كيف أصبح رحيل ميسي فرصة لا تعوض لبرشلونة؟
رحيل ليونيل ميسي قائد برشلونة عن الفريق هذا الصيف قد يمثل فرصة لا تعوض للنادي الكتالوني.. فكيف يكون هذا؟
في الوقت الذي اشتعلت فيه الأوضاع داخل نادي برشلونة الإسباني بعد تقدم الأرجنتيني ليونيل ميسي قائد الفريق بفاكس رسمي لإدارة النادي يطلب فيه الرحيل خلال الصيف الحالي، فإن هذا الأمر لو حدث من الممكن أن يمثل فرصة للنادي الكتالوني من أجل تحقيق مكاسب لن تعوض.
وكان ميسي قام الثلاثاء الماضي بإرسال فاكس رسمي لإدارة برشلونة يطلب فيه الرحيل عن النادي مجانا قبل عام من نهاية عقده، استنادا إلى بند في العقد يتيح له فسخ العقد من طرف واحد مع نهاية كل موسم، بينما ترفض النادي التسليم بذلك بحجة أن هذا البند انتهت صلاحيته في يونيو/حزيران الماضي.
ويستند ميسي إلى أن الموسم انتهى فعليا في أغسطس/آب الحالي عقب الخروج من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بالخسارة من بايرن ميونيخ الألماني 2-8، وذلك بعد التوقف الطويل سببه فيروس كورونا، بينما تؤكد إدارة برشلونة أن دفع الشرط الجزائي المقدر بـ700 مليون يورو هو السبيل الوحيد لرحيل ميسي هذا الصيف.
وربما يكون في رحيل ميسي عن صفوف برشلونة خسارة من الناحية الفنية نظرا للمهارات الفذة التي يمتلكها اللاعب الفائز بلقب أفضل لاعب في العالم 6 مرات، لكن برشلونة قد يستفيد من هذه الصفقة ماليا واقتصاديا ما يعوض هذه الخسارة الفنية بشكل جيد.
فرصة لن تعوض
وكالة "بلومبرج" الأمريكية للأنباء ذكرت في تقرير لها أن رحيل النجم الأرجنتيني عن صفوف برشلونة لن يكون كارثة للنادي الكتالوني، وإنما قد يكون فرصة لن تعوض.
وأوضحت الوكالة أن برشلونة من حيث العائدات هو أغنى ناد رياضي في العالم، بل إنه أكثر ثراء من نادي دالاس كاوبويز الشهير لكرة القدم الأمريكية، لكن راتب ميسي الذي تشير تقارير إلى أنه يبلغ 71 مليون يورو (84 مليون دولار) سنويا يمثل ضغطا كبيرا، ويترك أثرا سلبيا على هيكل التكاليف في النادي.
ولا يقتصر التأثير على المقابل المالي الذي يتقاضاه ميسي، وإنما تضاف إلى ذلك أعباء مالية أخرى ناجمة عن مطالب لاعبين آخرين أقل في المستوى لكنهم يقارنون رواتبهم براتب ميسي الهائل، ومن ثم يزيد هذا من الأعباء المالية على خزينة النادي، وفقا للوكالة.
وإذا رحل ميسي عن الفريق الكتالوني فإن برشلونة يستطيع إعادة هيكلة الرواتب في الفريق وتقليص التوقعات بشأن هذه الرواتب خلال السنوات المقبلة وتخصيص رأس المال بشكل أكثر كفاءة.
وكان النادي أعلن العام الماضي عن صافي أرباح بلغ 0.5% فقط من العائدات التي بلغت 837 مليون يورو، ويعود الربح الضئيل، جزئيا، إلى أن النادي مملوك من قبل 142 ألف عضو، مما يعني أنه يعيد استثمار كل العائدات في الفريق.
ومع زيادة عائدات النادي تزداد رواتب لاعبي الفريق، ومع القفزة الكبيرة في العائدات بنسبة 44% بين عامي 2017 و2019 شهدت رواتب اللاعبين زيادة أخرى كبيرة، حيث جاءت أكبر زيادة من اتفاقية الرعاية مع شركة "نايكي" الأمريكية، والتي بدأت في عام 2018.
وتردد أن قيمة العقد تبلغ 155 مليون يورو في الموسم الواحد، لكن الأمر انتهى إلى مبلغ أقل من هذا قليلا بسبب تمسك برشلونة ببعض حقوق التسويق، ومنح هذا العقد ميسي فرصة الحصول على راتب أعلى من النادي.
وعقب هذا، اضطر النادي لإبرام عقود للاعبين آخرين مثل المهاجم الأوروجواياني لويس سواريز، ولاعب الوسط الهولندي فرينكي دي يونج، والنجم الفرنسي أنطوان جريزمان، أكبر من عقودهم السابقة.
خسائر كبيرة
يبلغ إجمالي الرواتب التي يسددها برشلونة حاليا أكثر من 485 مليون يورو سنويا ليكون الإجمالي الأعلى على مستوى أندية كرة القدم في العالم، لكن مسيرة الفريق على أرض الملعب لم تشهد ارتقاء مماثلا حيث فشل الفريق في إحراز لقب دوري أبطال أوروبا منذ عام 2015.
وعندما فاز ليفربول الإنجليزي بلقب دوري الأبطال في 2019، كان إجمالي رواتب لاعبي الفريق هو 276 مليون يورو فقط علما بأن قائمته تضم 5 لاعبين أكثر من قائمة برشلونة.
ولأن الرواتب الكبيرة في برشلونة لم يقابلها فوز بقدر كاف من الألقاب والجوائز المالية، أصبح النادي تدريجيا بلا أرباح إلا من بعض الانتقالات للاعبيه إلى أندية أخرى سواء بالبيع أو الإعارة.
لكن نظرا للطريقة التي يتم بها إعادة تقييم اللاعبين خلال مدة عقودهم، فقد يكون ذلك سمح لبرشلونة بتسجيل زيادة في قيمة أصوله غير الملموسة (لاعبيه)، دون دفع أي أموال إضافية بالفعل.
ويمكن أن يترجم هذا إلى ربح في دفاتر المحاسبة على مستوى التشغيل، رغم عدم وجود دخل نقدي للنادي من مثل هذه الصفقات، لكن هيكل ملكية برشلونة يجعل التدفق النقدي أكثر أهمية مما قد يكون للفرق التي تضم مساهمين.
لكن كلما زاد إنفاق النادي على اللاعبين قل ما لديه من احتياطي للأوقات الصعبة، خاصة أن برشلونة مملوك للجماهير ولا يمكنه بيع حصة من أسهمه إذا واجه صعوبات مالية، أو على الأقل لا يمكنه فعل هذا بدون موافقة أعضاء النادي، وهو ما يجعل الأمر في غاية الصعوبة.
وهذا النموذج الذي يعتمد على المشجعين وأعضاء النادي يعني أيضا أنه يمكن للنادي الاقتراض بشكل أقل بكثير من منافسيه الكبار.
ميسي وكورونا
لن يكون رحيل ميسي المحتمل عن صفوف برشلونة أمرا سهلا لمحاسبي النادي؛ فبينما يوجد في عقد اللاعب مع النادي بند بشرط جزائي تبلغ قيمته 700 مليون يورو، يحاول ميسي التذرع ببند يسمح له بالمغادرة مجانا.
لكن في المقابل، يبدو أن برشلونة لن يسمح بحدوث ذلك، غير أن صافي القيمة الحالية لمغادرة اللاعب قد يدفع برشلونة لخفض المقابل المالي المطلوب لإتمام الصفقة وعدم التمسك بقيمة الشرط الجزائي.
ولن يؤدي بيع ميسي فقط إلى تقليص النفقات التي يتحملها برشلونة للاعب نفسه، بل سيقلص أيضا من التأثير التضخمي على الرواتب الأخرى لباقي اللاعبين، وقد يكون هذا في غاية الأهمية للنادي لاسيما أن عالم كرة القدم مقبل الآن على أول موسم بعد أزمة تفشي الإصابات بفيروس "كورونا" المستجد.
كما أن إقامة مباريات الموسم الجديد بدون جماهير ستقلص عائدات الأندية التي كانت تأتي من بيع تذاكر حضور المباريات، ولهذا قد يكون هذا هو الوقت الأكثر ملاءمة لبيع ميسي من أجل تخفيض التزامات النادي تجاه لاعبي الفريق من ناحية ومواجهة تبعات أزمة وباء "كورونا" من ناحية أخرى.
aXA6IDMuMTQ1LjE1NC4yNTEg جزيرة ام اند امز