قانون بوسمان.. حكم قضائي غيّر شكل كرة القدم
"تنتهي علاقة اللاعب بناديه بالوصول لموعد نهاية عقده"، قاعدة تبدو منطقية وبديهية، ورغم ذلك لم تكن كرة القدم تعرف وجودها قبل 30 عاما.
ويدين لاعبو كرة القدم الآن بالفضل للاعب البلجيكي السابق جان مارك بوسمان، الذي خاض حربا قانونية نتج عنها تحرير النجوم من الهيمنة المطلقة للأندية.
أزمة قانون بوسمان
في 1988 انضم جان مارك بوسمان، وهو لاعب وسط سابق، إلى نادي لييج البلجيكي بعقد قصير مدته عامان فقط، أي ينتهي في 1990.
وبعد نهاية عقده تلقى بوسمان عرضا من نادي دانكيرك الفرنسي، وحدد لييج مبلغ 500 ألف جنيه إسترليني مقابل التخلي عن خدماته، على أن يتم دفعها شكل فوري لإنهاء الصفقة، وهو ما رفضه النادي الفرنسي.
طلب لييج وقتها كان مشروعا تماما من الناحية القانونية، ففي ذلك الوقت حتى لو كان العقد قد انتهى، يظل هو المتحكم في مصير اللاعب، الذي لم يكن مسموحا له بالرحيل حتى بعد انتهاء العقد الذي يربطه بالنادي حسب اللوائح التي كان معمولا بها في عدة دول أوروبية.
دخل بوسمان في أزمة مع إدارة لييج، التي قررت حينها خفض أجره بنسبة 75% إلى 500 جنيه إسترليني شهريا، بداعي أنه "لم يعد لاعبا في صفوف الفريق الأول".
ما هو قانون بوسمان؟
ما حدث مع بوسمان دفعه لرفع دعوى قضائية ضد كل من نادي لييج، والاتحاد البلجيكي لكرة القدم، ونظيره الأوروبي "يويفا"، بداعي أن القواعد التي وضعها الأخير تتنافى مع مبادئ "اتفاقية روما" التي تم توقيعها عام 1957، والتي سمحت بحرية الحركة والتجارة داخل الدول الأوروبية.
وبينما كانت المحاكمة جارية، لعب بوسمان لفترة وجيزة في سانت كوينتين، أحد أندية جزيرة ريونيون الفرنسية الواقعة في المحيط الهندي.
في ديسمبر/ كانون الأول 1995، قضت محكمة العدل الأوروبية بأن اللاعبين يجب أن يكونوا أحرارا في تحديد مصيرهم بعد انتهاء عقودهم.
القرار لم يقتصر على هذا الأمر، بل أقرت المحكمة أيضا باعتبار كل لاعبي دول الاتحاد الأوروبي لاعبين محليين في دوريات الدول الأوروبية التابعة للاتحاد، وبهذا يمكن لأي ناد التعاقد مع أي عدد منهم دون حد أقصى.
تداعيات قانون بوسمان
في صيف 1996 بات إدجار ديفيدز، نجم منتخب هولندا السابق، أول المستفيدين من قانون بوسمان، بانتقاله مجانا من أياكس أمستردام الهولندي إلى إنتر ميلان الإيطالي قبل بداية موسم 1996-1997.
وفي عام 2005 اتجه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لإصلاح عدة جوانب سلبية لقانون بوسمان، لأنه كان يعتقد أنه السبب الرئيسي في زيادة الفجوة بين الأندية الغنية والفقيرة، وبين أندية النخبة والأندية الأصغر.
ووفقا لدراسة أجريت عام 2021، تسبب قانون بوسمان في زيادة القدرة التنافسية للمنتخبات الوطنية الأوروبية، لأنه شجع على تنمية المواهب بشكل أكبر، لكن في المقابل قلل من شدة المنافسة في دوري أبطال أوروبا، وذلك بسبب ميل الفرق الصغيرة لبيع أفضل لاعبيها بدلا من التنافس ضد الفرق الأقوى.
نهاية مأساوية لبوسمان
وعلى الرغم من الانتصار القانوني، واجه بوسمان صعوبات مالية كبيرة بعد المحاكمة التاريخية، وقال في مقابلة عام 2011 إن التعويض الذي حصل عليه من اتحاد اللاعبين المحترفين "FIFPRO" تم إنفاقه كله تقريبا على تكاليف التقاضي، مما أدى في النهاية إلى إفلاسه.
من أجل دفع ضرائبه اضطر بوسمان لبيع منزله وسيارته من طراز "بورش كاريرا" وعانى طويلا من أجل العثور على عمل بعد انتهاء مسيرته الكروية عام 1995 مع نادي أولمبيك شارلروا البلجيكي، وسقط فريسة للاكتئاب وإدمان الكحول.
ومنذ عام 2015، يعتمد بوسمان بشكل كلي على المساعدات المقدمة له من اتحاد اللاعبين المحترفين.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTkyIA== جزيرة ام اند امز