«مناطق حرب».. «معركة برازيلية» لإغاثة المتضررين من الفيضانات
تخوض السلطات في البرازيل سباقا مع الزمن لإغاثة المتضررين جراء الفيضانات المدمّرة التي تضرب جنوب البلاد خصوصا ولاية ريو غراندي دو سول,
ومن الصور الملتقطة من الجو وعمليات الإنقاذ الجارية على الأرض، تبدو أحياء غارقة في مياه غمرتها بالكامل، ما يعكس الأضرار الفادحة في جنوب البلاد حيث ارتفع منسوب المياه إلى حد غمر منازل بأكملها، وأفقد السكان كلّ ما يملكون خلال دقائق، بينما غرقت بالمياه شوارع عاصمة الولاية بورتو أليغري التي يقطنها نحو 1,4 مليون نسمة.
وتمت تعبئة أكثر من ثلاثة آلاف عنصر بين جنود ورجال إطفاء وعمّال إنقاذ لإغاثة السكان وسط حال من الفوضى، وللبحث أيضا عن نحو مئة مفقود، وفقا لأحدث تقييم للدفاع المدني.
وقال حاكم الولاية إدواردو ليتي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وعدد من الوزراء إن "ولايتنا هي منطقة حرب ويتعين علينا أيضا معالجة تداعيات ما بعد الحرب".
وزار الرئيس البرازيلي الأحد الولاية التي تتميز بالإنتاج الزراعي والبالغ عدد سكانها نحو 11 مليون نسمة، للمرة الثانية خلال بضعة أيام.
وإلى جانب الحاكم الذي كان كان اعتبر أن الولاية تحتاج الى "خطة مارشال" لإعادة إصلاح ما تضرّر، في إشارة إلى خطة إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، تعهّد الرئيس البرازيلي "تسريع إتاحة كل الوسائل الضرورية" لإعادة الإعمار.
تضامن
وتتزايد الدعوات لتقديم تبرعات للنواحي الـ334 المتضررة، وكذلك التحركات التضامنية.
في بورتو أليغري يشارك التاجر إدواردو بيتانكور البالغ 36 عاما مع آخرين ضمن فريق تطوعي في عمليات إغاثة السكان المحاصرين بالمياه.
وقال في تصريح لوكالة فرانس برس "الأمور معقّدة جدا، نساعد من يمكننا مساعدتهم".
وتعمل فرق الجيش على إقامة مستشفيات ميدانية لاستقبال مئات المرضى الذين تعين إجلاؤهم من مراكز طبية.
وكل المرافق متضررة، من المدارس إلى السجون، وكذلك كل البنى التحتية.
ونحو 70 بالمئة من أنحاء بورتو أليغري ونطاقها الإداري محرومة من المياه، كما أن كانواس وغوايبا وإلدورادو الواقعة ضمن نطاقها مغمورة تماما بمياه الفيضانات.
وارتفع منسوب نهر غوايبا إلى 5,30 أمتار ليتجاوز بذلك الرقم القياسي المسجل في فيضانات العام 1941 والذي بلغ 4,76 أمتار، وفق رئاسة البلدية.
وأكدت روزانا كوستوديو، وهي ممرضة في السابعة والثلاثين اضطرت لمغادرة منزلها، أنها "خسرت كل شيء".
وأضافت لوكالة فرانس برس في رسالة عبر تطبيق واتساب "قرابة منتصف الليل الخميس، بدأ مستوى المياه بالارتفاع بشكل سريع للغاية".
وتابعت: "خرجنا بسرعة بحثا عن مكان آمن. لكننا لم نتمكن من السير.. وضع زوجي طفلتينا في قارب مطاطي صغير وقام بالتجذيف مستخدما القصب، بينما سبحنا أنا وابني حتى آخر الشارع".
ولجأت العائلة إلى منزل شقيق زوجها بشمال بورتو أليغري، لكنها اضطرت مجددا إلى النزوح بعدما بلغت المياه مناطق جديدة.
وأوضحت كوستوديو "أنقذنا مركب عامل بمحرك يعود لأصدقائنا"، مؤكدة أنهم باتوا في مأمن "لكننا فقدنا كل ما كنا نملكه".
وبينما تراجعت كمية المتساقطات خلال ليل السبت الأحد، يتوقع استمرار هطول الأمطار خلال الساعات الـ24 الى 36 المقبلة، مع تحذير السلطات من حدوث انزلاقات أرضية.
وفق السلطات اضطر نحو 90 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم، وهناك أكثر من مليون مسكن بلا مياه، بسبب الفيضانات التي تضرب جنوب البرازيل منذ أيام. وهناك 17 ألف شخص قصدوا ملاجئ أقامتها سلطات الولاية.
في الفاتيكان، عبّر البابا فرنسيس الأحد عن تضامنه من سكان الولاية قائلاً "أؤكد صلواتي من أجل سكان ولاية ريو غراندي دو سول في البرازيل، المتضررين من الفيضانات الكبرى. ليقبل الرب الموتى ويعزي أفراد عائلاتهم والذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم".
ظواهر مناخية قصوى
في كل أنحاء الولاية تتكرر المشاهد: عائلات تنتظر على سطوح المنازل وصول فرق الاغاثة، وقوارب صغيرة تجول في شوارع وجادات غمرتها المياه بالكامل.
لكن في مؤشر يدل على بعض الانفراج، انحسرت الأمطار بشكل كبير الأحد، لكن السلطات تحذّر من مخاطر الانزلاقات الأرضية.
وبورتو أليغري معزولة من جراء الفيضانات أكثر من أي وقت مضى عن باقي أنحاء البرازيل.
وغمرت المياه المحطة الرئيسية للحافلات وتسببت بتعليق الرحلات في مطار بورتو أليغري الدولي اعتبارا من الجمعة ولأجل غير مسمّى.
وقال الخبير البرازيلي في شؤون المناخ فرانسيسكو إليزو أكينو لوكالة فرانس برس إن الأمطار الغزيرة يعزّزها "مزيج كارثي" من التغير المناخي وظاهرة إل نينيو وظواهر قصوى أخرى.
وسبق أن تعرضت ريو غراندي دو سول مرارا لفيضانات مميتة، ولا سيما في سبتمبر حين قضى 31 شخصًا في مرور إعصار مدمّر.