بوتفليقة في ذكرى تنحيه.. هجرته السلطة فعاش وحيدا
أين يعيش بوتفليقة؟ وكيف يقضي يومياته؟ ومن يلتقي؟
بعيدا عن السلطة التي تشبث بها طويلا، يجلس الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وحيدا في منزله الكائن بالقرب من العاصمة.
"بوتف"، هكذا يحلو لمواطنيه تسميته، اضطر للتنحي عن السلطة في مثل هذا اليوم الثاني من أبريل/نيسان عام ٢٠١٩، تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة على ولاية رئاسية خامسة للرجل رغم مرضه الذي أقعده على كرسي متحرك.
وفاز بوتفليقة بولايته الأولى عام 1999، ثم أعيد انتحابه في 2004 و2009 و2014، ولهذا اعتقد النظام أن الولاية الخامسة كانت مضمونة. لكن حسابات الشارع كانت غير ذلك.
وبعد عقود من اعتلائه كرسي الحكم، ثم اختفائه تقريبا من العلن جراء إصابته بجلطة عام ٢٠١٣، لم يظهر بوتفليقة منذ أن أجبره الشارع والجيش على الاستقالة من الحكم الذي تعلق به حتى الدقيقة الأخيرة.
بيْد أنه في ذلك اليوم الذي تنحى فيه، ظهر الرجل للمرة الأخيرة على شاشة التلفزيون يعلن استقالته، بعد أن كان يعتبر نفسه أنه "الجزائر بأكملها".
قصر المتوسط
فمنذ 2013، لم يغادر الرئيس المستقيل الذي بلغ من العمر 83 عاما، منزله في زرالدة المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إلا نادرا.
يقول مصدر في محيط بوتفليقة إن الأخير يعيش في منزله محاطا بشقيقته وفريق طبي.
ووفق أستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة الجزائر محمد هناد، فإن بوتفليقة لا يزال "يتمتع بجميع الامتيازات" التي يؤمنها له منصبه السابق.
لكن لا شيء تقريبا يتسرب عن تفاصيل الحياة اليومية للرئيس السابق.
وكانت آخر مرة يتم الحديث عنه بشكل رسمي، في 12 ديسمبر/كانون أول الماضي، حين بثت وسائل الإعلام صورة بطاقة هويته عندما تقدم شقيقه ناصر للانتخاب نيابة عنه.
وعلى ذمة مؤلف آخر سيرة ذاتية لبوتفليقة، الصحفي الجزائري فريد عليلات، فإن الرجل "يستقبل القليل من الزوار في منزله".
ويقول عليلات في مقابلة نشرتها الأسبوعية الفرنسية "لوبوان"، الشهر الماضي، إن بوتفليقة لا يزال مقعداً على كرسيه المتحرك، علما أنه غير قادر على الكلام بسبب مرضه.
مستدركا "لكنه يدرك كل ما يجري في الجزائر".
ولم يسبق لرئيس جزائري أن بقي في الحكم المدة التي حكم فيها عبدالعزيز بوتفليقة، لكنه سيبقى الرئيس الوحيد الذي أسقطه الشارع بعد أن بقي متشبثا بالسلطة رغم مرضه.
من المنزل للسجن
وبعيدا عن منزل الرئيس السابق يقبع في السجن شقيقه سعيد، الذي كان مستشاره الأول بل وصل وصفه حد "الرئيس الثاني" مع تدهور صحة أخيه.
واعتقل سعيد في مايو/أيار 2019 وحكم عليه بالسجن 15 سنة، بتهمة "التآمر ضد الجيش وسلطة الدولة".
وهي التهمة نفسها التي وجهها قائد الجيش الراحل قايد صالح، لكل من رئيس المخابرات السابق الفريق المتقاعد محمـد مدين (المعروف باسم الجنرال توفيق) وخليفته عثمان طرطاق وسعيد بوتفليقة.
ألبوم وطن
وما بين أبريل ٢٠١٩ وأبريل ٢٠٢٠ تحركت مياه كثيرة وحشود جزائرية غفيرة لم تراوح مكانها لإسقاط كامل النظام، قبل أن يأتيها فيروس كورونا زاحفا ويعيدها من الساحات للمنازل إلى حين زوال خطر الوباء.
وفي عزلتهم المنزلية يجد الجزائريون فسحة يُقلبون فيها ألبوم ذكريات الوطن مع بوتفليقة.
ففي هذه الصورة يظهر الشاب صاحب الـ26 عاما وأصغر وزير خارجية في العالم.
وفي الصورة التالية، بوتفليقة القائد كثير الحركة في بلاده والعالم.
وها هو الخطيب المؤثر الذي لا يظهر للعلن إلا ببزة أنيقة.
وها هو الطاعن في الكبر.. المنعزل في قصره يقلب هو الآخر مع كل موجة من البحر شريط حياته التي أفناها في خدمة الوطن.