حرق المصحف.. خبراء يحذرون من "التطرف المضاد" و"الذئاب المنفردة"
حذر خبراء ومحللون وأحزاب سياسية من تداعيات تكرار وقائع حرق المصحف في السويد؛ تحت ذريعة "حرية الرأي والتعبير"، الزائفة.
وقال هؤلاء الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إن "سماح حكومة السويد لمتطرفين بحرق المصحف يحمل في طياته تغذية لتطرف مضاد، يتمثل في تطرف التنظيمات العنيفة التي تجد في هذه الممارسات ذريعة لممارساتها".
- "قدوة وتأثير ونصرة للمصحف".. الأزهر يشيد بالإمارات والأردن وبوتين
- داس المصحف وأحرقه.. مَن هو "عدو المسلمين" في السويد؟
ولم يستبعد الخبراء في الوقت ذاته، تزايد النشاط الإرهابي لعناصر الذئاب المنفردة لتنظيم داعش، في الداخل السويدي ودول أوروبا.
والأربعاء، داس سلوان موميكا -وهو عراقي يبلغ 37 عاما فر من بلاده إلى السويد قبل سنوات- على نسخة من المصحف مرات عدة وأحرق صفحات منه أمام المسجد الكبير في ستوكهولم.
وكانت شرطة العاصمة السويدية قد صرحت له بالتظاهر، تماشيا مع حماية حرية التعبير، لكنها قالت فيما بعد إنها فتحت تحقيقا بشأن "إثارة توتر".
وفجر ذلك موجة واسعة من ردود فعل دول إسلامية على خلفية حرق نسخة من المصحف، من جانب عراقي مقيم في السويد، وسط تحذيرات من أن مثل تلك الأفعال "تحرض" مشاعر المسلمين في أنحاء العالم.
الأكاديمي المصري المتخصص بالشأن الدولي الدكتور طارق فهمي، حذر في حديثه لـ"العين الإخبارية" من تأثيرات مباشرة لتداعيات حرق المصحف، قائلا: "الحادث ربما يوفر بيئة خصبة لتزايد نشاط الإرهابيين ليس فى الشرق الأوسط، لكن فى أقاليم متعددة فى العالم، وسيعطي ذريعة لزيادة نشاط "الذئاب المنفردة" في الداخل السويدي وأوروبا، خاصة مع تكرار وقائع إظهار العداء للدين الإسلامي.
وأشار فهمي إلى أنه "سيكون هناك تأثيرات تتعلق بالمشهد السياسي والأمني والاستراتيجي الأوروبي، وتمدد لعناصر الإرهاب إلى أوروبا".
ومن بين التداعيات "ما ستشهده العلاقات بين السويد من جهة، والدول العربية والإسلامية من جهة أخرى من توتر واحتقان"، على خلفية سماح الحكومة السويدية بتكرار وقائع حرق المصحف، بحسب تأكيد فهمي.
ودعا أستاذ العلوم السياسية الغرب وتحديدا دولة السويد إلى التحلي بالمسؤولية تجاه ما جرى، ومراجعة وإعادة نظر في بعض قوانينها، لأن ما جرى ستكون له تبعاته على كل المستويات.
وطالب "فهمي" بـ"ضرورة الدعوة لعقد اجتماع عاجل في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لمناقشة هذا الملف بكل تداعياته وتأثيراته في الفترة الراهنة منعا لتكرار هذا العمل".
وأبرز: "مطلوب التأكيد على رفض ما جرى، وأنه لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير، وأن ما جرى هو تبجح وإهانة للمقدسات الإسلامية وللدين الإسلامي الذى يدعو للتقارب بين الأديان وعدم التمييز".
ونوه "فهمي" إلى أن موضوع حرق المصحف يرتبط بضرورة تعامل الأزهر والعالم العربي والإسلامي ومنظمة المؤتمر في نقل الرسالة لهذا البلد بأن هذا التجاوز غير مسموح في حق الدين الإسلامي، ولا يمكن أن يقبله أحد.
وفي تعقيبه، قال هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "حرق المصحف، هو التطرف بعينه والذي سيؤدي لتغذية تطرف مضاد، حيث ستجد التنظيمات المتطرفة في هذه الممارسات ذريعة لممارساتها وتطرفها".
وأشار إلى أنه "خلال السنوات الماضية تنامى نفوذ الجماعات الإسلامية داخل أوروبا على ضوء توظيفها الدعائي لهذا التطرف اليميني العنصري المسيء لعموم المسلمين والإسلام الحنيف البريء من إساءة هؤلاء ومزاعم أولئك".
وتابع: "لا يدخل الفعل الإجرامي بحرق المصحف الشريف ضمن حرية الرأي، لأن هناك خطرا كبيرا من اعتبار ازدراء الدين الإسلامي وحرق المصحف الشريف من قبيل حرية الرأي"، وفقا لتأكيد النجار الذي أوضح أنه "إهانة لدين سماوي والملايين حول العالم من معتنقيه".
"ليس من الحرية"
ومن جانبه، قال مدحت شنودة، رئيس "بيت المصريين في السويد"، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "ندين بشدة ما جرى، ويجب على الجميع احترام عقائد ومقدسات الغير، وعدم محاولة المساس بها، أو إهانتها، أو التقليل من شأنها لأي سبب كان، فليس من الحرية ألا أحترم مشاعر ومقدسات غيري".
وإذ أشار إلى أن "الحكومة السويدية تقف ضد هذا العمل الإجرامي، خاصة مع رفض الشرطة منحهم تصريحا لهذا العمل"، لفت إلى أن "دستور البلاد يعطي الحق للقيام بهذه الممارسات تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير".
وكشف "شنودة" عن أن "الشرطة السويدية، رفضت أكثر من مرة منحهم تصريح لهذا الفعل الإجرامي، لكن المحكمة من أعطتهم التصريح".
وقال إن "الحادث الإجرامي جاء في وقت تحاول فيه الحكومة السويدية إرضاء حلف الناتو، للدخول في التحالف، وهو ما سيزيد الموقف صعوبة في ظل الموقف التركي الرافض لما جرى".
وأدان "بيت المصريين في السويد"، وبشدة "ما يحدث على أرض السويد من محاولة استفزاز مشاعر المسلمين حول العالم بحرق المصحف الشريف".
وأكد "بيت المصريين في السويد" في بيان، أنه "يجب على الجميع احترام عقائد ومقدسات الغير وعدم محاولة المساس بها أو إهانتها".
وشدد على أنه "ضد أي اعتداء على مقدسات أي دين وفي كل مكان وزمان، ونرفض وبشدة عمليات حرق القرآن الكريم".
إدانات حزبية
إلى هذا، استنكرت أحزاب سياسية مصرية بشدة، واقعة حرق المصحف الشريف في دولة السويد.
وقال حزب حماة الوطن، في بيان تلقت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "تكرار وقائع إحراق المصحف بالسويد، يمثل جريمة ازدراء الأديان، والتي عمدت بعض الدول الأوروبية لارتكابها".
ورفض الحزب "أي ممارسات من شأنها الانتقاص من قدسية كتاب الله".
وأكد أن "الإصرار على واقعة إحراق المصحف، وفي توقيت احتفال المسلمين بعيد الأضحى، يؤكد إصرار بعض المتطرفين على إشعال الفتنة، ويتعارض مع ما تتشدق به بعض الدول فيما يتعلق بالحرية وبينها حرية الاعتقاد".
وحذر الحزب من استمرار إظهار العداء للدين الإسلامي، والاعتداء على كتاب الله، بما يمثل انتهاكا لأكثر من 2 مليار مسلم حول العالم.
كما أيد حزب حماة الوطن، موقف الدولة المصرية الرافض لأي اعتداء على المصحف، وكذلك رفض ظاهرة الإسلاموفوبيا، وكل الممارسات التي تمس المعتقدات الدينية للمسلمين.
وأيد الحزب دعوة الأزهر الشريف للدول العربية والإسلامية لاتخاذ مواقف موحدة في مواجهة تلك الانتهاكات، وكذلك استمرار حملات مقاطعة المنتجات السويدية رفضا للممارسات الاستفزازية في حق كتاب الله.
ودعا الأزهر الشريف حكومات الدول الإسلامية والعربية إلى "اتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات التي لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، والتي تحمل إجرامًا وتطرفًا تجاه المقدسات الإسلامية"،
وطالب "جميع الشعوب الإسلامية والعربية وأصحاب الضمير الحي بتجديد مقاطعة المنتجات السويدية، بعد تكرار الانتهاكات غير المقبولة تجاه المصحف الشريف والاستفزازات الدائمة لجموع المسلمين حول العالم تحت لافتة حرية الرأي والتعبير الزائفة".