وقف إطلاق النار في غزة.. خارطة طريق إماراتية نحو «سلام مستدام»
ترحيب إماراتي بإعلان الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، مع توجيه عدد من الرسائل تشكل خارطة طريق نحو سلام مستدام لتلك القضية.
رسائل مهمة تضمنها بيان الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، الذي أكد أنّ دولة الإمارات ثابتة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
بيان يتوج جهودا دبلوماسية مستمرة لدعم التوصل إلى هدنة في غزة والدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، جنبا إلى جنب مع دعم إنساني متواصل عبر عملية "الفارس الشهم 3" للتخفيف من تداعيات الحرب المتواصلة على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
خارطة طريق إماراتية
ولطالما أعربت دولة الإمارات عن دعمها الكامل لجهود الوساطة الحثيثة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، التي توجت مساء الأربعاء بالإعلان عن وقف إطلاق النار ضمن اتفاق شامل.
ويتضمن الاتفاق وقفا كاملا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة في غزة، وإطلاق سراح الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل، وفق مراحل زمنية وآليات وضوابط محددة.
وأعرب الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عن ترحيب دولة الإمارات بإعلان الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وعلى إطلاق سراح المحتجزين والرهائن والأسرى.
وأثنى على الجهود التي قامت بها دولة قطر، وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، لتحقيق هذا الاتفاق.
وأعرب عن الأمل في أن يمهد الطريق لإنهاء المعاناة، ويمنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، ويضع حداً للأزمة والأوضاع المأساوية في القطاع.
وشدد على عدد من الأمور تشكل ثوابت إماراتية وخارطة طريق نحو حل مستدام لتلك القضية وهي:
- ضرورة أن يلتزم الطرفان بما تم التوصل إليه من توافقات والتزامات في سبيل إنهاء معاناة الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين.
- التأكيد على موقف دولة الإمارات الراسخ الداعي إلى ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين بشكل عاجل ومستدام والسماح بتدفقها بكل السبل وبلا عوائق، لإنهاء الأوضاع الإنسانية الحرجة التي يواجهها المدنيون منذ أكثر من 15 شهراً.
- ضرورة دعم المجتمع الدولي كافة الجهود الساعية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وكذلك وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
- التأكيد على أنّ دولة الإمارات ثابتة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.
وقف إطلاق النار.. دعم إماراتي
وعلى مدار الفترة الماضية أكدت الإمارات مرارا وتكرارا دعمها جهود الوساطة، وقبل أسبوع أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال استقباله جدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلي في أبوظبي، أهمية العمل من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وتجنب اتساع رقعة الصراع في المنطقة.
وأشار إلى أن الأولوية هي إنهاء التوتر والعنف وحماية أرواح المدنيين وبذل كافة الجهود لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية الملحة.
وشدد على دعم دولة الإمارات لجهود الوساطة التي تقوم بها دولة قطر الشقيقة وجمهورية مصر العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأمريكية الصديقة للتوصل إلى صفقة تبادل تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وكذلك إيصال المساعدات بشكل كاف وعلى نحو آمن ومستدام دون أية عوائق إلى المدنيين في قطاع غزة.
أيضا خلال استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في أبوظبي 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر، تم خلال اللقاء التأكيد على أهمية تكثيف الجهود المبذولة تجاه وقف إطلاق النار والتوصل إلى تهدئة شاملة في منطقة الشرق الأوسط ومنع توسيع الصراع فيها بما يحفظ الأمن والاستقرار الإقليميين.
الرسائل ذاتها أكدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال المباحثات التي جمعته مع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن خلال زيارته واشنطن سبتمبر/أيلول الماضي.
وتركزت المباحثات حول التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الأزمة الإنسانية في قطاع غزة والجهود المبذولة تجاه وقف إطلاق النار في القطاع بما يسمح بتدفق المساعدات الإنسانية الكافية دون عوائق واحتواء التصعيد في المنطقة الذي يهدد أمنها واستقرارها.
وثمن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا السياق جهود الوساطة المشتركة التي تقوم بها الولايات المتحدة وجمهورية مصر العربية ودولة قطر للتوصل إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية مواصلة هذه الجهود بوصفها خطوة أولى في الطريق نحو استئناف المسار السياسي لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم الذي يقوم على أساس "حل الدولتين" ما يضمن الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كافة.
أيضا سبق أن أصدر الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بيانا في أغسطس/آب الماضي، أكد دعم بلاده الكامل جهود الوساطة الحثيثة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الأوضاع المأساوية في قطاع غزة.
ودعا الأطراف المعنية إلى الاستجابة لتلك الجهود وعدم إضاعة مزيد من الوقت، لإنهاء معاناة سكان غزة والرهائن وعائلاتهم.
حراك دبلوماسي متواصل
مواقف ودعوات تأتي ضمن جهود الإمارات السياسية والدبلوماسية والإنسانية لدعم فلسطين عموما وغزة، خصوصا في إطار التزام دولة الإمارات الراسخ بدعم قضية فلسطين، التي تعد أحد ثوابت سياستها الخارجية منذ تأسيسها وحتى اليوم.
جهود دبلوماسية وسياسية تكثفت منذ الهجوم على غزة عبر أكثر من مسار وتواصلت حتى اليوم، من أبرزها:
- مباحثات القيادة السياسية (جهود متواصلة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات).
ومنذ اندلاع حرب غزة لا يكاد يمر يوم دون أن يجري الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مباحثات واتصالات مع قادة ومسؤولي دول العالم لبحث جهود التهدئة والدعوة للحفاظ على أرواح المدنيين وتوفير الحماية لهم، وبحث سبل إيجاد أفق للسلام الشامل في المنطقة.
- حراك دبلوماسي متواصل (مباحثات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ودبلوماسيي الإمارات وبيانات وزارة الخارجية).
ضمن أحدث تلك الجهود تصدرت المباحثات الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، مباحثات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وجدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلي في أبوظبي قبل أسبوع.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال اللقاء الأهمية العاجلة للدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لإعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، بما يسهم في ترسيخ دعائم الاستقرار وتحقيق الأمن المستدام في المنطقة وإنهاء العنف المتصاعد الذي تشهده.
كما أكد التزام دولة الإمارات الراسخ بدعم الشعب الفلسطيني الشقيق وحقه في تقرير مصيره، مشددا على مواقف دولة الإمارات الأخوية الراسخة تجاه الشعب الفلسطيني على مدار العقود الماضية.
وأشار إلى أن الإمارات العربية المتحدة لن تدخر جهداً في مد يد العون للأشقاء الفلسطينيين، وستواصل تقديم المبادرات الإنسانية لغوثهم.
- تحركات في المحافل والمنظمات الدولية (مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية ومختلف المؤتمرات والمحافل الدولية).
- تعزيز التعاون مع مختلف الأطراف في المنطقة والعالم لتقديم الدعم الإنساني لقطاع غزة.
المحافل الأممية والدولية
على صعيد جهودها المتواصلة في المحافل الأممية كانت لدولة الإمارات جهود بارزة لدعم القضية الفلسطينية، من أبرزها:
- دعت الإمارات في بيانها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها التاسعة والسبعين نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، إلى وقفٍ فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات بشكلٍ عاجل وكامل ودون عوائق، وعلى نطاق واسع، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
- رحبت الإمارات باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة 18 سبتمبر/أيلول 2024، قرارا بالأغلبية يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عام.
- قدمت الإمارات مشروع قرار بأهلية دولة فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة، وذلك بصفتها رئيسة المجموعة العربية لشهر مايو/أيار 2024.
وحاز القرار على تصويت الجمعية العامة بغالبية كبيرة لصالح قبول منح دولة فلسطين العضوية الكاملة، في خطوة تاريخية على طريق السلام وتحقيق حل الدولتين.
محكمة العدل الدولية
رحبت دولة الإمارات في 20 يوليو/تموز الماضي بما صدر عن محكمة العدل الدولية من رأي استشاري يعتبر سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية انتهاكا للقانون الدولي.
- رحبت دولة الإمارات في 29 مارس/آذار الماضي بما أصدرته محكمة العدل الدولية من إجراءات مؤقتة إضافية، في إطار نظر قضية منع الإبادة الجماعية التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا، التي تطالب إسرائيل بضرورة السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وفتح المزيد من نقاط العبور لنقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية.
- أكدت دولة الإمارات، خلال مشاركتها في أعمال الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت في فبراير/شباط الماضي في جنيف، أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة يتطلب تكثيف العمل الجماعي والجهود المشتركة لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وتسريع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية الضرورية إلى قطاع غزة بشكل كاف مستدام وبطريقة آمنة ودون عوائق.
ودعت الإمارات إلى ضرورة إيجاد أفق سياسي لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، إذ يفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، لتجنيب المنطقة اتساع واستمرار المواجهات والعنف.
اختراق تاريخي
يأتي ذلك ضمن جهود إماراتية متواصلة لدعم فلسطين على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية، تكللت بنجاح دولة الإمارات في آخر أيام عضويتها بمجلس الأمن الدولي في ختام عام 2023 بتحقيق اختراق تاريخي عبر اعتماد المجلس قرارا إماراتيا حمل رقم 2720 يدعو إلى «اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون بشدة في غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض».
ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين شخص في منصب "كبير منسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار"، وكان أبرز نتائج هذا القرار على أرض الواقع ما يلي:
تعيين الهولندية سيغريد كاغ في منصب كبير منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023.
دعم دبلوماسي واكبه دعم إنساني لا ينقطع، حيث تتدفق المساعدات الإماراتية على القطاع الذي يعيش حربا دمرت الأخضر واليابس.
ومنذ مطلع عام 2025 تكثف دولة الإمارات دعمها الإنساني والإغاثي عبر عملية "الفارس الشهم 3" للتخفيف عن أهل غزة معاناتهم جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
مبادرات سياسية وإنسانية متتالية تربُت بها دولة الإمارات وقيادتها على قلوب أهل غزة، وتحاول عبرها مداواة جروحهم وتخفيف آلامهم.
ورسمت دولة الإمارات عبر تلك المبادرات ملحمة إغاثية إنسانية، قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وجعلت البلاد في صدارة دول العالم الداعمة لأهل غزة بشكل خاص والعمل الإنساني بشكل عام، في مسار توثقه الحقائق على أرض الواقع وتؤكده لغة الأرقام.
أحدث تلك الأرقام صدرت قبل أسابيع من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وكشفت عن تصدر الإمارات قائمة الدول الأكثر دعما لسكان غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بقيمة بلغت 828 مليون دولار، وبنسبة 42% من مجمل المساعدات المقدمة للقطاع.