من كندا إلى العالم.. وصفة للنجاة من حمائية ترامب
اعتبر محللون إن كندا قدمت وصفة للنجاة من الضغوط الاقتصادية الدولية.
وقال تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي إن كندا قدّمت نموذجًا مبتكرًا في كيفية التعامل مع الضغوط المتزايدة من السياسات الحمائية للولايات المتحدة والصين.
ووفقا للتقرير فمن خلال تبني إصلاحات اقتصادية داخلية، والانفتاح على شراكات تجارية جديدة، والاستثمار في مواردها الحيوية، تمكنت أوتاوا من شق خطاها في بيئة عالمية شديدة التعقيد.
ووصف رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، في تصريحات في سبتمبر/أيلول الماضي، نهاية النظام التجاري القائم على القواعد بأنها "تهديد وجودي" لبلد مثل كندا. إلا أنه شدد على أن على الدول أن تركز على ما يمكنها التحكم فيه. وانطلاقًا من هذا المبدأ، شرعت أوتاوا في إصلاحات طموحة تهدف إلى تحصين الاقتصاد الوطني ضد الاضطرابات الخارجية.
تعزيز السوق الداخلية
وأبرز هذه الإصلاحات كان قانون "اقتصاد كندي موحّد"، الذي أُقر في يونيو/حزيران، ويهدف إلى إزالة الحواجز التنظيمية والفنية بين المقاطعات الكندية. فرغم أن كندا دولة واحدة، إلا أن التجارة بين المقاطعات كانت أكثر تعقيدًا في بعض الحالات من التجارة الخارجية، بسبب اختلاف القوانين والمعايير التنظيمية.
وهذا القانون يمنح الاعتراف الفيدرالي بأي منتج يحصل على الموافقة التنظيمية من إحدى المقاطعات، ما يفتح الباب أمام تعزيز التجارة الداخلية ويخفف من تأثير أي قيود أمريكية مفاجئة على الصادرات الكندية.
الانفتاح التجاري خارج الولايات المتحدة
وإلى جانب تعزيز السوق المحلي، تعمل كندا على تنويع شركائها التجاريين بعيدًا عن الاعتماد المفرط على السوق الأمريكي. ففي أغسطس/آب، أعلنت عن اتفاق تجارة حرة مع إندونيسيا، وتسعى إلى اتفاق أوسع مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). كما أعادت تفعيل مفاوضات كانت مجمدة منذ 2021 مع تكتل ميركوسور في أمريكا الجنوبية.
ورغم أن بعض هذه الاتفاقيات قد لا تحقق مكاسب اقتصادية كبيرة على المدى القصير، إلا أنها تعكس استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى بناء شبكة تحالفات تجارية عالمية تقلل من مخاطر الاعتماد على شريك واحد.
المعادن الحيوية ورقة استراتيجية
وفي ملف الموارد الطبيعية، تسعى كندا إلى لعب دور عالمي في تأمين سلسلة إمداد المعادن الحيوية، التي تدخل في الصناعات التكنولوجية والعسكرية. تمتلك كندا احتياطيات كبيرة من الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت، وتحتل مراكز متقدمة عالميًا في إنتاج بعض هذه المواد.
وبدلاً من فتح مناجم جديدة، تسعى كندا إلى تسويق نفسها كمورّد موثوق للدول الغربية. وقد دعت في قمة مجموعة السبع الأخيرة إلى تشكيل "نادي مشترين" للمعادن الحيوية، يمنح كندا موقعًا محوريًا في سلاسل الإمداد العالمية.
والسياسات الكندية تعكس بوضوح كيف يمكن للدول الديمقراطية أن تتعامل مع ضغوط اقتصادية من قوى كبرى مثل الصين والولايات المتحدة. وفي وقت لا تزال فيه أوروبا تناقش ردودها على تصعيد ترامب التجاري، يبدو أن النظر نحو الشمال -إلى كندا- قد يوفر نموذجًا عمليًا يستحق الاستفادة منه.