الإخوان والنظام الإيراني.. تاريخ من العلاقات والتآمر على الخليج
تربط جماعة الإخوان الإرهابية والنظام الإيراني علاقات تاريخية، زاد من قوتها اتفاقهما على استهداف أمن استقرار دول الخليج.
وقد دأب الطرفان على تحين أي فرصة لتحقيق أهدافهما المشتركة، لذا وجدا في تطورات القضية الفلسطينية فرصة للمتاجرة بها، والتحريض ضد دول الخليج، دون أن يقدم أي منهما دعما حقيقيا لمساندة القضية الفلسطينية.
في المقابل كانت الدول الخليجية وفي طليعتها السعودية والإمارات على رأس قائمة الدول الداعمة لفلسطين وقضيتها بمختلف السبل.
وإن كانت دول الخليج تنبهت لخطر نظام إيران الساعي لتصدير الثورة للدول المجاورة والتآمر ضدها منذ وقت مبكر، فإنها تنبهت في السنوات الأخيرة لخطر جماعة الإخوان الإرهابية، التي صنفتها العديد من دول الخليج على قوائم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها السعودية والإمارات.
مواجهات أمنية وسياسية
لجأت دول الخليج لمواجهة مؤامرات إيران على الصعيدين الأمني والسياسي، أمنيا أحبطت دول الخليج الكثير من العمليات والمؤامرات التي كانت تستهدف أمن واستقرار دول الخليج.
وسياسيا، تكاد تكون دعوة إيران للالتزام بحسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية بندا ثابتا في بيانات القمم الخليجية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي قبل نحو 40 عاما.
أما تنظيم الإخوان فتباينت سياسات دول الخليج في التعامل معه، وتحجيم خطره، وكانت الإمارات من الدول السباقة لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي وحظر أنشطته وتصنيفه على قوائم الإرهاب، ثم لحقت بها السعودية، ومؤخرا قامت الكويت باعتقال خلايا إخوانية مصرية على أراضيها.
وإن كان كل طرف بحد ذاته خطر، فيمكن إدراك حجم الخطر إذا توحدت جهود الطرفين. وبالفعل رصدت تسريبات وتقارير أمنية تعاونا مشتركا بين الطرفين للتآمر ضد دول الخليج.
تحالف الإثم والعدوان
تربط الإخوان والنظام الإيراني علاقات تاريخية، حيث سمح التشابه بين أفكار الإخوان وأيدلوجية النظام الإيراني في قم ومشهد، في التقارب المبكر بين الجماعة الإرهابية وإيران.
ويرى مراقبون أن أوجه التشابه بين طبيعة الاستبداد داخل البنية التنظيمية لجماعة الإخوان ونظام ولاية الفقيه لا تخفى على أحد، فكما يتحكم المرشد في اتباعه عبر مبدأ الولاء والطاعة التي لا تقبل المراجعة أو التعقل، يدمج المرشد الإيراني سلطته الروحية في حيز المجال السياسي.
كانت جماعة الإخوان أول من أيد ما سُمي بـ"الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979، وانتقدت السماح للشاه باللجوء السياسي في مصر.
كما طالبت الجماعة كل مسلمي العالم بالتأسي بمسلمي إيران، فكانت هذه الجماعة أول من ذهب إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرةً؛ لتهنئة المرشد الإيراني الخميني.
بالإضافة إلى ذلك نشرت الجماعة كتابا اسمه "الخميني الحل الإسلامي والبديل" ، والذي ذكر فيه أن "ثورة الخميني ليست ثورة فرقة إسلامية ضد الفرق الأخرى، بل هي مركز القيم والمعتقدات المشتركة والتي توحد عليها كل المسلمين".
وقبل قيام "ثورة الخميني" عام 1979 وإقامة الاستبداد تحت راية "ولاية الفقيه"، كانت الأفكار التنظيمية لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، وتصوره عن حركته تتشابه لحد بعيد مع البنية المذهبية لإيران فضلا عن نظامها السياسي لاحقا.
ومع رواج فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية تأسست في القاهرة عام 1947 جماعة التقريب بين المذاهب التي كان أحد أعضائها حسن البنا، الذي كان قد رسخ وجود جماعته خلال السنوات العشرين السابقة على لقائه بالمرجع الشيعي محمد تقي القمي.
ويؤكد مرشد الإخوان الأسبق عمر التلمساني العلاقة بين الإخوان ونظام ولاية الفقيه، قائلا إنها: "بدأت في العقد الأربعين، حين التقى محمد تقي القمي بحسن البنا لمرات متعددة".
وحرص مرشدو الإخوان تباعاً على التعامل الإيجابي مع إيران، كما دعم الإخوان حق إيران في امتلاك السلاح النووي واعتبروه حقاً مشروعاً لها .
وفي عهد مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، كان للجماعة الإرهابية مواقف داعمة لإيران، مما أثار حفيظة الدول العربية.
وفي 3 يناير/كانون الثاني 2020 ، بعد مقتل قاسم سليمانى القائد السابق لمليشيا فيلق القدس، التابعة للحرس الثوري الإيراني، المصنف إرهابيا، والمتورط في إراقة دماء الكثير من الأبرياء حول العالم، وخصوصا في سوريا واليمن والعراق ولبنان، جاء وقوف قيادات الإخوان وحركة حماس فى مراسم عزاء سليمانى، ليبكوه ويطلقوا عليه وصف "شهيد القدس"، رغم ما قام به، لتفضح العلاقة الآثمة بين الطرفين.
مؤامرات تحالف الشر
قبل ذلك، خلال فترة ما سمي بالربيع العربي، برز بشكل واضح تحالف الإخوان والنظام الإيراني للتآمر ضد دول المنطقة وإسقاط الأنظمة العربية واحد تلو الآخر.
وكشفت وثائق سرية عن مليشيا الحرس الثوري الإيراني عقد لقاءات سرية مع أعضاء بتنظيم الإخوان الإرهابي، بهدف بحث إمكانية تشكيل تحالف ضد المملكة العربية السعودية.
وقال موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، في نوفمبر 2019، إن برقية سرية حصل عليها ضمن مئات الوثائق الاستخباراتية الإيرانية المسربة أظهرت أن عناصر من مليشيا "فيلق القدس" عقدت اجتماعا سريا مع أعضاء بتنظيم "الإخوان" في أبريل/ نيسان عام 2014 في فندق تركي للبحث عن أرضية مشتركة والتعاون فيما بينهم.
وقال ممثلو تنظيم الإخوان، خلال الاجتماع السري، إن أحد أهم الأشياء التي تشترك فيها إيران والإخوان "كراهية المملكة العربية السعودية"، وربما يمكن للجانبين توحيد صفوفهم ضد السعودية.
واتفق الطرفان على استخدام اليمن ورقة ضغط على الرياض، فمع تأثير إيران على الحوثيين ونفوذ الإخوان على بعض الفصائل القبلية المسلحة باليمن، ينبغي بذل جهد مشترك لتخفيف حدة الصراع بين الحوثيين والقبائل لتكون قادرة على استخدام قوتها ضد السعودية.
وتأكيدا لاستمرار تلك المؤامرات، نقلت جريدة "اندبندنت عربية" عن مصادر أمنية مصرية في وقت سابق، إن "التحقيقات المكثفة وتتبع نشاط التنظيم دولياً أديا إلى معرفة مساعي التنظيم بتشكيل خلايا من عناصر شديدة الخطورة في عدد من الدول الخليجية لاستهداف أمنها واستقرارها، وذلك بالتعاون والتنسيق مع النظامين الإيراني والتركي".
وقال أحد المصادر، إن أغلب المعلومات التى تم جمعها جاءت في أعقاب التحقيقات المكثفة مع محمود عزت، القيادي في الجماعة ومرشدها العام بالإنابة منذ 20 أغسطس 2013، الذي كانت تلاحقه السلطات على مدار سبع سنوات وتم اعتقاله قبل شهور.
المصدر أضاف أن "الأجهزة الأمنية رصدت اتصالات متزايدة وأنشطة مشبوهة في الآونة الأخيرة بين عناصر من التنظيم بالحرس الثوري الإيراني في محاولة لإعادة إحياء التعاون والدعم بينهما بعد أن شهدا تضييقاً خلال السنوات الماضية".
ويرى مراقبون ومعنيون بشؤون الحركات الإسلامية، إن "استهداف استقرار وأمن دول الخليج باستثناء قطر، إحدى الأهداف الاستراتيجية لتنظيم الإخوان ، في محاولة للثأر من دعم تلك الدول للإطاحة بحكمهم في مصر في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) 2013".
حرب شاملة
في مواجهة تلك الأهداف الخبيثة، نشطت الجهود الخليجية لمحاربة كلا الخطرين.
على الصعيد الأمني قامت السعودية بجهود بارزة وحققت انتصارات نوعية متتالية في حربها ضد الإرهاب، تجلت بوضوح في ضرباتها المتلاحقة للإرهابيين والتي فضحت أيضاً الدول التي تدعمهم وترعاهم.
وفي هذا الصددد، كشفت رئاسة أمن الدولة السعودية إنه تم إحباط العديد من العمليات الإرهابية "كانت على وشك التنفيذ" بمواد تفجير بلغت 49 طنا.
أبرز تلك العمليات تم الكشف عنها، مساء 28 سبتمبر/ إيلول الماضي، بإعلان أمن الدولة السعودي القبض على خلية إرهابية تلقت عناصرها تدريبات عسكرية داخل مواقع للحرس الثوري في إيران.
وأعلن أمن الدولة السعودي القبض على عناصر هذه الخلية وعددهم 10 متهمين، 3 منهم تلقوا التدريبات في إيران، أما البقية فقد ارتبطوا مع الخلية بأدوار مختلفة، بالإضافة إلى "ضبط كمية من الأسلحة والمتفجرات مخبأة في موقعين.
كما تضررت السعودية من عمليات إرهابية، كانت تقف وراءها قيادات إخوانية سعودية، الأمر الذي دفعها إلى بذل جهود حثيثة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وجنبا إلى جنب مع الجهود الأمنية الناجحة في المملكة لمحاربة الإرهاب، تقوم السعودية بجهود دعوية بارزة لمحاربة التنظيمات الإرهابية فكريا، وعلى رأسها تنظيم الإخوان.
وكان المفتي العام للسعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، قد أصدر فتوى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأن جماعة الإخوان "ضالة ولا تمت للإسلام بصلة".
واستبق الفتوى بيان لهيئة كبار العلماء في السعودية، بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكدت فيه أن جماعة الإخوان تنظيم إرهابي لا يمثل منهج الإسلام، ودعت الجميع إلى "الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها".
وتأتي تلك الجهود الدعوية التي تنظم في مختلف مناطق السعودية ضمن استراتيجية شاملة، تستهدف توجيه ضربة قاضية لفلول تلك الجماعة الإرهابية، واجتثاث جذورها.
أما الإمارات فكانت من أوائل الدول التي انتبهت لخطر الإخوان، حيث ألقت السلطات في بداية عام 2013 القبض على خلية تابعة للإخوان شكلت تنظيما سريا، ودربت "إسلاميين محليين" على كيفية الاطاحة بحكومات عربية.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، في يليو/ تموز من نفس العام، حكمها في قضية "التنظيم السري" لجماعة الإخوان، بالسجن لمدة 10 سنوات لـ56 متهما في التنظيم الإخواني والحكم 15 سنة على 8 متهمين هاربين خارج الدولة.
وكانت هذه القضية قد استأثرت باهتمام محلي وإقليمي ودولي منذ الإعلان عن إحالة المتهمين إلى القضاء بتهمة محاولة الاستيلاء على الحكم، ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها، والإضرار بالسلم الاجتماعي، إذ كشفت التحقيقات الأولية واعترافات المتهمين للنيابة العامة، عن وجود مخططات تمس أمن الدولة، إضافة إلى ارتباط التنظيم وأعضائه بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة.
على الصعيد الدعوي، أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي خلال اجتماعه الدوري - عبر الاتصال المرئي - برئاسة العلامة الشيخ عبدالله بن بيّه، نوفمبر الماضي، بيانا أكد فيه تجريم تنظيم الإخوان واعتباره منظمة إرهابية.
وأكد المجلس أن "موقفه من هذه الفرق والجماعات والتنظيمات هو موقف ولاة الأمر في الدولة وأن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعواه".
وفي الكويت سلم جهاز أمن الدولة، مؤخراً، 3 مقيمين مصريين إلى "إنتربول" بلادهم، بتهمة التحريض على الفوضى والدعوة إلى التظاهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ووفق صحيفة "القبس" الكويتية في أكتوبر الماضي.
وفي يوليو/تموز 2019، أعلنت الكويت تسليم "خلية إخوانية" إرهابية إلى السلطات المصرية، صدر بحق أعضائها أحكام قضائية من قبل القاهرة في عملية أمنية استباقية.
وأعلنت الكويت، حينها، أنه بعد إجراء التحقيقات الأولية، أقرت الخلية بتنفيذ عمليات إرهابية وإخلال بالأمن في أماكن مختلفة داخل الأراضي المصرية.
أيضا سجل الأمن البحريني نجاح متواصل في إحباط هجمات ومخططات إيران الإرهابية، وكشف الخلايا التابعة لها، وفضح إرهابها أمام العالم.
وصنفت المنامة 6 خلايا وجماعات على قوائم الإرهاب لديها، جميعها على صلة بإيران، وهي ائتلاف شباب 14 فبراير، وسرايا الأشتر، وسرايا المقاومة الشعبية، وحزب الله البحريني ، وسرايا المختار، وحركة احرار البحرين.