سماء الكاريبي تترقب.. «سو-30» الفنزويلية بمواجهة «إف-35» الأمريكية

أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا نيتها نشر مقاتلات من طراز "إف-35 إيه" في بورتوريكو القريبة من فنزويلا، لدعم عمليات عسكرية محتملة،
في خطوة تعكس تصاعد التوترات بشكل ملحوظ بين البلدين.
هذا التحرك أثار العديد من التساؤلات حول الدور الذي قد تلعبه هذه المقاتلات المتطورة في حال وقوع هجوم أمريكي محتمل على الجارة الجنوبية، في ظل استمرار حالة التوتر السياسي والعسكري بين البلدين، وفقا لمجلة "مليتري ووتش".
وجاء الإعلان بعد ساعات فقط من تحليق مقاتلتين من طراز "إف-16" تابعتين للقوات الجوية الفنزويلية فوق المدمرة الأمريكية "يو إس إس جيسون دونهام" في البحر الكاريبي، في مشهد يُعبّر عن تصاعد حدة المواجهة.
ورفعت الحكومة الأمريكية قيمة المكافأة المالية للقبض على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في جهد مستمر لإزاحته من السلطة، تضمن محاولة اختطاف فاشلة عام 2020.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية نقلا عن عدة مصادر أن الرئيس دونالد ترامب يدرس خيارات لتنفيذ ضربات عسكرية تستهدف عصابات مخدرات تنشط في فنزويلا، منها ضربات محتملة داخل البلاد.
وتُعد مقاتلة إف-35 إيه الجيل الخامس الوحيدة بين الطائرات المقاتلة التي ما زالت في طور الإنتاج في العالم الغربي، وتمتاز بقدرات متقدمة للغاية على مواجهة شبكات الدفاع الجوي المتطورة.
وهذه القدرات تجعل منها الخيار الأمثل لتعطيل أنظمة الدفاع الجوي التي تحمي سماء فنزويلا، مثل منظومات إس-300 في إم، وبوك-إم 2، وكذلك إس-125، والتي تنتشر بأعداد محدودة نسبياً.
وتمتلك إف-35 تقنيات تخفي متقدمة تهدف إلى تقليل المقطع الراداري للطائرة مما يزيد من صعوبة رصدها وتدميرها.
في المقابل، تعتمد فنزويلا بشكل رئيسي على أسطولها المكون من 22 طائرة من نوع "سوخوي سو-30 إم كيه 2"، والتي تُعتبر الأكثر قدرة بين طائرات أمريكا اللاتينية، إذ تتمتع بسرعة عالية وقوة مناورة كبيرة، بالإضافة إلى القدرة على حمل أسلحة ضخمة متعددة المهام.
لكن، بالمقارنة مع إف-35، تظل هذه الطائرات أقل تطوراً من الناحية التقنية، خاصة مع تزويدها برادار ميكانيكي يعتمد على مجموعة مسح أقل كفاءة مما يؤدي إلى انخفاض وعي قائد الطائرة بساحة المعركة، ويجعلها أكثر عرضة للتشويش والهجمات الإلكترونية.
رادار إف-35 من نوع إيه إن/إيه بي جي-81 يستخدم مصفوفة مسح إلكتروني نشط (AESA)، مما يمنحها رؤية متقدمة وأداءًا أفضل في جمع البيانات وتحليلها من ساحة المعركة، إلى جانب قدرات الحرب الإلكترونية الفائقة وتبادل البيانات السريع مع منصات أخرى، وهو ما يمنح الطيار تفوقاً كبيراً في مسألة الوعي بالمعركة.
أما بالنسبة للمقطع الراداري، فتتميز إف-35 بالتخفي الراداري المتفوق، حيث يُعد من أصغر المقاطع الرادارية بين الطائرات المأهولة حول العالم، بينما تمتلك سو-30 إم كيه 2 مقطعًا راداريًا كبيرًا نسبياً، ما يزيد من احتمالات كشفها واعتراضها.
مع ذلك، تمتلك طائرات السوخوي مزايا فريدة لا تتوفر في إف-35، خاصة في مهام الجو-أرض والمهام المضادة للسفن، بفضل تسليحها المتنوع الذي يشمل صواريخ كيه إتش-59 إم القادرة على تدمير الأهداف الأرضية بدقة، وصواريخ كيه إتش-31 إيه المضادة للسفن، وصواريخ كيه إتش-31 بي لضرب الدفاعات الجوية.
هذه الأسلحة تجعل من سو-30 منصة متكاملة للهجمات المطلوبة في السيناريوهات المتعددة الأبعاد. وكذلك، تتمتع سو-30 بسرعة قصوى تتجاوز قدرة إف-35، بالإضافة إلى مدى طيران أطول بكثير يسمح لها بدوريات طويلة وتحمل عبء قتالي أكبر.
وتستطيع سو-30 حمل ما يصل إلى 12 صاروخ جو-جو في حين تقتصر إف-35 على 4 صواريخ فقط، وذلك للحفاظ على صفات التخفي.
تجدر الإشارة إلى أن إف-35 في وضعية التخفي لا يمكنها حمل صواريخ قتال ضمن المدى البصري، مما يمنح سو-30 ميزة كبيرة إذا تمكنت من الاقتراب لمسافة الاشتباك المباشر، خصوصاً مع امتلاكها لصواريخ آر-73 عالية الأداء والمدعومة بزاوية توجيه واسعة وأنظمة تصويب متطورة، مما يمنحها أفضلية في الاشتباك القريب والمناورة.
وتُظهر المعطيات أن المواجهة المحتملة بين إف-35 إيه وسوخوي سو-30 إم كيه 2 ستشهد تفوقاً واضحاً لإف-35 في الاشتباكات بعيدة المدى بفضل قدراتها على التخفي والحرب الإلكترونية، التي تقلل من فرص كشفها وتوفر لها حماية فعالة.
أما سو-30 فستظل محتفظة بميزة في الاشتباكات القريبة والمناورات الجوية، لا سيما حال تمكنها من تجاوز الدفاع الإلكتروني الأمريكي والتسلل ضمن مدى التماس البصري.
ويُمكن القول إن الطائرة الأمريكية إف-35 إيه تمثل نموذجاً متطوراً يعكس الثورة التكنولوجية في الحروب الجوية، تجمع بين التخفي، الكشف الإلكتروني المتقدم، ومدى اشتباك الصواريخ، لتسيطر على أجواء المواجهات.
وفي المقابل، تمثل سوخوي سو-30 إم كيه 2 طائرة ذات قدرات جسورة وفعالة إذا ما استثمرت بشكل صحيح في ميدان القتال القريب، إلا أن الفجوة التكنولوجية والإلكترونية تجعل فرصها محدودة في مواجهة القاذفة الأمريكية المتقدمة في الاشتباكات متوسطة وبعيدة المدى.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTMxIA== جزيرة ام اند امز