توقيع كتاب "الحرية في فكر المفكر العربي منيف الرزاز"
الكتاب يوضح إستراتيجية النقد الحضاري الذي يدعو إليه منيف الرزاز ووضعه مسألة الحرية في قلب اهتماماته وضرورة ملازمة لوجود الإنسان
شهدت قاعة الندوات بمؤسسة عبد الحميد شومان، الإثنين، بالعاصمة الأردنية عمّان حفل اشهار وتوقيع كتاب "الحرية في فكر المفكر العربي منيف الرزاز" الصادر حديثاً عن الدار العربية للعلوم ناشرون للباحثة الأردنية د. فدوى نصيرات، جاء الكتاب توضيحاً لإستراتيجية النقد الحضاري الذي يدعو إليه منيف الرزاز مما يضع مسألة الحرية في قلب اهتماماته جاعلاً منها ضرورة ملازمة لوجود الإنسان.
في الحفل الذي شارك به، إلى جانب المؤلفة، نجل المفكر الراحل د.عمر منيف الرزاز ، ود.علي محافظة دار نقاش حول أهمية المفكر منيف الرزاز (1919- 1984) كونه واحداً من أبرز مفكري المرحلة التاريخية العربية المعاصرة الذين أسهموا في التأسيس لأرضية فكرية ينبني عليها نقد جديد للمجتمع العربي، ويؤسس لوجود ينبثق فيه إنسان عربي جديد يستعيد إرادته المتفهمة للتاريخ من أجل الالتحام بالحرية، وتحقيق الوجود العيني للإنسان العربي.
الناقد والدكتور علي محافظة أكد في مناقشته على أن الرزاز من المفكرين القلائل الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفاتهم، وأغنوا الفكر العربي بآرائهم وأبحاثهم، ونال السبق في الحديث عن الحرية بمعناها الرحب الواسع، مدركاً منذ البداية إشكالية الحرية عند المفكرين العرب المحدثين: بين من يشكك بها ويعدها مفهوماً دخيلاً ومستورداً من الغرب الاستعماري، وبين المؤمنين بها المطالبين بتطبيقها مباشرة كما تمارس في الغرب.
وحول أهمية فكر وكتابات الرزاز بالنسبة لجيل اليوم، أوضح نجل المفكر الراحل د. عمر الرزاز: أن الأهمية تتلخص في أننا لا زلنا في معظم تشكيلاتنا الفكرية والسياسية نعكس فصاماً بين الحداثة والتراث، وكأن أحدهما عدو الآخر ومنافٍ له.
وأشار إلى أن كتابات منيف تبين الفصام القائم ما بين الحداثة والموروث وأن مسألة الحرية تبقى إشكالية، بين من يشكك بها كمفهوم دخيل ومستورد، وبين من يريد تطبيقها بحذافيرها مباشرة وكما وردت تماماً في المواثيق الدولية، فبدل من أن تصبح القاسم المشترك لكل القوى الساعية نحو النهضة تصبح الحرية مفهوماً إشكالياً يقسم لا يوحد، كما أن الرزاز لم يكن مفكراً قابعاً في برج عاجي يعالج المشاكل من على بعد، ولا كان فاعلاً في الساحة دون منهج.
ثم كانت الكلمة لمؤلفة الكتاب د. فدوى نصيرات أستاذة التاريخ في جامعة فيلادلفيا الأردنية، التي عددت إسهامات الرزاز في التأسيس العميق لأرضية فكرية ينبني عليها نقد جديد للمجتمع العربي، نقد يهدف إلى إعادة تشكيل عقلية نقدية لإنسان عربي جديد متفهم لتاريخه وملتحم بحريته.
وبحسب نصيرات فإن المنظور النقدي الذي يؤسس له الرزاز يجعل من الحريّة ضرورة ملازمة لوجود الإنسان، ومن أولوياته استرداد الحريّة والإنسان العربي لقواه التي غيّبتها الوصاية التي اكتسبت قدسيتها عبر التاريخ، قوى وقفت حاجزاً مادياً ومعنوياً دون انبثاق مجتمع متحرّر يلتحم بالحياة ويكون قادراً على صياغة رؤيته الذاتية للوجود.
وتخلص نصيرات: "في هذا السياقِ الحضاري المضطرب للحياة العربية، استشعر الرزاز هموم الأمة العربية ولاحظ انحدارها من قمة الحضارة وعزة المدنية وعظمة الرسالة الروحية إلى مستوى الجهالة والتأخر والانحلال، فالعربي الآن استفاق من غفوته الطويلة تأخذه الحيرة والقلق مما حوله".