مركز الأطراف الصناعية بعدن.. ترميم ما شوهته ألغام الحوثي
"العين الإخبارية" تتجول داخل مركز الأطراف الصناعية في عدن، حيث أطفال بترت أرجلهم أو أجزاء من أجسادهم
أطفال صغار بترت أرجلهم أو أجزاء من أجسادهم، بعضهم يجلس على كراسي بلاستيكية رفقة ذويهم، والبعض الآخر يحاول المشي بأطراف صناعية.
مشهد يبدو مألوفا للعاملين بمركز الأطراف الصناعية في مدينة عدن جنوبي اليمن، هناك حيث ترمم أجساد اليمنيين التي خربها رصاص أو ألغام أو قذائف الحوثيين.
أجساد تدفع فاتورة الانقلاب الحوثي على الشرعية، ويتدفق أصحابها على المركز الذي رممه الهلال الأحمر الإماراتي عام ٢٠١٥، باحثين عن ذراع أو قدم أو ساق، محاولين استعادة مظهرهم الطبيعي ولو بشكل جزئي.
كثيرة هي الوجوه المكفهرة بالمركز هذا اليوم بالتزامن مع وجود فريق "العين الإخبارية" هناك، لكن أكثر ما يستقطب الانتباه كان الطفل عماد، الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره، والذي حرمه لغم حوثي من ساقيه عام 2015 وهو يلعب مع أقرانه.
قصة حزينة لطفل لم يدرك بعد المعنى المكتمل للحياة والحرب والموت، ومع ذلك بدا أن عماد استطاع التأقلم مع وضعه الجديد، والأهم مع نظرات الشفقة التي تطارده في كل مكان، وهو يزحف بجذعه العلوي منتقلا من مكان إلى آخر.
عماد جاء مع والده للتدرب على المشي بأطراف صناعية، مثله في ذلك مثل العديد من أترابه القادمين من مناطق يسيطر عليها الحوثيون، ويحولونها إلى جحيم من الألغام.
المركز بحاجة ماسة للدعم
وتعقيبا على الموضوع، تحدث نائب مدير المركز الدكتور عبد الله القيسي، عن الأعداد المتزايدة لضحايا الألغام وخاصة الأطفال، مشيرا إلى أن الحالات التي يستقبلها المركز أصبحت أكبر من طاقته الاستيعابية.
وقال القيسي لـ"العين الإخبارية": إن "الحالات التي يستقبلها المركز تأتي من مناطق كثيرة باليمن، لكن أكثرها من الوازعية على حدود تعز، والمخا".
ولفت القيسي إلى أن المركز استقبل في 2018 نحو 120طفلا ممن فقدوا أطرافهم، و100 في العام السابق له، معربا عن أمله في أن يحصل المركز على الدعم من أجل استكمال مشواره الإنساني لإعادة البسمة إلى أفواه الأطفال.
دعم شدد على أنه سيكون حافزا لضحايا الألغام على وجه الخصوص، من أجل تقليص معاناتهم ومنحهم فرصة الشعور باكتمال أجسادهم، ومنحهم القدرة على الحركة بشكل شبه طبيعي.
ووفق القيسي، فإن المركز يتلقى مساعدات من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" التي تتلقى بدورها الدعم من دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
وفي عام ٢٠١٥، افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، مشروع إعادة تأهيل وصيانة مركز الأطراف الصناعية ومبنى ذوي الاحتياجات الخاصة في مديرية المنصورة بمحافظة عدن.
وشملت الأعمال الإنشائية للمركزين حينها، صيانة وتأهيل المباني، بالإضافة إلى صيانة شبكات البنية التحتية من مياه وكهرباء وشبكة الصرف الصحي لكل من مبنى مركز الأطراف الصناعية وجمعية ذوي الاحتياجات الخاصة.
دول التحالف.. دعم يخفف المعاناة
منذ أن هرع التحالف العربي لنجدة الشرعية في اليمن بناء على طلب من سلطات هذا البلد، حرصت قواته على اتخاذ جميع الخطوات لضمان تفادي وقوع الإصابات بين المدنيين في عملياته العسكرية وحماية المدنيين، وفق مبادئ القانون الإنساني الدولي.
كما بذل التحالف جهودا وأظهر تعاونا مستمرا مع منظمات الإغاثة سواء الأممية منها أو غيرها، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في اليمن، وتسهيل تدفق السلع التجارية.
ولتيسير دور المنظمات الأممية العاملة في اليمن، لم تبخل السعودية والإمارات عليها بتبرعات سخية، من أجل أداء مهامها على أكمل وجه، وتخفيف المعاناة على أكبر عدد ممكن من اليمنيين المضطهدين جراء انقلاب الحوثي.
كما قدم البلدان مساعدات إنسانية ضخمة لهذا الشعب الغارق في أتون الدم، وساهما عبر مختلف منظماتهما الإنسانية والإغاثية، في تدشين برامج تدريب وتأهيل، وفتح نوافذ الأمل أمام أطفال بترت ألغام الحوثي أرجلهم، أو نساء ثكالى أو فاقدات للسند العائلي.
جهود جبارة تقف وراء تلك المخيمات المنتشرة في عدد من محافظات ومديريات اليمن، وتقف على خط النار في جبهات القتال، دعما لأواصر الأخوة، وللشرعية ولعروبة اليمن.