رسالة «مهمة» من قادة «بريكس» بشأن الرسوم الجمركية «العشوائية»
المسودة لا تذكر الولايات المتحدة أو ترامب بالاسم

يتوقع أن يناقش قادة بريكس خلال اجتماعهم اليوم الأحد في البرازيل، الرسوم الجمركية العشوائية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتنطلق اليوم في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل أعمال قمة بريكس السنوية التي تستمر يومين، وهو أول اجتماع للكتلة منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. إذ إن بعض التعريفات الجمركية العقابية التي فرضتها إدارة ترامب استهدفت أعضاء بريكس — حتى أن ترامب هدد بفرض تعريفات بنسبة 100% أو 150% إذا حاولت الكتلة إطلاق عملة مشتركة أو تقويض مكانة الدولار بوصفه الاحتياطي الرئيسي العالمي.
وأوضح تقرير نشره موقع "آي تي في بهرات" الهندي أنه من المتوقع أن يناقش قادة مجموعة بريكس، خلال اجتماعهم في ريو دي جانيرو اليوم الأحد، الرسوم الجمركية "العشوائية" التي فرضتها واشنطن. وقد عبّرت دول المجموعة عن "قلق بالغ" إزاء الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على الواردات، وفق مسودة بيان القمة.
ورغم أن المسودة لا تذكر الولايات المتحدة أو ترامب بالاسم، فإنها تمثل رسالة سياسية واضحة موجهة إلى واشنطن من جانب 11 دولة ناشئة.
وجاء في النص: "نعرب عن قلقنا الشديد من تصاعد الإجراءات الأحادية، الجمركية وغير الجمركية، التي تشوه التجارة وتتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية". كما حذّر من أن هذه الإجراءات "تهدد بتقليص التجارة العالمية" و"تؤثر على آفاق التنمية الاقتصادية العالمية".
الأنظار إلى بريكس
مع تآكل النظام الدولي المتعدد الأطراف واقتراب انتهاء مهلة التجميد التي فرضتها إدارة ترامب على الرسوم الجمركية العالمية في 9 يوليو/تموز، تتعرض التجارة العالمية والأمن والحوكمة لمزيد من التحديات وعدم اليقين.
وقال تقرير نشره موقع التلفزيون الصيني إنه في هذا السياق، تتجه الأنظار إلى قمة البريكس السابعة عشرة في ريو دي جانيرو بالبرازيل، لمعرفة الاستراتيجية التي ستتبناها هذه الكتلة البارزة في الجنوب العالمي للحد من التوترات وتحقيق نظام دولي عادل ومتوازن. ومن المتوقع أن تضع القمة خططًا لتقليل الحواجز التجارية، وتعزيز مرونة سلاسل الإمداد، وتوسيع التجارة بين دول البريكس، وتعميق التكامل الاقتصادي.
والبريكس، التي باتت تضم 11 دولة عضواً، تمثل حوالي 48.5٪ من سكان العالم، و39٪ من الناتج المحلي الإجمالي (بحسب تعادل القوة الشرائية)، و24٪ من التجارة الدولية. كما تضم 10 دول شريكة، مما يجعلها تكتلاً عالميًا مؤثرًا يمتلك ثقلًا ديموغرافيًا واقتصاديًا كبيرًا يمكّنه من إحداث توازن في الاقتصاد العالمي.
وتسعى البريكس إلى إصلاح المؤسسات الدولية القائمة بدلًا من تقويضها، وتعزيز التعددية القائمة على احترام سيادة الدول، ورفض الحمائية، وتشجيع استخدام العملات الوطنية في التجارة، في ظل التغيرات المتسارعة في السياسة الأمريكية. رؤيتها لإصلاح النظام العالمي، وتعزيز السلام، وتقليص الفقر وعدم المساواة، باتت تجد صدى حتى في أوساط المفكرين الغربيين.
وترى كثير من دول الجنوب العالمي أن النظام الدولي الحالي لا يخدم مصالحها، كما تجلّى ذلك في أزمة احتكار لقاحات كوفيد-19 من قِبل الدول الغنية، والصراعات في أوكرانيا وغزة، مما زاد من المطالب بإرساء العدالة في النظام العالمي.
توسيع التجارة
وتعتبر بعض الدول الانضمام إلى البريكس خطوة استراتيجية لتوسيع التعاون مع الدول النامية الأخرى وتسريع التنمية والبنية التحتية والطاقة، رغم التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100%.
وقد تخطت التجارة البينية بين دول البريكس تريليون دولار، بينما يُتوقع أن يبلغ معدل نمو التكتل 3.4% في 2025، متجاوزًا المتوسط العالمي البالغ 2.8%. كما موّل بنك التنمية الجديد التابع للبريكس أكثر من 120 مشروعًا بقيمة 39 مليار دولار في مجالات رئيسية كالبنية التحتية والنقل والطاقة النظيفة.
وتمتلك دول البريكس بعد توسعها نحو 42% من إنتاج الغذاء العالمي، و33% من الأراضي الزراعية، و39% من الموارد المائية، وأكثر من 40% من إنتاج النفط. هذه الموارد جعلت منها قوة اقتصادية وتكنولوجية متكاملة.
وتشمل المبادرات المهمة للبريكس "ترتيب الاحتياطي الطارئ" لدعم الدول في أزمات ميزان المدفوعات، و"استراتيجية الشراكة الاقتصادية 2030" التي تركز على تسهيل التجارة وربطها بالاستدامة، و"شراكة الثورة الصناعية الجديدة" التي تعزز الابتكار والتعاون التكنولوجي.
وبحسب التقرير، فإن الصين تمثل عنصرًا محوريًا في التكتل؛ حيث ارتفعت تجارتها مع باقي دول البريكس بنسبة 5.1% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، لتصل إلى 648 مليار دولار. كما تُعد الشريك التجاري الأكبر ومصدرًا رئيسيًا للاستثمار، وتدعم مبادرة الحزام والطريق جهود التكامل بين أعضاء البريكس.
ورغم الانتقادات التي توجه للبريكس بأنها تسعى لتقويض المؤسسات التي يهيمن عليها الغرب، فإن هدفها المعلن هو إصلاحها وزيادة تمثيل الجنوب العالمي في الحوكمة الدولية، وإشراك الدول المهمّشة في صناعة القرار.
وفي ظل تصاعد الأزمات الأمنية وتعقيد الأوضاع الجيوسياسية، تؤكد دول البريكس التزامها بمبدأ عدم التدخل، واحترام القانون الدولي، واعتماد الحوار والدبلوماسية لحل النزاعات.
وإذا نجحت دول البريكس في تجاوز خلافاتها وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، فإنها ستكون قادرة على الصمود في وجه التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، وتقديم بديل مستقر ومتعدد الأطراف في عالم مضطرب.
وفي ظل فشل بعض القوى الكبرى في استيعاب المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي، يمكن لقادة البريكس أن يسهموا في حماية اقتصاداتهم من النزعات التجارية المتطرفة والمساهمة في بناء نظام عالمي أكثر عدالة وتوازنًا.