قلق بيئي.. هل يمكن لتغير المناخ أن يجعلك مكتئباً؟
يؤثر تغير المناخ بشكل متزايد على الصحة العقلية.
وفي حين أشارت الدراسات الحديثة إلى ارتفاع معدلات القلق البيئي بين مجموعات سكانية مختلفة؛ يأتي تقرير عام 2023 الصادر عن جمعية علم النفس الأمريكية وECOAmerica ليحلل بدقة العلاقة المعقدة حيث يتقاطع تغير المناخ مع الصحة العقلية للأطفال والشباب، ويسلط الضوء على مجموعة من التأثيرات والاستجابات المحتملة.
القلق البيئي
يبدو أن الشباب يعانون بشكل متزايد من مشاعر الاضطراب الناجم عن تغير المناخ، الذي يمكن أن يسبب القلق البيئي، ومن ثمَّ، أصبح مصطلح 'القلق البيئي' شائعاً على نحو متزايد ولكن ماذا يعني في الواقع؟ وهل من المنطقي أن يتم تشخيص الأشخاص بهذه الحالة؟ 'الجميع لديهم قلق بشأن تغير المناخ. ومن لا يشعر بالقلق يظل في حالة إنكار.'
يبدو أن الحرارة والرطوبة الشديدة وغيرها من الأحداث المرتبطة بالمناخ تزيد من اضطرابات الصحة العقلية وما يستتبعها من مخاوف يمكن أن تُصبح شديدة بالفعل إلى الحد الذي يؤدي إلى الاكتئاب في بعض الأحيان.
- إطلاق «إعلان المناخ والصحة».. و«رئاسة COP28» تدعو الحكومات للانضمام إليه
- اليوم العالمي للصحة العقلية.. تدهور المناخ يرفع معدلات الانتحار والإدمان
الاكتئاب المناخي
يُعرف الاكتئاب المناخي بأنه مصطلح نشأ في وسائل الإعلام، وليس له أي أساس علمي؛ حيث إن الاستبيانات الموجودة لا تفرق بين القلق من تغير المناخ والاكتئاب المناخي.
هذا، وتُشير الأبحاث العالمية إلى وجود صلة بين هذه الظواهر المرتبطة بالمناخ والنتائج الضارة بالصحة العقلية من حيث الاكتئاب والقلق. ومع تفاقم تغير المناخ، ستستمر درجات الحرارة والرطوبة في الارتفاع، وكذلك الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات الشديدة، التي ستؤثر بشكل متزايد على صحتنا العقلية الجماعية على مستوى العالم.
فقد قام الباحثون بقياس المتغيرات المتعلقة بالمناخ في 43 محطة أرصاد جوية لرصد التغيرات القياسية في درجات الحرارة الموسمية والرطوبة على مدى شهرين، ومن ثمَّ فقد أظهرت النتائج أن 'الأشخاص الذين عانوا من ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة خلال الشهرين السابقين للدراسة كان لديهم احتمال أعلى بنسبة 21% للإصابة باضطراب القلق واحتمال أعلى بنسبة 24% للإصابة بالاكتئاب واضطراب القلق في وقت واحد'. وبالمثل، وجد أن زيادة بمقدار 1 جرام في الرطوبة لكل متر مكعب من الهواء في الرطوبة تؤدي إلى زيادة احتمال حدوث القلق والاكتئاب بنسبة 6٪.
ووفقا لخبراء الصحة، فإن التعرض لتفاقم الفيضانات المرتبطة بتغير المناخ، يعزى إلى زيادة احتمالات الإصابة بجميع الحالات: الاكتئاب بنسبة 31%، والقلق بنسبة 69%، ووجود الحالتين بنسبة 87%.
وفي هذا الصدّد، يناقش علماء النفس حاليًا ما إذا كان 'الاكتئاب المناخي' يجب أن يصبح تشخيصًا رسميًا، مما قد يمنح الناس القدرة على التعرف على المشاعر التي يعيشونها. ويعتقد ريكيرت، أحد طلاب جامعة UvA، أنه قد يكون هناك شيء ما في ذلك: حيث يعتقد أن الاكتئاب يتعلق بشكل أساسي بالبقاء عالقًا في العقل، في حين أن الاكتئاب المناخي يتعلق أكثر بكثير بالبيئة من حولك'.
ومن هنا، تُشكل البيئة التي نعيش ونعمل فيها جزءًا من السياق الأوسع لحياتنا، الذي يُعد أمر حيوي للتفكير فيه عند علاج أي مشكلات تتعلق بالصحة العقلية.
إذا لم تكن متأكدًا من كيفية (أو ما إذا كانت) بيئتك تؤثر على صحتك العقلية، فسنستعرض سريعًا بعض الأمثلة:
- العوامل الفيزيائية:
العوامل البيئية الفيزيائية هي عوامل 'صعبة' تأتي من أشياء مثل الضوضاء ودرجات الحرارة والملوثات وما إلى ذلك. وغالبًا ما ترتبط بعوامل اجتماعية، ولكنها يمكن أن تحدث بشكل مستقل.
- التلوث البيئي:
إن النمو حول 'الهواء الملوث يضاعف أربع مرات من فرصة إصابة الطفل بالاكتئاب في وقت لاحق من حياته. قد يكون هذا مرتبطًا بعوامل بيئية أخرى (المناطق الملوثة عادة ما تجمع بين عوامل أكثر من مجرد تلوث الهواء)، ولكن الخطر لا يزال يستحق الملاحظة.
- جو متطرف:
يعد الطقس السيئ أو القاسي أمرًا مرهقًا ويمكن أن يرهقك. إذا كنت تشعر بالبرد بشكل دائم، أو شديد الحرارة، أو تكافح ضد الثلج، أو تكافح فوق الجليد، فسوف تتأثر صحتك العقلية. هذا هو الحال بشكل خاص إذا كان الطقس القاسي يعرض حياتك أو عائلتك أو أحبائك أو ممتلكاتك للخطر.
- عدم الوصول إلى المساحات الخضراء:
الوصول إلى المساحات الخضراء أو الطبيعية الجميلة له تأثير إيجابي كبير على الصحة العقلية. وبالتالي، أن تكون محاصرًا داخل أدغال خرسانية يعني عدم الحصول على الفوائد العقلية للهواء النقي والأوراق الخضراء وما إلى ذلك.
كسر الحلقة المفرغة
قد تكون العوامل البيئية التي تؤثر على صحتك العقلية مرتبطة بعوامل أخرى. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الاكتئاب إلى البطالة، والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى الفقر وسوء التغذية وجميع المشاكل البيئية المرتبطة بها. وبالمثل، فإن حالات الصحة العقلية مثل الاكتناز يمكن أن تؤدي إلى مشاكل بيئية. في كثير من الأحيان، تنتهي العوامل البيئية وغيرها إلى تكامل بعضها البعض في حلقة مفرغة.
علاوة على ذلك، يقترح خبراء الصحة العامة عددًا من التوصيات حول كيفية تقليل ضائقة الصحة العقلية. ويشيرون إلى أن الاستعداد الجسدي والعقلي هو مفتاح البقاء على قيد الحياة خلال الظروف الجوية القاسية. ومن ثمَّ، يجب على المتطوعين المدربين التعامل بعناية مع الأشخاص الذين يعانون من تجارب مؤلمة أثناء الفيضانات أو الأعاصير.
aXA6IDE4LjIyNC42My4xMjMg جزيرة ام اند امز