"الصديق الذي يريد بنا شرا" كتاب فرنسي عن خيانة قطر
تمويل الإرهاب.."الربيع العربي".. قناة الجزيرة.. القرضاوي.. ليبيا.. مفاتيح ملفات تستتر وراءها جبال من الأسرار في كتاب فرنسي عن قطر
تمويل الإرهاب.. "الربيع العربي".. قناة الجزيرة.. القرضاوي.. ليبيا.. مفاتيح ملفات تستتر وراءها جبال من الأسرار والخبايا داخل غرف صناعة القرار القطرية منذ سنوات.
على الرغم من صدوره عام 2013، إلا أن الكتاب الفرنسي "قطر القبيحة.. هذا الصديق الذي يريد بنا شراً" يصلح لإعادة القراءة اليوم، ويبدو من الجهد البحثي الذي قام به مؤلفاه تفسيرا للمنحدر الذي كانت تسير إليه قطر منذ سنوات من التخطيط للفوضى في المنطقة.
الكتاب عكف عليه اثنان من كبار صحفيي التحقيقات في فرنسا وهما نيكولا بو وجاك ماري بورجيه، اللذان كثفا من خلال العنوان الحالة الرمادية التي قبعت بها قطر ما بين صداقة بادية وعداوة ضامرة وشر مقصود.
الصحفيان أشارا في تقديم الكتاب إلى أنه بمثابة رحلة صحفية ميدانية اعتمدا فيها على إجراء مقابلات مع شخصيات كان لها دور أو علاقة بمحاور الموضوع، ويكشف فيه الكاتبان عن ملابسات الكثير من القرارات السياسية التي اتخذتها قطر من جهة، وبين قطر وفرنسا من ناحية أخرى وكانت خلفها مصالح مالية كبيرة، ويفند الكتاب ما اعتبره مشروعا كبيرا مستترا وراء ما أُطلق عليه "الربيع العربي".
حمد بن جاسم عن الفلسطينيين: هل سيزعجنا هؤلاء الأغبياء طويلاً؟
العلاقة القطرية الإسرائيلية "السرية" احتلت قسطا مهما من تحليل الكاتبين، واعتبراها قصة علاقة وطيدة بدأت بين إسرائيل وقطر منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وتوّجها الراعيان الأمريكي والفرنسي، وجاء فيه "الدوحة التي قررت في العام 1993 بقيادة الأمير حمد بيع الغاز للدولة العبرية لم يكن لها طريق إلى دائرة أصدقاء واشنطن سوى من خلال العلاقة المباشرة مع تل أبيب".
ووفق الكتاب، فإن رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم كان يعيش حالة تنافس مع الشيخ تميم الذي كان وليا للعهد في ذلك الوقت، لم يكن أبدا من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، وينقل الكتاب عن رجل أعمال مقرب من بن جاسم قوله إنه حين كان معه يشاهدان التلفزيون، سمعه يصرخ لما رأى المسؤولين الفلسطينيين "هل سيزعجنا هؤلاء الأغبياء طويلا؟".
أمير قطر استعان بلوبي صهيوني للانقلاب على والده
هذه العلاقة السرية ليست بعيدة عن قصة تأسيس قناة الجزيرة، ودورها الخبيث والمتركز في نسج أساطير وحكايات "الربيع العربي".
ويرى الكتاب أن تأسيس "الجزيرة" أو كما أطلق عليها بو وبورجيه "التلفزيون الذي يملك دولة" أثار "خلافاً للشائع، فإن فكرة إطلاق قناة الجزيرة لم تكن وليدة عبقرية الأمير حمد، بل هي كانت نتيجة طبيعية لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين في العام 1995، فغداة الاغتيال قرر الأخوان ديفيد وجان فريدمان، وهما يهوديان فرنسيان، عمل كل ما في وسعهما لإقامة السلام بين إسرائيل وفلسطين، وهكذا اتصلا بأصدقائهما من الأميركيين الأعضاء في ايباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية - الإسرائيلية) الذين ساعدوا أمير قطر في الانقلاب على والده لإقناع هذا الأخير بالأمر، وبالفعل وجد الشيخ حمد الفكرة مثالية للترويج لنفسه ولفتح أبواب العالم العربي لإسرائيل من جهة ثانية.
ويقول الكاتبان إن الأمير أخذ الفكرة من اليهوديين وأبعدهما بعد أن راحت الرياض تتهمه بالتأسيس لقناة يهودية، وهكذا حسب الكتاب ضربت قطر عصفورين بحجر إطلاق "الجزيرة".
حرب نفسية ناعمة
من قناة "الجزيرة" إلى الألاعيب النفسية التي بذلت فيها قطر حروبا ممولة، توقف الكتاب عند دور المخابرات الأمريكية في تدريب الكوادر والمختصين في الإنترنت والحرب النفسية، ولازمها الربط بين هذه الخطة وبين العلاقات الإسرائيلية السرية، ومن ذلك دور وزيرة خارجية إسرائيل السابقة "تسيبي ليفني" التي كانت دائمة الزيارة للقصر الأميري القطري، فكما جاء في الكتاب "منذ افتتحت الدوحة مكتب التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي، اعتادت على استقبال شمعون بيريز وتسيبي ليفني زعيمة حزب كديما اليميني، التي كانت تستسيغ زيارة القصر الأميري".
وحسب الكتاب الفرنسي فإنه في سبتمبر/أيلول عام 2010 نظم محرك البحث "جوجل" في بودابست "منتدى حرية الإنترنت"، وأطلقت بعده وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين اولبرايت مؤسسة "شبكة مدوني المغرب والشرق الأوسط".
سبق ذلك وتبعه سلسلة من المنتديات في قطر بعنوان "منتدى الديموقراطيات الجديدة أو المستعادة".. شارك في إحداها في فبراير شباط العام 2006 بيل كلينتون وابنته وكوندليزا رايس، وآنذاك تم الاتفاق على وثيقة سرية باسم "مشاريع للتغيير في العالم العربي".
كان من نتائج ذلك أن أسس صهر الشيخ يوسف القرضاوي، المصري هشام مرسي، "أكاديمية التغيير"، وضمت المؤسسة عدداً من "الهاكرز" والمدونين، وأطلقت في يناير/كانون الثاني عام 2011 عملية "التونسية" التي كانت تدار مباشرة من الولايات المتحدة.
القرضاوي صديق لإسرائيل
الكتاب الفرنسي استند في مادته إلى حوارات شديدة الخصوصية أثرت الكتاب بأسرار لافتة وأهمها لقاء مع "أسماء بن قادة" طليقة القرضاوي، التي أكدت لمؤلفي الكتاب أن القرضاوي زار اسرائيل سراً في عام 2010 وأنه حائز على إشادة رفيعة من الكونجرس الأمريكي وأنه كان وراء تغيير النظرة إلى لوائح الإرهاب التي تم رفعه منها، وأنه شخصيا لم يعد ممنوعا من دخول الأراضي الأمريكية، بسبب تلك العلاقات الشائكة.
الباخرة " لطف الله" سلاح قطري على رؤوس السوريين
واحدة أيضا من الأسرار التي تطرق لها الكتاب تتعلق بباخرة "لطف الله" التي أوقفها الجيش اللبناني أثناء توجهها محملة بالسلاح إلى سوريا قبل نحو عام.
ومفاد القصة أنه مع بداية الربيع السوري، أغمضت الأسرة الدولية عيونها عن البواخر المحملة بالسلاح من قطر وليبيا عبر لبنان إلى سوريا، ولكن عمليات التهريب هذه ازدادت على نحو أقلق الموساد الإسرائيلي، فأسرع إلى إبلاغ قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني، وهكذا تم توقيف الباخرة لطف الله في 27 إبريل/نيسان العام 2012 في البحر، وكان ذلك إنذاراً للدوحة لكي تكون أكثر سرية في عملياتها ولتخفف من دعمها للجهاديين اكتشف الجميع أن قطر ساعدت هؤلاء الجهاديين أيضاً بمستشارين، وبينهم عبدالكريم بلحاج القيادي القاعدي سابقاً، الذي أصبح لاحقاً أحد المسؤولين السياسيين في ليبيا، حسب الكتاب.
تحويل ليبيا إلى جحيم
يوثق الكتاب لعملية تمويل قطر للإرهابيين لتخريب سورية، ويفضح المستشارين الذين كان من ضمنهم عبدالكريم بلحاج القيادي في تنظيم القاعدة الإرهابي ـ سابقا ـ والذي أصبح فيما بعد أحد المسؤولين السياسيين في ليبيا.
عرّج الكتاب على كيفية احتلال ليبيا وقتل العقيد معمر القذافي وإثارة الشكوك حول مقتل ثلاث شخصيات من المطلعين بأسرار دعم القذافي للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالأموال وغيره وبينهم مثلا وزير النفط السابق ـ شكري غانم الذي قيل إنه مات غرقا في سويسرا.
ويوضح الكتاب أن مصالح مالية هائلة كانت وراء ضرب ليبيا وبينها الودائع الكبيرة للقذافي في قطر، كما كان وراءه أيضا رغبة قطر في احتلال مواقع العقيد في أفريقيا حيث مدت خيوطها المالية والسياسية والأمنية تحت ذرائع المساعدات الإنسانية.
إغراءات بنكية
توقف الكتاب عند حجم الاستثمارات القطرية الهائلة في فرنسا، واعتبر الكاتبين أن القادة القطريين اشتروا معظم رجال السياسة وأغروا الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند بتلك الاستثمارات، ووظفوا وزير الخارجية السابق دومينيك دوفيلبان محامياً عندهم، فإنهما بالمقابل يشيران إلى بداية الغضب الفرنسي الفعلي من قطر بسبب اكتشاف شبكات خطيرة من التمويل القطري للجهاديين والإرهابيين في مالي ودول أخرى.
واعتبر المؤلفان أن شبكة هائلة من المصالح جعلت قطر تسيطر على القرار الفرنسي وتشتري تقريباً كل شيء، بما في ذلك مؤسسة الفرنكوفونية، وأضافوا أن قطر اشترت كثيراً في فرنسا من مصانع وعقارات وفرق رياضة أغضبت الفرنسيين وأثارت مخاوفهم من المؤامرات القطرية.