"بوكو حرام" الإرهابية.. هاجس الأمن في الساحل الأفريقي
"بوكو حرام"، تلك الجماعة الإرهابية الصغيرة التي اتسع نفوذها في غرب القارة السمراء، تصبح هاجسا لأمن الساحل الأفريقي، فكيف انتشرت وتمددت؟
هذا ما حاول مركز "تريندز"، للبحوث والاستشارات، البحث عنه مع مختص بالجماعة، يعرف منشأها في نيجيريا عن قرب، والمسارات التي سلكتها في نشر الإرهاب، والتمدد لدول الساحل الأفريقي، رغم الصراعات الداخلية.
"العين الإخبارية"، تابعت محاضرة نظمها المركز اليوم الأربعاء للدكتور الخضر عبد الباقي محمد؛ أستاذ الإعلام والاتصال الدولي، ومدير المركز النيجيري للبحوث العربية، وركزت على سبر أغوار "حركة بوكو حرام".
المحاضر حذر من خطورة استمرار جماعة "بوكو حرام" وتأثيراته الممتدة في المجتمع ودول الجوار، بعد أن تحولت "إلى تيار فكري، وليس مجرد جماعة متطرفة".
كما أشار في الوقت ذاته إلى أن "محاربة بوكو حرام أصبحت غطاء تستخدمه بعض القوى الإقليمية والدولية لتبرير تواجدها العسكري في المنطقة".
وقال عبد الباقي محمد خلال المحاضرة التي كانت بعنوان "جماعة بوكو حرام والأمن في منطقة الساحل الأفريقي"، إن الجماعة دخلت في صدام كبير مع الدولة النيجيرية بعد تبني مجموعة من المبادئ التي سعت من خلالها إلى تكفير المجتمع والدولة.
معارك مع الدولة
ودخلت الدولة النيجيرية في معارك عديدة مع "بوكو حرام" لأكثر من 15 عاما، واستمر صمودها طيلة هذه الفترة، وهو ما عزاه الباحث النيجيري لعدة أسباب، أبرزها؛ الاحتماء بالتضاريس الصعبةـ وتمتعها بقدرة عالية على استقطاب عناصر جديدة، وقوة بنيتها التنظيمية، وامتلاكها لظهير اجتماعي داعم.
ومن عوامل استمراريتها أيضا، استثمار الجماعة، للصراع الطائفي في شمال نيجيريا بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية، من أجل تأجيج العنف وكسب التأييد والترويج لأفكارها.
كما تمكنت بوكو حرام من الاستفادة بشكل كبير من امتداداتها الاجتماعية للانتشار في دول الجوار مثل النيجر وتشاد، والانتقال من دولة إلى أخرى بشكل سلس، حيث نجحت في نقل أفكارها وزرع أجنحتها.
مرتكزات بوكو حرام
واستعرض الأكاديمي النيجيري 4 مرتكزات لجماعة بوكو حرام، وتضمنت؛ الأول: العمل على إعلان إقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة -وفق تفسيرها- في شمال البلاد، والثاني: محاربة التعليم الغربي بما يمثله من ثقافةـ، وهو المرتكز الذي ظهرت به للعلن، أما المرتكز الثالث: فهو تحريم العمل داخل مؤسسات وأجهزة الدولة، وفي الأخير: إقامة "ثورة إسلامية" على غرار الثورة الإيرانية.
عبدالقادر محمد قال إن "جماعة بوكو حرام قامت على أساس مناهضة التعليم الغربي، وخطاب يسعى إلى الانتصار للعدالة الاجتماعية للنيجريين".
وفي تحذيره، أوضح أن خطورة "بوكو حرام" واستمرارية وجودها بعدما تحولت إلى تيار فكري في المجتمع، وليس مجرد جماعة متطرفة، مردفا: "هناك أيضا بعض القوى التي تستفيد من وجود الجماعة واستمراريتها".
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن التنظيم تحول إلى تيار فكري تسترزق منه بعض الجهات في الدولة، لكن -والحديث للأكاديمي النيجري- فكر بوكو حرام أصبح مكشوفا للجميع، ومهزوما ومتواريا.
وشدد على ضرورة العمل على القضاء على أسباب بقاء الجماعة وعوامل انتشارها، وأبرزها الفقر والبطالة والتناحر والصراع بين الطوائف المسلمة، والتناحر بين المسلمين والمسيحيين.
كما دعا في محاضرته إلى ضرورة مواجهة بوكو حرام عبر تكاتف جميع الجهود على الصعيد الداخلي، والخارجي والوقوف بقوة وحسم وحزم وبشكل حقيقي للقضاء على الجماعة، والعمل على علاج ظاهرة التطرف، مع ضرورة مراجعة التراث بشكل متزن.
سبل المواجهة
لفت الأكاديمي النيجيري إلى ضرورة تكثيف الوعي بمنهجية معتدلة عقلانية عصرية حتى نصيغ خطاب معتدل لا يجافي الأصول الحقيقية من الدين والثوابت.
وفي رأيه حول إعلان بوكو حرام مبايعة تنظيم "داعش"، قلل عبد الباقي محمد، من تأثير وأهمية تلك المبايعة، قائلا: "المبايعة أقرب لنشاط إعلامي وليس في الشق الخاص بالعمليات المسلحة، لأن الجماعة أقرب لتنظيم مستقل"، مشيرا إلى أن المبايعة نوع من الضغط المعنوي على القوى الدولية وسلطات البلاد.
وتابع في هذا الصدد قائلا: "بوكو حرام وداعش يتقاطعون في أفكار عامة فيما تختلف التفاصيل، حيث إن بوكو حرام لا تستهدف في الأغلب مدنيين وعملياتها موجهة ضد مؤسسات الدولة".
النشأة والتأسيس
وتحدث عبد الباقي محمد عن النشأة والتطور لجماعة بوكو حرام، قائلا: "بوكو حرام من أكبر وأخطر التنظيمات المتطرفة التي عرفتها الساحة الأفريقية الغربية، ونشأت في عام 1995 باسم منظمة شباب المسلمين في شمال البلاد كجماعة دعوة فقط للطلاب المسلمين، ثم جرى إعادة تنظيم الجماعة عام 2002 من خلال محمد يوسف بشكل رسمي إيديلوجي باسم جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، واتخذت من مسجد ابن تيميه المشهور بشمال البلاد منطلقا لها".
ومنذ عام 2004 بدأ التحول الكبير للجماعة -يضيف عبدالقادر محمد- حين تطرقت لقضايا العلاقة بين المسلمين والدولة، والمسلمين والمسيحيين، مرورا بالحديث عن دار الإيمان ودار الكفر، وأن من لا يؤمنون ولا يحكمون بشريعة الله، إنما هم في الجاهلية، حسب تعبيرها.
وفي حديثه عن نشأة الحركة الإرهابية يضيف: "بدأت في 2006 المناوشات بين رجال الأمن وعناصر جماعة بوكو حرام، فيما بلغت في 2009 ذروة المواجهة المسلحة بين الجماعة والدولة انتهت بمقتل قائدها محمد يوسف".
aXA6IDMuMTQ0LjQwLjIzOSA= جزيرة ام اند امز