الطريق إلى "30 يونيو".. علامات قبل ثورة البركان

عقد قطعه المصريون بعد أن نجحت ثورتهم في 30 يونيو/حزيران 2013 في الإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية.
كانت جماعة الإخوان تحمل أيديولوجيا من مخلفات قرن مضى، لكنها خلافا لغيرها من الأيديولوجيات لم يكتب لها الاختبار.
وحينما أتيح للجماعة الوصول إلى السلطة سرعان ما تبين للمصريين أن شعارات الجماعة أوهام وأقنعة تخفي عطشا للسلطة ورغبة في إقصاء الآخر.
عام واحد في سدة الحكم كشفت تهافت جماعة يلامس عمرها حدود القرن، لكنها على الأرجح لن تتمه بعد أن جرفها طوفان الغضب الشعبي.
"عاصرو الليمون"
ويقول طارق البشبيشي، الكاتب والباحث في شؤون التنظيمات الإرهابية في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن الجماعة جاءت للحكم بأصوات عاصري الليمون".
وانتشر خلال الانتخابات التي نجح فيها مرشح الإخوان محمد مرسي مصطلح "عصر الليمون"، في إشارة إلى أن التصويت لصالحه كان عقابا للنظام السابق وليس تأييدا له، كما يشير إلى فعل تقوم به كرها على غير رغبتك.
ويؤكد البشبيشي أن الجماعة لم تفهم دلالة الفوز بفارق ضئيل، فهو يعني أن الشعب لم يمنحهم ثقة، وأن هناك قرابة 50% من الأصوات ترفضهم وتحذر منهم، وأي محاولة لاعتبار أن مرسي حاز على ثقة الشعب هو من أكاذيب الإخوان".
ونافس مرسي، الفريق أحمد شفيق وهو عسكري سابق وتولى مناصب تنفيذية خلال سنوات حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، الذي خسر بفارق ضئيل.
الخيانة
من جانبه، يرى عماد عبدالحافظ، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والقيادي السابق في الجماعة، أن الإخوان افتتحوا حكمهم بالخيانة، "فبعد أقل من شهرين من تولي مرسي الحكم في 30 يونيو/حزيران 2012، ألغى إعلانا دستوريا أصدره المجلس العسكري في مارس/آذار 2011، بعد.. ثم أحال وزير الدفاع حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان إلى التقاعد، وأصدر إعلانا دستوريا منح لنفسه بموجبه سلطات واسعة، فخان الثوار وخان المؤسسة العسكرية وخان المصريين في أول شهرين من حكمه".
ويوضح عبدالحافظ أنه مع إصدار الإعلان الدستوري بدأ الخوف يدب في قلوب المصريين، فأي سلطة جديدة كانت أو قديمة يجب أن تحظى في عرف المصريين باحترام وتقدير الجيش المصري، ووجود خلاف يعني أن مستقبل البلاد في خطر، وساعة الخطر يلوذ الشعب بالجيش، الذي يمنحه الشعب ثقة أعلى بكثير مما يمنحها لغيرهم من المؤسسات".
إرهاب في حماية الإخوان
أما هشام النجار، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، فيرى أن صدمة الشعب المصري في الإخوان، أكبر من مجرد عدم وفائهم بوعودهم الانتخابية، بل وضح جلياً أنهم إرهابيون في المقام الأول.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" يرصد النجار أن أول صدمة للشعب كانت تعاطف الإخوان مع الإرهابيين فيقول "تعرض الجنود المصريون لهجوم مسلح في 5 أغسطس/آب 2012، بمنطقة الماسورة بمدخل مدينة رفح المصرية أسفر الحادث عن مقتل 16 جنديا وضابطا، وإصابة 7 آخرين، واستولى الجناة على مدرعتين تابعتين لقوات الجيش من كمين أمني".
وتابع: "هذه الجريمة كشفت معدن الإخوان وأنهم إرهابيون، فلم يظهر لديهم أي انزعاج بل وجدوها فرصة لتصفية الحسابات مع أجهزة الدولة، وردًا على اتهامات الجماعة الباطلة، أعلن رئيس المخابرات العامة وقتها أنه قدم المعلومات الكافية للرئاسة، وهي التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوع الحادثة فتشكك المصريون في انتماء الإخوان الحقيقي".
وأضاف النجار أن شكوك المصريين تضاعفت بعد حادثة خطف الجنود المصريين في رفح، عندما طالب مرسي بحماية الخاطفين والمخطوفين، وكأن حياة الإرهابيين الجناة مساوية عنده لحياة الجنود".
الإعلان الدستوري المكمل
أما عمرو عبدالمنعم الكاتب والباحث في الإرهاب الدولي فيرى أن الإعلان الدستوري المكمل كان أحد أهم علامات الطريق إلى 30 يونيو/حزيران.
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن "الإعلان المكمل لمرسي في يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، كان كافيا لغسل الشعب يده من الإخوان، فالجماعة التي زعمت أنها ستعمل على تحقيق الديمقراطية، على قاعدة المشاركة لا المغالبة، قامت بإعداد الإعلان الدستوري المكمل الذي يحصن قرارات الرئيس الإخواني، ووجد الشعب نفسه أمام ديكتاتور جديد".
وأعرب عبدالمنعم عن اعتقاده أن تلك الخطوة (إصدار الإعلان الدستوري) هي التي ساهمت في نشر الخوف فعلًا بين المصريين وظهر القلق بينهم على الدولة وسلامتها".
واحتفظ مرسي بتواصل مع المعارضة التي فضلت انتخابه على التصويت إلى منافسه، لكن في أعقاب الإعلان الدستوري الذي منح سلطات شبه مطلقة للرئيس بما في ذلك التشريع شكلت المعارضة جبهة موحدة للتصدي إلى الإخوان.
أخونة الدولة
وحسب عبدالمنعم ثاني علامات على طريق ثورة 30 يونيو/حزيران كانت محاولات الجماعة أخونة الدولة، عبر الاستيلاء على المناصب الحساسة في الهيكل الوظيفي للدولة المصرية، تحت مسمى التمكين.
يقول الباحث إن "محاولات التمكين هذه أزعجت المصريين وأدركوا حينها خطأ إتاحة الفرصة لجماعة متلونة ومخادعة وفاشلة".
ويذكر عبدالمنعم أن تلك الخطوة كانت سببا في توتر علاقة الإخوان بحزب النور (حزب سلفي كان داعما للإخوان).
ويضيف أن "رئيس حزب النور حينها قدم اعتراضه لمرسي بملف يضم محاولات الجماعة للأخونة في 13 محافظة، وفي تصريح له قال نصا سنقف لعملية أخونة الدولة بالمرصاد، وعلى جماعة الإخوان الكف عن إخفاء الحقائق التي يلمسها ويشاهدها عموم الشعب المصري، وإلا سننشر ملف أخونة الدولة في الإعلام تفصيليًا إذا استمر هذا النهج".
بيع أرض مصرية
ويواصل عبدالمنعم حديثه مشيرا إلى أن "مشروع تطوير إقليم قناة السويس كان خطوة فاصلة في علاقة المصريين بالجماعة لم يتمكن حتى أقرب أنصارهم بمن فيهم المستشار طارق البشري القريب من الإخوان ابتلاعها.
وكتب البشري (قاض سابق ترأس في أعقاب الثورة لجنة صاغت دستورا انتقاليا قوبل بانتقادات واسعة واعتبر دستورا فرضته الجماعة) مقالا في صحيفة محلية رفض فيه مشروعهم بمواده الثلاثين محذرا منه.
ورأى البشري حينها أن "كل مواد قانون الإخوان يقرر تنازل الدولة عن السيطرة على إقليم قناة السويس وانحسار ولايتها عنه".
أقنعة تساقطت على مدار عام من حكم الإخوان فظهر للمصريين ارتباط الجماعة بالإرهاب، ورغبتهم في الهيمنة على مفاصل الدولة والتنصل للعملية الديمقراطية التي أوصلتهم للحكم كما أدركوا أيضا أن الجماعة لا تعير لمفهوم الوطن اهتماما ولا قضايا الناس اليومية.
قضايا جوهرية مستقرة في ضمير المصريين باتت مهددة من دون أن يرافقها إصلاحات اجتماعية أو اقتصادية ترفع العبء عن كاهلهم فلم يجدوا بدا من الثورة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز