بريطانيا بعد "البريكست".. ماذا بعد الوداع الأخير؟
المسلسل الأطول في التاريخ السياسي لبريطانيا يتجه رسميا نحو نهايته، محملا بسيناريوهات مختلفة لمرحلة ما بعد الطلاق.
ألف وثلاثمائة وسبعة عشر يوماً انقضت منذ صوّت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران 2016، وها هو المسلسل الأطول في التاريخ السياسي للبلاد يتجه رسمياً نحو نهايته، محمّلاً بسيناريوهات مختلفة لمرحلة ما بعد الطلاق.
وفي تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً بتوقيت جرينتش، تشهر المملكة المتحدة انفصالها عن تكتل القارة العجوز في نهاية مرحلة أولى كانت صعبة ومضنية، لتفعيل اتفاق الخروج أو ما يعرف بالبريكست (https://www.tickcounter.com/countdown/413523/brexit-countdown).
تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي نهائياً في سابقة تعتبر الأولى منذ تأسيسه، لكن المؤكد هو أن ما بعد الوداع الأخير يحمل في طياته مراحل أخرى مقبلة قد لا تقل تعقيداً عما سبقها.
مرحلة انتقالية
قطيعة جيوسياسية تبدأ تأثيراتها بالظهور منذ الأول من فبراير/شباط المقبل، وإن بشكل تدريجي، في وقت يؤكد فيه خبراء أن التداعيات الفعلية والملموسة لن تبدأ بالظهور إلا بحلول 2021.
وبدءاً من الغد، تدخل المملكة المتحدة في فترة انتقالية سيبقى خلالها خاضعاً لقواعد والتزامات الاتحاد الأوروبي، وذلك حتى نهاية العام، أي الوقت اللازم للتفاوض على شروط علاقته في المستقبل مع البلدان الـ27 المتبقية بالتكتل.
مرحلة يتوقع خبراء أنها ستكون معقدة، بما أنه سيتعين أن تتمكن خلالها لندن وبروكسل من تسوية النزاعات التجارية وطبيعة التعاون في مسائل الأمن والاستخبارات، ومعايير الطيران المدني، والوصول إلى المياه الدولية لصيد الأسماك، والمشاركة في برنامج تبادل الطلاب "إيراسموس"، وإمدادات الكهرباء والغاز وغيره.
ولمدة 11 شهراً على الأقل، ستواصل بريطانيا التي تعتبر ثاني أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا، في سداد مستحقاتها للتكتل الأوروبي، وكذلك تلقي حصتها، فيما يحتفظ المواطنون البريطانيون والأوروبيون بحرية الحركة الكاملة، في انتظار تفاصيل الحقوق المتبادلة التي يجرى التفاوض بشأنها.
من جانب الاتحاد الأوروبي، فإن التكتل سيشهد انطلاقاً من الأول من فبراير، بعض المتغيرات، فمع رحيل المملكة المتحدة، سيخسر لأول مرة منذ تأسيسه عضواً يعد من أكبر وأغنى أعضائه (تشكل 15% من قوته الاقتصادية).
ماذا بعد الوداع الأخير؟
وبرحيل بريطانيا، يخسر الاتحاد 66 مليون نسمة، ليتقلص عدد سكانه إلى نحو 446 مليون ساكن، كما سيخسر 5.5 في المائة من مساحته.
وفي مقر البرلمان الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، يبرز تغيير ملموس، حيث تصبح المملكة المتحدة الدولة التي كانت عضواً بالتكتل منذ 1973، دولة خارج الاتحاد، كما سيغادر نوابها الـ73 المنتخبون في مايو/أيار الماضي، مقر المؤسسة التشريعية للقارة العجوز.
وسيتم تخصيص 46 من هذه المقاعد البرلمانية للدول الأعضاء في المستقبل، فيما ستتم إعادة توزيع المقاعد الـ27 المتبقية على الدول الأعضاء.
وانطلاقاً من الغد، تفقد لندن رسمياً الحق في تقديم مرشح لمنصب المفوض الأوروبي، وبالفعل، لم يكن هناك ممثل بريطاني في السلطة التنفيذية الأوروبية منذ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ، حيث رفض رئيس الوزراء بوريس جونسون اقتراح اسم في المفوضية الجديدة. أيضاً لن تتم دعوة رئيس الحكومة البريطانية لحضور القمة الأوروبية، ولن يحضر أعضاء حكومته اجتماعات وزارية.
وستكون للبريطانيين أيضاً عملة معدنية جديدة قيمتها 50 بنساً صنعت خصيصاً بمناسبة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، تحمل عبارة "السلام والرخاء والصداقة مع كل الأمم"، وتاريخ الخروج.
aXA6IDMuMTM4LjY5LjM5IA== جزيرة ام اند امز