عيديات الكريسماس في فرنسا.. متى تصبح الهدايا النقدية خاضعة للضرائب؟

في ذروة تبادل الهدايا خلال عيد الميلاد، يختار عدد متزايد من الفرنسيين تقديم المال بدل الهدايا التقليدية، سواء في مغلف نقدي أو على شكل شيك.

ويطرح هذا الخيار العملي تساؤلات قانونية متكررة حول ما إذا كانت هذه «العيديات» خاضعة للضرائب، وما الحدود الفاصلة بين الهدية المعفاة من التصريح والتبرع الذي يستوجب إبلاغ الإدارة الضريبية، لا سيما مع اقتراب تغييرات تنظيمية مرتقبة اعتبارًا من عام 2026.

وأشارت دراسة أُجريت العام الماضي، ونقلتها صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، إلى الأهمية المتزايدة للنقود ضمن قوائم الهدايا الموجّهة إلى «بابا نويل». ورغم احتفاظ الهدايا المغلّفة بعناية بمكانتها التقليدية تحت شجرة الميلاد، فإن المغلفات المليئة بالنقود باتت عنصرًا ثابتًا بين هدايا العيد.

• هجوم سيبراني على البريد الفرنسي.. قراصنة يستهدفون شل الخدمة في موسم الأعياد

وبحسب استطلاع أنجزته مؤسسة «فلاش» لصالح موقع «غاليون»، فإن 67% من المستطلَعين كانوا ينوون تقديم المال كهدية في عيد الميلاد، من بينهم 33% أكدوا قرارهم بشكل قاطع.

وتوضح الإدارة الفرنسية، عبر موقع Service-Public.fr الحكومي، أن الهدية لا تُعد تبرعًا بالمعنى الضريبي، وبالتالي لا يُطلب أي تصريح ضريبي بخصوص «الهدايا الصغيرة المتبادلة بين الأقارب»، بما في ذلك عيديات عيد الميلاد، التي تُصنّف ضمن ما يُعرف بـ«هدايا الاستعمال».

وينطبق الأمر نفسه على الهدايا المقدّمة في مناسبات خاصة، مثل أعياد الميلاد، والزواج، أو نيل شهادة دراسية.

ووفقًا للموقع الحكومي الفرنسي، يتمثل الشرط الأساسي في أن تبقى قيمة الهدية معقولة مقارنة بدخل المُهدي وثروته. وبشكل عام، لا تطالب مصلحة الضرائب بمعرفة المبالغ المتبادلة خلال الأعياد، إلا في حالات استثنائية.

وأشار موقع Service-Public.fr إلى أن الهبات ذات القيم غير الاعتيادية فقط هي التي تستوجب التصريح، ويُقصد بها المبالغ التي تتجاوز 2% من ثروة المُهدي أو 2.5% من دخله السنوي الصافي، سواء قُدّمت نقدًا، أو بشيك، أو عبر تحويل بنكي.

ولتقريب الصورة، قدّمت محطة «فرانس إنفو» التلفزيونية الفرنسية مثالًا عمليًا: فإذا كان متوسط الدخل السنوي الصافي في القطاع الخاص عام 2024 يبلغ 32791 يورو، فيمكن للشخص أن يُهدي قريبًا له ما يصل إلى 800 يورو خلال الأعياد من دون أي تصريح ضريبي.

ومع ذلك، تبقى هذه الأرقام عرفية وليست قانونية صِرفة، إذ لا يحدّد القانون سقفًا دقيقًا. لذا يُنصح، قبل تقديم مبالغ كبيرة، باستشارة خبير ضرائب، حتى وإن كان التصريح لا يعني بالضرورة دفع ضرائب إضافية.

أما بالنسبة لمتلقي الهبة، فستتغيّر الإجراءات ابتداءً من 1 يناير/ كانون الثاني 2026، إذ ستصبح تصاريح الهبات إلزامية عبر الإنترنت من خلال موقع impots.gouv.fr، وذلك بغضّ النظر عن تاريخ تقديم الهبة، بما يشمل الهبات المقدّمة قبل عام 2026.

وتبقى الهدايا النقدية في عيد الميلاد مسموحًا بها ولا تُثقل كاهل العائلات بإجراءات ضريبية، طالما بقيت في حدود المعقول. لكن عند الانتقال إلى مبالغ كبيرة، يصبح الحذر واجبًا، وتغدو المعرفة بالقواعد الضريبية أفضل هدية لتجنّب أي مفاجآت غير سارة.