رشحت ترامب لنوبل للسلام.. كمبوديا تتجه غربا عبر «دبلوماسية الإطراء»

أعلنت كمبوديا الأسبوع الماضي ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام، تقديرا لدور واشنطن في وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند.
وأكد رئيس الوزراء الكمبودي، هون مانيت، في رسالة وجّهها إلى لجنة نوبل النرويجية بتاريخ 7 أغسطس/آب الجاري أن هذا الترشيح يأتي اعترافا بـ"إنجازات ترامب الاستثنائية في خفض حدة التوتر في مناطق شديدة الاضطراب حول العالم"، بحسب مجلة تايم الأمريكية.
ويأتي هذا الترشيح لترامب بعد ترشيحات سابقة من إسرائيل وباكستان، فيما يصفه محللون بـ"دبلوماسية الإطراء"، وهي سياسة توظيف الإشادة كشكل من أشكال التقارب السياسي.
المثير أن هذه الخطوة تصدر عن دولة تربطها علاقات وثيقة بالصين، الخصم الجيوسياسي الأبرز لواشنطن، ما يشير إلى تغير في مسار السياسة الخارجية الكمبودية.
فمنذ عام 2017، حين ألغت كمبوديا مناورات "أنغكور سنتينل" العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة، شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين فتورا ملحوظا.
وزاد التوتر مع مطالبة واشنطن لكمبوديا بسداد ديون تعود لسبعينيات القرن الماضي، وهو ما رفضته كمبوديا معتبرة أن الولايات المتحدة تركت إرثا ثقيلًا من القصف خلال حرب فيتنام.. كما فرضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عقوبات على كمبوديا بسبب سجلها الحقوقي والفساد.
في المقابل، عززت كمبوديا تعاونها مع الصين، التي باتت أكبر شريك تجاري لها وأكبر مستثمر في بنيتها التحتية، فضلًا عن تعاون عسكري متزايد.
برغم ذلك، يرى مراقبون أن الحكومة الجديدة بقيادة هون مانيت، الذي تولى الحكم عام 2023 ويحمل خلفية تعليمية غربية منها تخرجه في أكاديمية ويست بوينت العسكرية الأمريكية، تسعى لإعادة التوازن في تحالفاتها عبر سياسة "المرونة الاستراتيجية".
ومن المؤشرات على هذا التوجه، إعلان كمبوديا في فبراير/شباط الماضي رغبتها في استئناف مناورات "أنغكور سنتينل"، وانتظار زيارة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث لقاعدة "ريام" البحرية المثيرة للجدل في وقت لاحق هذا العام.
كما ساهم نجاح الوساطة الأمريكية بين كمبوديا وتايلاند في خفض الرسوم الجمركية على صادرات البلدين من 36 إلى 19 %، وهو ما اعتبرته كمبوديا مكسبا اقتصاديا مهما.
ويرى خبراء أن ترشيح ترامب لجائزة نوبل يمثل إشارة سياسية ذكية، تمنح كمبوديا فرصة لتقوية روابطها مع واشنطن دون تقديم تنازلات مباشرة، وفتح الباب أمام فرص أكبر في التجارة، والمساعدات، والتعاون العسكري، وحتى تخفيف حدة الانتقادات الأمريكية بشأن حقوق الإنسان والفساد.
وفي ظل إدراكها لتقلبات المشهد الجيوسياسي، تبدو كمبوديا حريصة على تنويع شركائها الدوليين، وتجنب الارتهان الكامل للصين، مع ترك الباب مفتوحا أمام تقارب أكبر مع الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOSA= جزيرة ام اند امز