انتخابات بريطانيا.. «العمال» يتأهب للنصر وسوناك «سيقاتل للنهاية»
عشية الانتخابات، ورغم إقراره بضعف فرص المحافظين، أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، تمسكه بالقتال من أجل الفوز «حتى صافرة النهاية».
وكرر سوناك الرسالة في حدث أخير بعد 24 ساعة في هامبشاير بجنوب بريطانيا، قائلاً لأنصاره: "لم ينته الأمر حتى تنطلق صافرة النهاية يا أصدقائي، وأنا أقول لكم أيضا إن هذا المنافس الذي يعتقد أن حظوظه ضئيلة سيقاتل حتى صافرة النهاية".
- انتخابات بريطانيا.. هل «يسقط» سوناك بـ«ثغرات» الـ100 يوم الأولى؟
- إطلالة قبل يوم تاريخي في بريطانيا.. جونسون يحشد للمحافظين
وخلال الساعات الأخيرة بذل القادة السياسيون في بريطانيا جهودا محمومة لحشد الأصوات حتى وقت متأخر الأربعاء، قبل انتهاء الحملات الانتخابية.
«العمال» يستعد للفوز
وستنطلق، صباح الخميس، الانتخابات التي يتوقع أن تأتي بحكومة من حزب العمال بعد 14 عاما من حكم المحافظين.
وأظهرت موجة استطلاعات الرأي الأخيرة أن حزب المحافظين الحاكم في طريقه لتلقي هزيمة قياسية أمام حزب العمال.
وعشية الانتخابات تلقى المحافظون ضربة قوية أخرى مع إعلان صحيفة "ذا صن" المعروفة بتأييدها للفائزين، دعمها لكير ستارمر.
وبعد 6 أسابيع من الحملات و14 عامًا من حكم المحافظين الذي شهد تعاقب 5 رؤساء وزراء بينهم 4 اضطروا للاستقالة، من المتوقع أن تصوت البلاد لصالح "يسار الوسط" وأن توصل ستارمر إلى داونينغ ستريت.
والأربعاء، كتبت صحيفة "ذا صن" المملوكة لأسرة الملياردير الأسترالي الأمريكي روبرت مردوخ "حان وقت التغيير، حان وقت حزب العمّال".
وكانت الصحيفة أيّدت في العام 1997 حزب العمّال خلال انتخابات فاز فيها توني بلير، بعدما كانت من جهة المعارضة طوال 18 عامًا. وأيّدت المحافظين على رأسهم ديفيد كاميرون قبل فوزه في العام 2010.
وعلى الرغم من افتتاحياتها التي تميل نحو اليمين، كان من الصعب على الصحيفة الشعبية أن تفوّت تغيير الحقبة الوشيك والهزيمة المعلنة للمحافظين الذين يرأسهم ريشي سوناك.
وحتى الإطلالة المفاجئة لرئيس الوزراء السابق بوريس جونسون خلال تجمع انتخابي للمحافظين مساء الثلاثاء في لندن، يبدو أنها لن تُحدث فرقًا.
وجونسون الذي لا تربطه علاقات جيدة مع رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك بقي حتى الآن بعيدا من الحملة وظهوره الثلاثاء شكّل مفاجأة.
وقال "إذا كنتم تريدون فعلًا زيادة الضرائب.. إذا كنتم تريدون هجرة غير خاضعة للرقابة وإذا كنتم تريدون الخنوع غير المجدي لبروكسل، صوّتوا لحزب العمال الخميس".
وجاب ستارمر (61 عاما) البلاد في محاولة للتحذير من الإفراط في الثقة في الساعات المتبقية من الحملة.
وقال للصحفيين على متن الطائرة نفسها التي كانت تستعدّ لنقل منتخب بريطانيا لكرة القدم لخوض منافسات بطولة أوروبا في ألمانيا إنّ "ما قلته للفريق هو أنه لا ينبغي لأحد أن يشعر بالرضا عن النفس".
وأضاف ستارمر ضاحكا، أنه "يأمل ألا يعود الفريق إلى الوطن في أي وقت قريب"، في إشارة لإظهار دعمه لاستمرار الفريق بالفوز حتى حصد اللقب.
وتابع: "حزب العمال يقوم بالكثير من الاستعدادات" للحكم ولن نريد فترة سماح. سنبدأ على الفور".
«مستعدون للتغيير»
ولا تسود أجواء تفاؤل أو أمل مفرط، لكنّ البريطانيين على استعداد لمنح فرصة لكير ستارمر زعيم حزب العمال المتقشف وغير المعروف كثيرًا والبالغ 61 عامًا.
وبعد سنوات صعبة عاش خلالها البريطانيون تجربة خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي وأزمة اقتصادية واجتماعية وانتشار كورونا، وفضائح وعدم استقرار سياسي مع تعاقب 3 رؤساء وزراء محافظين عام 2022 و5 منذ عام 2010، يتطلّع الناخبون إلى أمر واحد فقط، هو التغيير.
وعمد كبار شخصيات المحافظين وفي مقدمهم سوناك إلى دعوة الناخبين لعدم إعطاء "غالبية كبرى" للعمال في مجلس العموم.
وقال وزير العمل ميل سترايد وهو أحد أبرز داعمي حملة سوناك في تصريح لإذاعة "تايمز راديو" الأربعاء: "نحن على الأرجح عشية أكبر فوز (عمالي) شهدناه على الإطلاق".
وكتبت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان في صحيفة تلغراف "لقد انتهى الأمر، وعلينا أن نستعد لواقع المعارضة والإحباط الذي تخلفه".
«لا عصا سحرية»
وستارمر محام سابق مدافع عن حقوق الإنسان شغل منصب المدعي العام قبل أن يُنتخب نائبًا قبل 9 سنوات.
ويفترض أن يصبح رئيسًا للوزراء لأن هذا المنصب يتولاه عادة رئيس الحزب السياسي الذي يحصل على غالبية المقاعد في الانتخابات التشريعية.
ولا يتمتع كير ستارمر بشخصية كاريزمية ولا يحظى بشعبية كبيرة، وهو تحرك بحذر وحافظ حتى على الغموض خلال الحملة الانتخابية، حرصًا منه على الحفاظ على تقدم حزبه بفارق 20 نقطة على المحافظين.
أما وعوده فبقيت محدودة، وحذّر من أنّ حزب العمال لا يملك "عصا سحرية".
لكن هذا الرجل الآتي من طبقة متواضعة إذ عمل والده في مصنع للأدوات ووالدته في التمريض، يتحدث عن النزاهة والأمانة في السياسة، ولطالما ردّد: "البلاد أولا، ثم الحزب".
القوميون.. «أمل باختراق»
وبين مصادر القلق الرئيسية للناخبين، الاقتصاد وتدهور خدمة الصحة العامة والهجرة.
وجعل حزب الإصلاح البريطاني القومي وزعيمه نايجل فاراج الذي يحاول للمرة الثامنة أن ينتخب لعضوية مجلس العموم، من هذا الموضوع الأخير محور معركته وربطه بكل المشاكل التي تعانيها بريطانيا مثل نقص السكن وصعوبة تلقي العلاج الطبي وعدم توافر فرص عمل لبعض الشباب.
ودخل فاراج السباق الشهر الماضي ما أدى مباشرة الى تعزيز نوايا التصويت لحزبه الذي بات يحل خلف حزب المحافظين وحتى تقدم عليه في بعض استطلاعات الرأي.
ويحظى هذا النائب الأوروبي السابق البالغ 60 عاما والمعجب بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وكان مؤيدا على الدوام لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بفرصة جيدة ليتم انتخابه في كلاكتون أون سي، المدينة الساحلية شرق لندن.
من جهته، بذل ريشي سوناك، رئيس الوزراء منذ عشرين شهرا خلفا لليز تراس التي اضطرت إلى الاستقالة بعد 44 يوما في داونينغ ستريت، كل جهوده لتجنب الكارثة المحدقة بحزبه. فقد أعلن عن خفض الضرائب ووعد بأيام أفضل مع التحذير من زيادة هائلة للضرائب في ظل حكومة حزب العمال.
لكنّ كلّ ذلك لم يعط النتائج المرجوة، وقد يواجه المحافظون أسوأ هزيمة في تاريخهم.
aXA6IDMuMTM3LjE3NS44MCA= جزيرة ام اند امز