المجر تغازل تشاد ببعثة أمنية.. عين على كعكة المعادن أم مساعدة للكرملين؟
في سباق النفوذ على القارة السمراء، حاولت المجر العثور على موطئ قدم لها، فوضعت تشاد نصب عينيها، كمدخل لها إلى أفريقيا الغنية بالثروات.
فمن بوابة تشاد، تطمح المجر إلى إنعاش خزائنها من الكعكة الأفريقية، سالكة في ذلك الدرب، نهج الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في تحقيق النفوذ الدائم بالاستثمارات الأمنية.
فماذا فعلت المجر؟
تقول صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية، إن من المقرر أن تنشر المجر نحو 200 جندي في تشاد، في محاولة الهدف منها ظاهريًا محاربة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
واقترحت المجر، العضو في الاتحاد الأوروبي، إرسال مساهمتها البالغة 14 مليون يورو (حوالي 15.6 مليون دولار) من مرفق السلام الأوروبي إلى تشاد، وهو الاقتراح الذي سيتم مناقشته في اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي في 26 سبتمبر/أيلول.
ومرفق السلام الأوربي هو أداة مالية اعتمدها الاتحاد الأوروبي في 2021، وتغطي جميع أعماله الخارجية التي لها آثار عسكرية أو دفاعية بموجب السياسة الخارجية والأمنية المشتركة.
وقبل أيام، استضاف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي في بودابست، في محادثات، استبقها أوربان بالتغريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا: «لا يمكن وقف الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا بدون دول منطقة الساحل».
ويزعم خبراء الأمن أن إرسال 200 جندي لن يكون له تأثير كبير في بلد يزيد حجمه عن ضعف حجم فرنسا وأكبر بنحو 14 مرة من حجم المجر.
فما الهدف الحقيقي؟
بحسب صحيفة «فورين بوليسي»، فإن الهدف الحقيقي لأوربان هو الحصول على حصة من كعكة المعادن الحيوية الوفيرة في تشاد، مشيرة إلى أن رئيس وزراء المجر يتبع نهج الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في تحقيق النفوذ الدائم بأرخص الاستثمارات الأمنية.
وفي الأشهر الأخيرة، أقامت بودابست علاقات أوثق مع تشاد، فاقترحت فتح سفارة، وتوفير 150-200 مليون دولار لدعم قطاعي الأغذية والزراعة، وتقديم 25 منحة دراسية سنويًا للطلاب التشاديين للدراسة في الجامعات المجرية.
وبحسب ما ورد جرى تعيين نجل أوربان، غاسبار أوربان، كـ«ضابط اتصال» يقود المهمة المجرية في تشاد.
ويخشى بعض المحللين أن تساعد بودابست، القريبة من الكرملين، في تعزيز المصالح الروسية في منطقة الساحل، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتقع تشاد عند مفترق طرق مركزي بين شمال وغرب ووسط أفريقيا، مما يجعلها موقعًا مميزا للدول الأجنبية المتنافسة على النفوذ الأفريقي.
وتعد تشاد آخر معقل لفرنسا في منطقة الساحل، حيث يتمركز فيها أكثر من 1000 جندي فرنسي، كما استقبلت قوات من الاتحاد الأوروبي بعد طردها من بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وزار فريق مكون من 10 أعضاء بقيادة اللواء كينيث إيكمان من القيادة الأمريكية في أفريقيا تشاد الشهر الماضي للتفاوض على عودة القوات الأمريكية التي طُردت في أبريل/نيسان الماضي.
خارطة الطريق
وفي خطوة مدعومة من فرنسا، تولى ديبي السلطة في أبريل/نيسان 2021 بعد وفاة والده الرئيس السابق إدريس ديبي إتنو، الذي توفي وهو يقاتل المتمردين.
ويعتقد بعض المحللين أن ديبي استعار خارطة الطريق التي وضعها والده الراحل «والتي تتلخص في استخدام التدخلات العسكرية الدولية للبقاء في السلطة» بحسب الصحيفة الأمريكية، التي أشارت إلى أن القيادة العسكرية التشادية باتت أحد مكافحي الإرهاب في المنطقة.
وحذر جون أ. ليشنر وسيرجي إيليدينوف وآدم ساندور في مجلة فورين بوليسي الأسبوع الماضي من أن «الحرب على الإرهاب منعت فرنسا والغرب من تحديد الأسباب الجذرية للإرهاب في الساحل بشكل صحيح.. فقد أضاف التنافس الجيوسياسي طبقة خطيرة أخرى إلى أزمة معقدة بالفعل».
ولقد أصبحت أفريقيا ساحة لعب جيوسياسية، حيث تتنافس القوى الناشئة المتنوعة على المعادن الحيوية، والتجارة، وفرص الأمن.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الصفقات الأمنية وحدها لن تتمكن من وقف تدفق الشباب الأفارقة إلى أوروبا، محذرة من أن تصاعد العنف سيؤدي إلى تسريع الهجرة من منطقة الساحل، مما يخلق في نهاية المطاف صداعا أكبر لأوربان وغيره من الزعماء الأوروبيين.
aXA6IDE4LjIyNS4xNDkuMTU4IA== جزيرة ام اند امز