الجانب الآخر من Chat GPT.. هل يعوض غياب الأصدقاء؟ (خاص)
يمثل تطبيق Chat GPT تطورا جديدا وسريعا في مجال التكنولوجيا، أثار الكثير من الجدل بمجرد طرحه، وحاز على إعجاب من جربوه.
Chat GPT ، هو تطبيق جديد يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويتمتع بقدرة هائلة على التنبؤ بالكلمات التالية في الجملة، التي يريد إدخالها المتحدث، بخلاف العديد من المميزات الأخرى، بناء على تحليل كميات كبيرة من نصوص الإنترنت.
بلغ عدد مستخدمي Chat GPT، أكثر من مليون شخص خلال أيام فقط من إطلاق البرنامج، فكيف سيؤثر هذا التطبيق على حياتنا؟ وهل يمكن أن يدفع البعض للتخلي عن مساعدة الأصدقاء في ظل وجود بديل يجيب عن كل الأسئلة في أي وقت؟
"العين الإخبارية" طرحت السؤال على بعض المختصين، وهذه كانت إجاباتهم.
"شات مريح"
تقول الباحثة في الشؤون الاجتماعية، إسراء رفعت، إن خطورة مثل هذا التطبيق أنه يعتبر خيارًا مريحًا للأفراد، فبدلاً من البحث عن أصدقاء قد يكونوا منشغلين أو غير مهتمين بالحديث في نفس الموضوع الذي أتحدث به، سيكون هذا خيارًا مريحًا.
وتضيف رفعت، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن مثل هذه التطبيقات سيكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على المجتمع، وستغير مفهوم وأهمية التواصل الإنساني.
وتوضح رفعت أن التواصل الإنساني يعاني من أزمة حاليًا، وهي استغناء الأفراد عن المقابلات وجهًا لوجه لصالح تطبيقات الدردشة مثل واتساب، وChat GPT يمثل النقلة الجديدة وهو بدلاً من الحديث في الشات مع أشخاص ستتحدث مع روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي الذي لا يكل ولا يمل، مما سيخلق حالات من الإدمان التكنولوجي ويساعد على انتشارها بشكل كبير.
غياب الدفء الإنساني
ويرى الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري الطب النفسي، أن الصداقة قيمة إنسانية عظيمة وحاجة أساسية للشخص السوي تتعلق بضرورات ومتطلبات تواصله الاجتماعي.
وأضاف الباسوسي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية، أن الشخص السوي الناضج في حاجة ماسة إلى التقدير والتحفيز ومشاعر الاحترام والحب، وكلها أمور لا تحدث إلا في وجود آخر أو آخرين.
ويوضح أن الصداقة بجانب أنها علاقة إنسانية يمكن أن تفي بكل هذه المتطلبات فإن قيمتها التواصلية تمتد إلى ما يتعلق بالأنس والدفئ الإنساني والشعور بالتقدير والأمان والتوازن النفسي، وكل ذلك يستحيل تحقيقه كاملا عبر الشات عن طريق الفضاء الإلكتروني، أو من خلال آلات إلكترونية منزوعة الشحم واللحم.
ويؤكد الباسوسي أن مشاعر مثل الحب والدفء والمرح والبهجة والثقة في النفس لا تتحقق سوى في وجود علاقة صداقة حقيقية واقعية وليست متصورة أو متخيلة، فإلانسان في حاجة دائمة إلى إنسان حقيقي يهرب من خلاله من عوالم الوحدة والقلق والاكتئاب إلى عوالم الونس والحب والرغبة في الحياة.
لذة مرضية
ويؤكد الدكتور جمال أمين، خبير التنمية البشرية، أن تعلق الإنسان بالشات مع الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في انفصام في الشخصية، ويجعله غير قادر على التعامل مع الآخرين، كما يجعله مدمنًا لما أسماه "اللذة المرضية للتعامل مع التكنولوجيا".
ويوضح أمين، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن خطوة هذا الانفصام والتوحد مع الذكاء الاصطناعي أنه سيؤثر على أفكار الشخص المدمن على مثل التكنولوجيا، فتحوله إلى شخص هزلي، خصوصًا إذا كانت المادة المقدمة هزلية.
ويضيف أمين أن هناك خطورة من التأثير على عقول الشباب، لأن الذكاء الاصطناعي يعمل وفق برمجة من صنعوه، ونحن لا نضمن أن يتم بث أفكار مشوهة تساعد في تغييب العقول.
الاستخدام الواعي
ويعتبر أمين أن كل تكنولوجيا جديدة لها مميزات، لكن لها عيوب أيضا، وعلينا أن نقوم بالاستخدام الواعي لها.
ويؤكد أمين أن البشرية تتطور بوجود القدوة، يقتدي الولد بأبيه أو معلمه فيتطور، فإذا غابت القدوة الإنسانية واستعضنا عنها بمعلم من الذكاء الاصطناعي، فإننا سنجد جيلاً مسخًا لا هوية له.