طموحات شركات التكنولوجيا العملاقة تُرهق كهرباء أمريكا.. الحل في الغاز

تواجه الولايات المتحدة تحدياً كبيراً لتأمين الطاقة اللازمة لمواكبة النمو السريع في مراكز البيانات التي تعد المحرك الرئيسي لثورة الذكاء الاصطناعي.
وتشير تقديرات مختبر "لورانس بيركلي" الوطني إلى أن الطلب على الكهرباء من هذه المراكز قد يتضاعف بحلول عام 2028. لكن البنية التحتية لشبكة الكهرباء الأمريكية التي تعاني من قلة الموارد وطوابير انتظار طويلة لربط المشروعات الجديدة، غير قادرة على تلبية هذا الطلب المتزايد.
في ظل هذا التحدي، ظهرت فكرة "الطاقة خارج الشبكة" كحل عملي، حيث تعتمد مراكز البيانات على مصادر طاقة مستقلة بدلاً من الانتظار لسنوات لربطها بالشبكة العامة. هنا يبرز الغاز الطبيعي كخيار استراتيجي قادر على تلبية الطلب المتزايد بفضل وفرة إنتاجه وسرعة إنشاء محطاته مقارنة بالطاقة النووية أو المتجددة.
ونقل تقرير نشره موقع "ياهو فاينانس" عن تشاد زامارين، الرئيس التنفيذي لشركة "ويليامز كومبانيز": "نركز على تزويد مراكز البيانات بالطاقة مباشرة لتفادي الانتظار الطويل بسبب توسعات الشبكة البطيئة في الولايات المتحدة."
وتبدو الولايات المتحدة في مرحلة "اعتماد إجباري" على الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات الطاقة خلال العقد المقبل. وبينما تظل الطموحات البيئية قائمة على المدى البعيد، يظل الغاز الطبيعي حلاً واقعياً سريعاً لدعم البنية التحتية الرقمية في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها قطاع التكنولوجيا والطاقة.
صعود أسهم الغاز الطبيعي
وانعكس ذلك الاتجاه على سوق الأسهم، حيث ارتفعت أسهم شركات الغاز الطبيعي بشكل ملحوظ. ففي العام الماضي، زادت أسهم شركة "إكسباند إنرجي" (أكبر منتج للغاز في البلاد) بأكثر من 24%. كما ارتفعت أسهم "إي كيو تي كوربوريشن" بأكثر من 40%، و"رينج ريسورسز" بأكثر من 13%، بينما شهدت "ويليامز كومبانيز" زيادة تخطت 32%.
وفي مارس/آذار 2024، وقعت شركة "تالين إنرجي" اتفاقاً مع "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS) لتزويدها بأكثر من 1.9 غيغاواط من الطاقة من محطة "سسكويهانا" النووية بولاية بنسلفانيا لتغذية مركز بيانات مجاور. في المقابل، وقعت شركة "إنرجي ترانسفير" في فبراير/شباط اتفاقاً مع "كلود بيرست" لتوفير 1.2 غيغاواط من الطاقة خارج الشبكة لمركز بيانات في تكساس. كما دخلت شركة "بلاكستون" في صفقة لشراء محطة غاز في بنسلفانيا بأكثر من مليار دولار.
صفقات عملاقة
وكانت شركة "ميتا" المالكة لفيسبوك وإنستغرام قد بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2024 مشروعاً ضخماً في ولاية لويزيانا على مساحة أكثر من 2000 فدان باستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار. المشروع يتطلب أكثر من 2 غيغاواط من الكهرباء، مما دفع لجنة الخدمات العامة في لويزيانا إلى الموافقة على إنشاء ثلاث توربينات غازية جديدة لتلبية هذا الطلب الهائل.
حتى شركات النفط الكبرى لم تبقَ خارج المعادلة. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت "شيفرون" عن شراكة مع "إنجن نمبر 1" لبناء محطات غاز طبيعي في عدة ولايات لتزويد مراكز البيانات بالطاقة.
الغاز الطبيعي بين الواقع والطموح
رغم التزام شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "أمازون" و"غوغل" و"ميتا" بالاعتماد على الطاقة المتجددة أو النووية على المدى الطويل، يفرض الواقع الحاجة للغاز الطبيعي كحل فوري. فمصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح تواجه مشكلات في استمرارية التوليد، مما يجعل الغاز الطبيعي الخيار الأمثل كـ"شبكة أمان" لضمان استقرار الإمدادات.
ويقول زامارين من شركة "ويليامز كومبانيز": "أي سوق أمريكي يضم نسبة كبيرة من الطاقة المتجددة، فإن نجاحه يعتمد على الغاز الطبيعي لتغطية الفجوة عندما تغيب الشمس أو تتوقف الرياح."