الخلايا الإخوانية.. خطر يواجه المرحلة الانتقالية بالسودان
اختراقات الحركة الإسلامية السياسية الإخوانية بالسودان، امتدت إلى أجهزة الخدمة المدنية التي تتعامل مباشرة مع السودانيين.
اعتراف قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة في السودان، رئيس الأركان المشتركة السابق هاشم عبدالمطلب، بانتمائه للحركة الإسلامية السياسية منذ أن كان ضابطاً برتبة ملازم، طرح تساؤلا مهما حول تغلغل خلايا تنظيم الإخوان الإرهابي داخل الأجهزة الرسمية للدولة السودانية، وخطورته في المرحلة الانتقالية.
ويرى خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن اختراقات الحركة الإسلامية السياسية الإخوانية بالسودان، لا تتوقف فقط على الأجهزة العسكرية والأمنية، بل تتمدد في جميع مؤسسات الدولة خصوصاً أجهزة الخدمة المدنية التي تتعامل مباشرة مع السودانيين.
وبحسب الخبراء، فإن هذه الجماعة الإرهابية يمكن أن تستغل عناصرها في إحداث الأزمات عبر تعطيل الخدمات، لشحنهم ضد السلطة الانتقالية، في خطوة تساعدهم على تمرير أجندتهم للعودة إلى السلطة مجدداً.
وكانت الحركة الإسلامية الإخوانية في السودان، خططت ونفذت انقلاب 30 يونيو/حزيران 1980 على الحكومة المنتخبة، وظل نظامها برئاسة المعزول عمر البشير يدير البلاد على مدى 30 عاما بطريقة ديكتاتورية، حتى تم إسقاطه بثورة شعبية في 11 أبريل/نيسان الماضي.
هذه الفترة كانت كافية لسيطرة التنظيم الإخواني على مفاصل الدولة السودانية ومؤسساتها الاقتصادية والمالية، بعد تشريد الموظفين وإحلال منسوبيهم مكانهم، ما أدى إلى اقتلاعهم من السلطة عبر ثورة شعبية.
هيكلة مؤسسات الخدمة
المحلل السياسي السوداني صلاح شعيب قال لـ"العين الإخبارية"، إن الحركة الإسلامية السياسية الإخوانية، ظلت الحاضنة الأساسية للسودان خلال الثلاثين عاما الماضية، وسيطرت على مناحي الحياة الاجتماعية عبر منظمات معلومة ومستترة.
وأضاف: "بهذا المعنى فإن كل عضويتها الناشطة في أجهزة الدولة السودانية، تمثل حالياً خلايا نائمة لتعويق أي إمكانية لتقعيد أهداف الثورة" وتعطيل مسار الفترة الانتقالية.
وأشار شعيب إلى خطورة هذه الخلايا الإخوانية النائمة على مستقبل الوضع السوداني، داعياً إلى ضرورة إعادة هيكلة جميع مؤسسات الخدمة المدنية السودانية وعلى رأسها الأجهزة النظامية، التي تضم عددا كبيرا من المنتمين للحركة الإسلامية الإخوانية.
وتابع" أعتقد أن الانقلاب الذي قام به رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مؤخرا، وبعده اعترف بولائه للحركة الإسلامية الإخوانية، منذ أن كان ملازما، يؤكد على عمق تجذر الإخوانجية في الأجهزة النظامية، وبالتالي هم يستطيعون أن يعوقوا الإصلاح الشامل من خلال وجودهم في هذه الأجهزة الحساسة".
الاتحادات المهنية.. حاضنة إخوانية
تعد الاتحادات المهنية في القطاعات المختلفة، أبرز حاضنة للخلايا الإخوانية، حيث ظل النظام السابق مسيطرا عليها بعد حل النقابات الشرعية وإلغاء قوانينها، وأنشأ بدلاً منها اتحادات مكونة من منسوبيه.
وأعلنت هيئة محامي دارفور في بيان، أن "النظام البائد لا زال مستمراً في نشاطه الدؤوب للانقضاض على مكاسب الثورة، من خلال المحاولات المتكررة عبر واجهاته داخل أجهزة الدولة السودانية لأجل الانقلاب والعودة بالبلاد إلى الدكتاتورية وعهد التيه والظلام".
ودعت الهيئة إلى "ضرورة الاستعجال في حل نقابات واتحادات النظام البائد، وعلى رأسها نقابات الصحفيين ونقابة المحامين ونقابة الأطباء واتحاد المرأة والاتحاد العام لعمال السودان والاتحاد العام للطلاب السودانيين وكتائب الظل والكتائب الجهادية والدفاع الشعبي".
وطالبت أيضاً "بحل المؤسسات والصناديق القائمة ووضع اليد مؤقتا على المفوضيات واتخاذ التدابير المناسبة لسد الفراغ، إلى حين تصحيح مجمل الأوضاع بواسطة الحكومة المدنية".
تعليمات بالتحرك
خلال الأيام الماضية، نشطت الخلايا الإخوانية ليس على مستوى القوات النظامية فحسب، بل كان على مستوى الطلاب بالجامعات السودانية، حيث برزت أنشطة وفعاليات للمجموعات الطلابية المسماة "الكتائب الجهادية" التابعة للنظام البائد.
وتعد الجامعات السودانية بؤرة الخلايا الإخوانية ومليشياتها المسلحة، فجميع إدارات الجامعات وموظفيها هم تابعون للحركة الإسلامية السياسية وجرى تعيينهم وفقاً للولاء التنظيمي لا الكفاءة.
كما أن اتحادات الطلاب بجميع الجامعات يسيطر عليها طلاب التنظيم الإخواني من خلال التزوير الانتخابي وتواطؤ الإدارات التابعة لهم.
وظلت المليشيات المسلحة المسماة "الوحدات الجهادية" طوال حكم النظام البائد، تمارس الإرهاب والعنف ضد الطلاب والأساتذة المخالفين سياسياً وفكرياً.
وأقامت هذه الكتائب خلال الأيام الأخيرة في أكثر من جامعة أنشطة تحت اسم "اتكاءة على بندقية"، في إشارة إلى أنهم سيستخدمون البندقية لحسم الخلافات السياسية والفكرية.
القطاع الآخر الذي تنتشر فيه خلايا الإخوان النائمة بحسب مصادر تحدثت لـ "العين الإخبارية" هو قطاع الكهرباء، حيث أسس الإخوان شركة منفصلة عن الوزارة مسؤولة عن توزيع الكهرباء.
وأكدت المصادر أن الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، تعتبر بؤرة خاصة بالإخوان قام بتعيينهم الإخواني أسامة عبدالله الذي تولى إدارة الكهرباء والسدود لفترة طويلة خلال عهد النظام البائد.
وأوضحت أن القطاعات المستمرة في الكهرباء بالعاصمة الخرطوم هذه الأيام، هي من افتعال هذه الخلايا الإخوانية في محاولة لتأليب السودانيين والرأي العام ضد السلطات القائمة.
ضرورات التطهير
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري بالسودان، د. محمد أحمد شقيلة، لـ "العين الإخبارية"، إن النظام البائد مكن عناصره في مفاصل الحكم بالسودان والتي تمثلها مؤسسات الخدمة المدنية والعسكرية، وذلك حتى يتسنى له التحكم في السلطة والموارد التي تعد الرافد الأساسي لتمويل تنظيم الإخوان الإرهابي.
وأضاف شقيلة، أن "هنالك عملية تطهير واسعة تطال الأجهزة العسكرية من عناصر النظام البائد، وسينتقل الأمر إلى الخدمة المدنية بمجرد تشكيل الحكومة الانتقالية".
وأوضح أن تفكيك الدولة السودانية العميقة في الخدمة المدنية من خلال تطهيرها من الإخوان، يمكن اتباعها بسن القوانين، حتى يتم قطع الطريق أمام عودتهم مرة أخرى.
وتابع شقيلة: "بحكم الوضع المدني المقبل يجب حل حزب المؤتمر الوطني كإحدى الخطوات الضرورية لتفكيك نظام المعزول عمر البشير، كما أنه بالقانون لن يسمح لهم بأي نشاط تحت اسم الحركة الإسلامية السياسية، فهي بوضعها بالحالي لا هي حزب سياسي ولا كيان اجتماعي.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن تطهير الخدمة المدنية من عناصر النظام البائد ومنع الحركة الإسلامية السياسية من ممارسة النشاط، لا يعني أن يتعرض عناصرها كأفراد إلى القمع أو الاضطهاد، بل إن كل ما يحدث هو عدم السماح لهم بالعمل كمنظومة ليست لها صفة قانونية.
aXA6IDE4LjE4OC45Ni4xNyA=
جزيرة ام اند امز