كنزي مدبولي في «القاهرة للكتاب».. انحطاط أدبي أم مُنتج لجيل مختلف؟ (خاص)
ضجّة كبيرة صاحبت إعلان الإنفلوسر المصرية الشهرية كنزي مدبولي صدور روايتها الأولى في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024.
خطوة كنزي ليست الأولى، إذ سبقها مشاركة عدد من اليوتيوبير والإنفلوسرز في معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخه الماضية، مثل اليوتيوبر الشهير علي غزلان ومغني الراب زاب ثروت.
ورغم أن مشاركات اليوتيوبير والإنفلوسرز السابقة في الحدث الثقافي صاحبها الكثير من الانتقاد بشأن مساهمة هذه النوعية من الكتابات في تسطيح الثقافة المصرية، فإنها لا تزال مستمرة مع تفاقمها نسخة تلو الأخرى.
كنزي مدبولي شابة مصرية تبلغ من العمر 25 عاماً، تألقت على منصات التواصل الاجتماعي ونجحت في تأسيس قاعدة جماهيرية على السوشيال ميديا، وتستعد لطرح أول أعمالها الأدبية في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 وهي رواية بعنوان "قصة من ذهب".
وما بين انتقادات تسطيح الوعي الثقافي ودعم المشاركة الشبابية في الأحداث الثقافية دارت رحى المعركة على السوشيال ميديا، فهل مشاركة كنزي، وغيرها من مشاهير المنصات الإلكترونية، انحطاط أدبي أم فرصة للتعبير عن النفس؟.
مواكبة للتطور التكنولوجي
علّق الناقد المصري أحمد سعد الدين بأن الثقافة تتطور دائماً وتواكب التطور التقني الحالي، لذا ليس من المستغرب طرح مشاهير اليوتيوب والإنفلوسرز أعمالاً أدبية.
وأوضح سعد الدين لـ"العين الإخبارية" أن كل جديد دائماً يواجه بـ"المقاومة" باعتباره غير مألوف، وهذا أحد أسباب الانتقادات التي تطال اقتحام مشاهير السوشيال ميديا عالم الكتابة.
وتابع: "بالعودة إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي، عندما كان الراديو هو الوسيلة الإعلامية المتاحة، ومع ظهور التلفزيون في الستينيات ثارت ضجة بشأن قضاء الأخير على الراديو، لكن هذا لم يحدث رغم مرور أكثر من 60 عاما".
ورأى الناقد الفني أن العالم يتغير وليس مصر أو المنطقة العربية فقط، وبات الكتاب المقروء يشغل حيزا بسيطا جدا في مقابل اتجاه الغالبية للمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي للقراءة عليها في دقيقتين أو ثلاثة بما يتماشى مع سرعة العصر الحالي.
وأكمل: "طالما هذا هو الوضع الحالي فلماذا لا نواكب التطور ونعطي فرصة لهؤلاء الشباب، خصوصا أنهم يملكون روادا ومشاهدين من جيل صغير في السن لكن عدده كبير جدا، ولا يجب أن نفرض عليه وضعا بعينه".
وشدد أحمد سعد الدين على أن "لكل عصر مفرداته، وطالما التطور موجود فيجب أن نعطي للشباب فرصة"، مشيراً إلى ميزة مهمة في هذه الحالة وهو ضمان أن هؤلاء الشباب يطرحون أعمالهم "تحت عين الدولة وفي معرض كبير يضطرون فيه للالتزام بالإطار الصحيح بما يتماشى مع العادات والتقاليد ومحددات المجتمع".
وتابع: "وضع هؤلاء الشباب تحت عين الدولة يحمي من تركهم بمفردهم على منصات اليوتيوب والسوشيال ميديا، ويقيد التفكير الشاذ والخاطئ الذي لا يتماشى مع محددات وآداب المجتمع".
وعن اتهامات سطحية تلك الأعمال، رأى سعد الدين أن هؤلاء الشباب يعبرون عن جيلهم الحالي ولهم متابعون، فهم يفكرون مثل بعضهم ومتابعوهم يحبون مشاهدتهم أو القراءة لهم، وفي النهاية الحياة مفردات.
وأكمل: "قد تكون هذه الأعمال بالفعل سطحية لكن لها من يقرأها، ولا يصلح أن نحكم بثقافة الجيل السابق على المتاح حالياً".
مستوى هابط من الكتابة الأدبية
ورأى الدكتور أسامة أبوطالب، أستاذ الدراما والنقد بأكاديمية الفنون المصرية، أن الوسط الثقافي يعاني "أزمة حقيقية"، معتبراً أن جمهور القراء من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالنضج الكافي ولا يسعى بالدرجة الأولى لـ"الكتاب".
وأوضح أبوطالب لـ"العين الإخبارية" أن جزءا من إنتاج اليوتيوبير والإنفلوسرز يكون متاحاً إلكترونياً ما يجذب جمهور منصات التواصل الاجتماعي، كونها متوفرة ورخيصة وقد يصاحبها عناوين غير تقليدية ومبتكرة وقد تكون سلبية.
واعتبر رئيس هيئة المسرح ورئيس المركز القومي للمسرح سابقاً أن هذه النوعية من الطرح تلائم ما يمكن أن نسميه بـ"القارئ الكسول" الذي لا يكون الكتاب من اهتمامات الشريحة الأكبر منه، مضيفا: "هذه السهولة والانسياب والانفلات والتسرب عبر الميديا أوجدت مستوى هابطاً إلى حد كبير من الكتاب".
وتابع: "نتيجة للميديا، ظهرت كتابات متجاوزة في اللغة، وركيكة في الصياغة، وللأسف فإنها تلقى رواجاً من قاعدة كبيرة من المواطنين ليسوا مصابين بأمية القراءة والكتابة ولكن مصابين بالأمية الثقافية التي تجذبهم للعناوين البراقة والأحداث المفتعلة أو الخارجة عن المألوف والشاذة".
ووفقاً للدكتور أسامة أبوطالب، فإن "المسألة كلها تتعلق بثقافة المواطن"، ملقياً عبء المشكلة كلها على المدرسة، قائلا: "لو المدرسة كانت تربي ملكة الاطلاع الحقيقي الجاد عند الطلاب لم نكن لنرى مثل هذه المشكلات".
وتحدث أبوطالب عن دور "النقد الغائب"، لأن النقد هو مرآة الكاتب ودليل القارئ، وفي غياب النقد والنقاد الحقيقيين المتمكنين يحدث رواج لما أسماه بـ"السلعة الفاسدة".
وقال إن النقد هو العامل المضاد المكافح لهذا التردي في الأوساط الأدبية، مشيرا إلى عاملين يسهمان في الإساءة إلى الإنتاج الأدبي، وهما: "النقد المتبادل" بين اثنين يقدمان محتوى أدبياً بهدف الترويج لبعضهما، والآخر "النقد النسائي" الذي يقوم على الاحتفال بما تكتبه السيدات والترويج له في ندوات وصالونات ثقافية فارغة، مع توزيع شهادات تقدير كاذبة متبادلة بينهن.
aXA6IDMuMTQyLjEzMy4yMTAg جزيرة ام اند امز