محاولة «انقلاب» بوركينا فاسو.. صراع على النفوذ أم عدوى الساحل؟

محاولة انقلاب في بوركينا فاسو تجتر معها سيناريوهات قلقة شهدتها دول الساحل الأفريقي في السنوات الأخيرة..
وبينما تصف السلطات المؤامرة بأنها مدعومة من "أعداء الأمة"، يرى خبراء أن المحاولة تعكس تنافسا داخليا على النفوذ داخل المؤسسة العسكرية نفسها، في وقت تواجه البلاد تهديدا وجوديا من الجماعات الإرهابية.
وأجمع خبراء على أن المجلس العسكري في بوركينا فاسو قد يكون الحل الأنسب لضمان الاستقرار في ظل الأوضاع الحالية والتهديدات الإرهابية.
ومساء الإثنين، أعلن المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو إحباط "مؤامرة كبرى" تهدف إلى "نشر الفوضى الشاملة" في البلاد.
وأوضح أن "المؤامرة كانت تقضي، وفقا لخطة الإرهابيين، بتنفيذ هجوم يوم الأربعاء 16 أبريل (نيسان) 2025 ضدّ رئاسة بوركينا فاسو من قبل مجموعة جنود جنّدهم أعداء الأمة".
ومنذ عام 2020، شهدت عدة دول في الساحل الأفريقي انقلابات عسكرية، وسط مخاوف مستمرة من انتشار "العدوى" جراء القواسم المشتركة بين هذه الدول.
خطر وجودي
يقول جان-فرانسوا بايار، الباحث الفرنسي المتخصص بالشأن الأفريقي في "معهد الدراسات الأفريقية" بباريس، إن "المجلس العسكري في بوركينا فاسو، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها، يظل السلطة الوحيدة القادرة على التصدي للمخططات التي تهدد استقرار البلاد".
ويضيف بايار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "التهديدات الإرهابية التي تتعرض لها بوركينا فاسو أصبحت تمثل خطراً وجودياً على الدولة، ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال إدارة قوية وموحدة، وهو ما يوفره المجلس العسكري الحالي".
وأوضح أن "اتّهامات الحكومة حول المؤامرة التي كانت تستهدف النظام هي دلالة على أن هناك جهات خارجية تحاول زرع الفوضى، وهو ما يتطلب استجابة حاسمة من القيادة العسكرية لمواجهة أي تهديدات ضد الدولة".
من جانبها، قالت ماري فانديري، الباحثة في معهد الدراسات الأفريقية بباريس، إن "النظام العسكري في بوركينا فاسو أصبح الخيار الأمثل للتعامل مع الأزمة الأمنية المركبة التي تشهدها البلاد".
وأضافت فانديري، لـ"العين الإخبارية"، أن "السلطة المدنية لم تكن قادرة على السيطرة على المجموعات الإرهابية المنتشرة في البلاد، بل زادت الانقسامات الداخلية وظهرت مؤامرات تُخطط من خارج الحدود".
وأكدت أن "المجلس العسكري قادر على تنفيذ خطط أمنية صارمة والتعاون مع دول الجوار لمكافحة الإرهاب، بينما التدخلات السياسية من الخارج قد تزيد الوضع تعقيدًا".
وبحسب فانديري، فإن "استمرار المجلس العسكري في بوركينا فاسو قد يساعد في توجيه الضغوط نحو الاستقرار الداخلي وتحقيق تعاون عسكري إقليمي ضد المجموعات الإرهابية التي تتخذ من الحدود الشمالية والشرقية معاقل لها".
وشددت على أن "الحل العسكري قد يكون هو السبيل الوحيد لضمان وحدة البلاد في هذه المرحلة الحساسة".
وتأتي محاولة الانقلاب بعد عامين تقريبًا من تولي إبراهيم تراوري السلطة، على رأس مجلس عسكري، في سبتمبر/ أيلول 2022.
"غير منعزلة"
أما الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون الساحل توماس بورجويه، فيرى من جهته أنه "وفق التحقيقات الأولية التي كشفت عنها السلطات، فقد تم التخطيط للعملية من داخل البلاد عبر تجنيد مجموعة من الضباط والجنود، في محاولة للإطاحة بالرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري، قبل أن يتم اعتقال عشرة عسكريين".
ويرى بورجويه، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن هذه "المحاولة لم تأتِ بمعزل عن موجة الانقلابات التي تضرب دول الساحل وغرب أفريقيا منذ عام 2020، بل تأتي كترجمة مباشرة لعدوى الحكم بالقوة، حيث يسعى كل تيار داخل المؤسسة العسكرية لتثبيت نفوذه".
وفي هذا السياق، يوضح بيار بوزينيه، المحلل بمركز الدراسات الأمنية في باريس، لـ"العين الإخبارية"، أن "المستفيد الأول من مثل هذه التحركات هم الأطراف الراديكالية داخل المؤسسة العسكرية".
وبخصوص العملية الانتقالية في بوركينا فاسو، يرى الخبراء أن "فشل الانقلاب يعطي فرصة لتراوري لإعادة ترتيب صفوفه وتعزيز موقعه".
aXA6IDE2MC43OS4xMDkuMjQxIA== جزيرة ام اند امز