كندا واليابان.. دول استفادت من جذب المهاجرين اقتصاديا
العمال المهاجرون حولوا نحو 480 مليار دولار إلى أسرهم في أوطانهم الأصلية عام 2017، وهو ما يرونه أمرا يستحق مخاطرة العمل في مهن شاقة
أصبح خلال الفترة الأخيرة ملف المهاجرين محل اهتمام العديد من حكومات الدول المتقدمة مثل اليابان وكندا، حيث أثبتت بعض الإحصائيات الرسمية مدى تأثير المهاجرين الإيجابي على اقتصاديات بعض الدول المتقدمة، خاصة بعد تقنين أوضاع المهاجرين.
وبحسب تقديرات منظمة العمل الدولية، يصل عدد العمالة المهاجرة في العالم إلى نحو 164 مليون عامل يلعبون دورا اقتصاديا واجتماعيا مهما، سواء في دولهم أو في الدول التي يقيمون بها.
ونجحت كندا في إصلاح نظام الهجرة لديها، بعدما قررت استخدام نظام "النقاط" لتقييم المهاجرين المدفوعين بأسباب اقتصادية الذين يشكلون نحو 60% من إجمالي المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد.
وفي اليابان، حيث يمثل الأجانب أقل من 2% من جملة السكان، ورغم انخفاض النسبة بدأت الحكومة تحركا حذرا لاستقطاب المزيد من الأجانب للعمل والإقامة في البلاد بسبب تراجع نسبة الشباب بين سكان اليابان، وفشل محاولات سد العجز في الوظائف التي تجسدت في توظيف النساء وتأخير سن التقاعد حتى الاستعانة بالإنسان الآلي.
وقررت الحكومة مؤخرا منح الأجانب تصاريح إقامة تستمر 5 سنوات بهدف سد النقص في الأيدي العاملة في بعض القطاعات الحيوية.
وفي المقابل، فإن سياسات دول أمريكا اللاتينية للتعامل مع المهاجرين القادمين إليها من فنزويلا كانت مرتجلة ومتسرعة وتهدد بتنامي طبقة العمالة غير الرسمية ذات الأجور الزهيدة.
واستعرضت وكالة "بلومبرج" للأنباء تجارب 3 دول مختلفة مع ملف المهاجرين، وهي اليابان وكندا وكولومبيا.
المكسيكيون في الولايات المتحدة
وأشارت التقارير إلى أن العمال المكسيكيين يكدحون في مصانع تجهيز الدواجن بالولايات المتحدة، والهنود يعملون في مشروعات التشييد لدى بعض الدول العربية والفلبينيات يعملن في مجال تربية الأطفال في كثير من دول العالم.
480 مليار دولار حولها المهاجرون لأسرهم في 2017
والحقيقة أن العمال المهاجرين يعملون في أغلب الأحوال في مهن شاقة وأحيانا تتسم بالخطورة، وحولوا نحو 480 مليار دولار إلى أسرهم في أوطانهم الأصلية في عام 2017، وهو ما يرونه أمرا يستحق المخاطرة.
وتقول المؤرخة سيندي هاهاموفيتش مؤلفة كتاب "الأرض المحرمة" الصادر في عام 2011 عن برامج العمالة المهاجرة في العالم: "الفقر في الدول المصدرة للهجرة هو ما يجعل الأمور تمضي على هذا النحو".
اليابانيون يعترفون بأهمية المهاجرين
ودفعت التحولات الديموجرافية اليابان، صاحبة التاريخ الطويل في رفض المهاجرين، إلى إعادة النظر في سياساتها من أجل السماح بحضور مئات الآلاف من العمال الأجانب غير المدربين لسد النقص في الأيدي العاملة في قطاعات مثل التشييد والزراعة.
فقد تأكد اليابانيون أنهم لن يستطيعوا سد النقص في الأيدي العاملة من خلال تشجيع توظيف النساء وتأخير سن التقاعد واستخدام الإنسان الآلي.
وتتوقع اليابان انكماش عدد السكان في سن العمل بنسبة 23% خلال 25 عاما، في حين يصل عدد الوظائف الخالية في البلاد إلى 3 وظائف لكل باحث عن وظيفة.
التجربة الكندية
وهناك أيضا التجربة الكندية في الاستفادة من العمالة المهاجرة، حيث تعد نموذجا مثاليا في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المهاجرين.
واستقبلت كندا نحو 321 ألف مهاجر العام الماضي وهو أعلى رقم منذ عام 1913.
وشكل المهاجرون لأسباب اقتصادية 60% من إجمالي عدد المهاجرين إلى كندا العام الماضي.
ولم تكن كندا في البداية تنتقي المهاجرين، لكنها تبنت في وقت لاحق نموذج "النقاط" لتقييم طالبي الهجرة، بعد أن أدرك الكنديون أن السماح بدخول المهاجرين القادمين من أوروبا بدون تدقيق لا يسهم بشكل إيجابي في اقتصاد البلاد، بحسب ستيفاني بانجراث أستاذ مساعد التاريخ في جامعة ويسترن في لندن.
وبدأت كندا تطبيق نظام النقاط في عام 1967، حيث يتم منح طالب الهجرة عددا من النقاط على أساس السن والمستوى التعليمي والمهارات المهنية وإتقان اللغة الإنجليزية، ليتقرر بعد ذلك قبول الطلب أو رفضه. وساهم هذا الأسلوب في اختيار أفضل العناصر للهجرة إلى كندا والعمل بها.
ويقول دانيال بيلاند، مدير معهد الدراسات الكندية بجامعة ماكجيل في مونتريال، إن هناك دعما شعبيا واسعا للمهاجرين الاقتصاديين في كندا نظرا لأهميتهم الاقتصادية والسكانية في ظل تراجع معدل الخصوبة والإنجاب في البلاد، وهو ما يهدد بظهور نقص حاد في الأيدي العاملة، حيث تشير التقديرات إلى أن كندا ستفقد نحو 100 ألف عامل سنويا بدءا من عام 2026، كما توجد في البلاد حاليا أكثر من 580 ألف وظيفة لا تجد من يشغلها.
ومن اليابان وكندا حيث توظيف العمالة المهاجرة من أجل خدمة الاقتصاد والمجتمع، إلى كولومبيا التي استقبلت مئات الآلاف من المهاجرين القادمين من فنزويلا، دون سياسات واضحة تحقق الاستفادة منهم، وهو ما أدى إلى ظهور مشكلات اقتصادية واجتماعية حادة في كولومبيا بسبب هؤلاء المهاجرين.
aXA6IDE4LjIxNy4xMzIuMTA3IA==
جزيرة ام اند امز