تسخير الفوضى.. كيف يحول الدماغ العشوائية إلى ذاكرة قوية
اكتشف باحثون أن الدماغ قد يستفيد من التقلبات العشوائية في نشاطه للقيام بعمليات حسابية مفيدة.
اكتشف باحثون في كلية الهندسة بجامعة كولومبيا أن الدماغ قد يستفيد من التقلبات العشوائية في نشاطه للقيام بعمليات حسابية مفيدة، خاصة في المهام التي تعتمد على الذاكرة، وهذا الاكتشاف يغير المفهوم التقليدي عن الضوضاء العشوائية، التي كانت تُعتبر عادةً تدخلًا غير مرغوب فيه.
ونُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم في 16 يناير، حيث يرى الفريق البحثي أنها قد تفتح آفاقًا لتطوير تقنيات ذكية وأكثر مرونة.
ويقول البروفيسور نوتيدا رونجراتساميتاويمان، الأستاذ المساعد في الهندسة الطبية الحيوية بجامعة كولومبيا وقائد الفريق البحثي: "على الرغم من أن نشاط الدماغ مليء بالتقلبات العشوائية وغير المتوقعة، إلا أن الدماغ يبرع في العمليات الإدراكية مثل الذاكرة واتخاذ القرار، لذا، كان السؤال: هل الضوضاء تعيق أم تساعد؟"
وتشير الأبحاث السابقة حول الأنظمة الاصطناعية التي تحاكي الدماغ، والمعروفة بالشبكات العصبية، إلى أن إدخال الضوضاء العشوائية يمكن أن يعزز من أدائها في تعلم المهام.
ومع ذلك، كانت هذه الدراسات تقتصر على نماذج بسيطة، مما أثار تساؤلات حول دور هذا التأثير في الدماغ الحقيقي.
وفي هذه الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتطوير نماذج أكثر واقعية للشبكات العصبية تحاكي عمل الخلايا العصبية المثيرة والمثبطة التي تتحكم في النشاط الكلي للدماغ.
الضوضاء تساعد على الاستقرار
وعند إدخال الضوضاء العشوائية في هذه النماذج أثناء التدريب، اكتشف الفريق أن الضوضاء قد تكون عنصرا أساسيا في كيفية قيام الدماغ بعمليات معقدة مثل الذاكرة.
ووجدوا أن الضوضاء تزيد من الوقت الذي تستغرقه الروابط بين الخلايا العصبية المثبطة والآخرين في التراجع، مما يعزز استقرار الأنماط العصبية المرتبطة بالذاكرة ويساعدها على البقاء لفترة أطول.
ويقول رونجراتساميتاويمان: "الدماغ لا يتجاهل الضوضاء بل يتعامل معها، حيث يدمج العشوائية لتثبيت الذاكرة."
تطبيقات مستقبلية
يرى الباحثون أن هذه النتائج قد تسهم في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قدرة على التعامل مع التغيرات والظروف غير المتوقعة، مثل الروبوتات التي تعمل في بيئات ديناميكية أو أدوات الرعاية الصحية التي تتابع التغيرات الطفيفة في بيانات المرضى على المدى الطويل.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه النتائج أن تسهم في فهم كيفية تأثير التقلبات العشوائية في الدماغ على الإدراك البشري، سواء في الظروف الصحية أو في أمراض مثل الزهايمر والفصام واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه .
خطوات قادمة
يخطط الفريق البحثي لاستكشاف دور الضوضاء في مهام إدراكية أخرى مثل الانتباه واتخاذ القرار ومعالجة المدخلات الحسية المعقدة، بالإضافة إلى تطوير تقنيات تحفيز الدماغ التي قد تستفيد من التقلبات الطبيعية لتحسين الذاكرة لدى المرضى الذين يعانون من إعاقات معرفية.
aXA6IDE4LjE4OC45Ni43NiA= جزيرة ام اند امز