام الإدارية المؤقتة، ومدى أحقيتهم في الممارسة السياسية بالترشح والتصويت.
حسين كويوي، المتحدث باسم مجلس شيوخ قبائل الطوارق في ليبيا، قال إن مكونهم الاجتماعي يعاني من عدم حصول كثير منهم على الجنسية الليبية, ويكافحون لنيل حقوقهم المدنية أسوة بجميع المواطنين.
أصل الأزمة
يعود أصل هذه الأزمة إلى أن كثيرا من الليبيين هجروا بلدهم في الأزمان السابقة أمام الاحتلالات التركية والإيطالية والفرنسية، وعند عودتهم مع توحيد الدولة مطلع خمسينيات القرن الماضي تمت دراسة منحهم الجنسية.
وفي العام 1954، صدر قانون بمنح العائدين الجنسية الليبية – ممن ولدوا خارج البلاد أو أقاموا فيها بشكل عادي لـ10 سنوات قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 1950 – ثم تلاه قوانين أخرى للحصول على الجنسية العربية بدلا من الليبية، خاصة عام 1980 والحصول على جميع الحقوق الممنوحة للمواطنين.
وفي أعقاب أحداث عام 2011، وإطلاق مشروع الرقم الوطني في العام 2014, تم تشكيل لجنة لحصرهم وإطلاق منظومة الرقم المؤقت بموجب قرار مجلس الوزراء 871 لسنة 2013.
وقررت الدولة الليبية إعطاء العائدين أرقاما إدارية تنظيمية لحصرهم، إلى حين البت في إعطاء الجنسية لهم ولأبنائهم.
معاناة البدون
هنا أكد ميمون يوسف أحد الليبيين من أصحاب الأرقام الإدارية أن "البدون يعانون جدا، خاصة الحالات المرضية التي تسقط سريعا كل يوم لعدم مقدرتها قانونا على فرصة العلاج في الخارج والطلاب المتفوقين, الذين حرموا فرصة الدراسة في الخارج، أو السفر للحج لعدم امتلاك جواز سفر لأنهم ليسوا ليبيين وفقا للقانون".
وقال ميمون، لـ"العين الإخبارية"، إن "الدولة الليبية أعطتهم بعض الوثائق بالأرقام الإدارية لكي تثبت أنهم غير ليبيين وليس العكس، وإن هذا الملف لم يشهد أي تحسن منذ عشرات السنين".
وتابع: "أكثر من 13 ألف أسرة لا يحملون الجنسية وممنوعون من ممارسة أي حقوق سياسية أو مدنية".
وشدد على أنهم لا يريدون الحقوق السياسية ويكفيهم أن يتحصلوا على الحقوق المدنية أسوة بالجميع وألا يتم اعتبارهم مجرد بيادق في الحروب.
وطالب كذلك بمساواتهم بالمكونات الأخرى التي أصدرت حكومة الوفاق السابقة برئاسة فايز السراج جوازات سفر ليبية لمشاركتهم معها في المعارك وحمل السلاح.
تعنت الحكومات
أما كويوي فيشكو أزمتهم بقوله: "نحن في الجيل الثالث من أصحاب الأرقام الإدارية بعد آبائنا وأجدادنا.. أبناؤنا يحق لهم الجنسية بالولادة على الأرض الليبية ولم نحصل على ذلك بسبب تعنت الحكومات السابقة".
ومضى في حديثه: "حصلنا بالفعل على قرارات جنسية ولم تنفذ بسبب تجاهل ومزاجية المسؤولين ودائما ما يغلقون هذا الملف حين يفتح، وقد رفض وزير الداخلية السابق في حكومة السراج تنفيذ هذه القرارات التي تستوفي الشروط القانونية".
وأبدى استغرابه من أن "يعطي اللقطاء الجنسية وفقا للقانون في حين لا ينفذ القانون بحق أبناء أصحاب الأرقام الإدارية السجل وهو أقدم سجل في العالم 40 سنة".
وطالب البرلمان بتحديد "من نحن في نظر الدولة وتجديد قانون الجنسية وتعديله" وعدم ظلم أبنائهم الذين يمنعون من إصدار نتائجهم الدراسية لأن المنظومة مرتبطة بالرقم الوطني، كما أن إتمام عقود الزواج متوقف إلا بالرقم الوطني.
ويضيف كويوي أن الآباء من أصحاب الأرقام الإدارية التحقوا بالقوات المسلحة وشاركوا في حروب للدفاع عنها في الداخل والخارج مع معمر القذافي مثل فلسطين ولبنان وتشاد وغيرها وحصلوا على رتب عسكرية وصفة المحاربين القدماء ورغم ذلك لا يحملون الأرقام الوطنية ولا الجنسية ولا جواز السفر.
وأشار إلى أن أكثر من 350 شخصا توفوا في حروب ضد داعش والقاعدة وتأمين الحدود وغيرها ولم يتم اعتبارهم شهداء بل كتب عليهم أنهم مجهولو الهوية.
وأعرب عن حلم أصحاب الأرقام الإدارية في ترشح المشير حفتر للانتخابات الرئاسية المقبلة باعتباره هو وحده من يهتم بالليبيين من أصحاب الأرقام الإدارية ويدعم مناطقهم بمساعدات من وقت لآخر.
الوضع القانوني
ويقول الحقوقي والقانوني الليبي حافظ السنوسي إنه من حق أصحاب الرقم الإداري التعيين وإبرام عقود عمل والحصول على مرتب شهري.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن المحكمة العليا استقرت في حكم سابق لها على أن الاتفاقيات الدولية تكون أولى بالتطبيق على القانون الداخلي متى ما صدقت الدولة عليها.
وتابع أن الدولة الليبية صادقت على اتفاقية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية، بموجب القانون رقم (7) لسنة 1989م بشأن التصديق على بعض الاتفاقيات.
ونبه إلى أن "المادة 17 من تلك الاتفاقية نصت على أعمال الكسب أو العمل المأجور، والتي بموجبها تمنح الدول المتعاقدة عديمي الجنسية المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة ممكنة".
وأوضح أن طعنا دستوريا لاحقا يمكن أن يمنح هذه الاتفاقية أولوية في التطبيق من قانون الرقم الوطني، كما يحق لحملة الرقم الإداري التعيين وإبرام عقود عمل".
وأخيرًا عن حصول أبنائهم والأجيال الثانية والثالثة والرابعة على الجنسية الليبية والمشاركة السياسية، أكد أن قانون الرقم الوطني أشار في مادته الرابعة إلى "أن الرقم الوطني يُمنح منذ الولادة بناء على بيانات الشخص في السجل المدني بمصلحة الأحوال المدنية شريطة أن تكون مستوفاة وصحيحة، ويعد قرينة على أن حامله مواطن ليبي".
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز