هواء «خطير جدا» يثير الذعر بين سكان شيكاغو وسط تضارب المعلومات

تحولت سماء شيكاغو في غضون ساعات قليلة إلى لغز بيئي محيّر، بعدما أظهرت خرائط جودة الهواء، ظهيرة الأربعاء، سحابة ضخمة من التلوث تغطي المدينة.
وقد بلغ مؤشر جودة الهواء (AQI) حدّه الأقصى عند 500، وهو أعلى تصنيف ممكن يشير إلى مستوى خطير جدًا من التلوث. قراءة بهذا المستوى عادةً لا تُسجّل إلا في حالات بيئية قصوى مثل حرائق الغابات أو الانفجارات البركانية.
مؤشر الهواء في شيكاغو يصل أقصاه
المثير للقلق أن أجهزة الهواتف الذكية من طراز آيفون وأندرويد بدأت في إرسال تنبيهات تحذيرية فورية إلى سكان شيكاغو، محذّرة من تهديد صحي وشيك بسبب تدهور جودة الهواء. في المقابل، انقسم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بين من وثّق وصول تلك التنبيهات إليهم، ومن أشار إلى أن أجهزة مراقبة الهواء التي يمتلكونها لم تسجّل أي مؤشرات مقلقة.
وفي منشور على منصة "ريديت"، شارك أحد السكان صورة توثق قراءة مؤشر AQI عند 405 ظهرًا بتوقيت الساحل الشرقي، متسائلًا: "هل من الآمن اصطحاب طفلي إلى الخارج اليوم؟"
تعقّد الموقف مع ظهور بيانات من بعض الهواتف الذكية تشير إلى ارتفاع تركيز أول أكسيد الكربون والجسيمات الدقيقة PM10 في الهواء، وهي جزيئات لا يتجاوز قطرها 10 ميكرومتر وتُعد مضرّة بشكل كبير عند استنشاقها. وبلغ تركيز أول أكسيد الكربون 318 جزءًا بالبليون، بينما وصل تركيز PM10 إلى نحو 669 ميكروغرامًا لكل متر مكعب، ما صنّف المدينة ضمن فئة "الخطير جدًا" حسب مؤشر جودة الهواء.
هواء ملوث أم خلل في التطبيقات؟
في المقابل، قدّمت منصات أخرى كموقع AccuWeather وIQAir قراءات مغايرة تمامًا، ووصفت جودة الهواء بأنها "جيدة" أو "مقبولة"، ما أثار تساؤلات واسعة حول دقة مصادر البيانات المختلفة.
الدكتورة خوانيتا مورا من الجمعية الأمريكية للرئة أوضحت أن مثل هذه التحذيرات ليست نادرة في شيكاغو، مشيرة إلى أن الرياح الربيعية قد تحمل دخان حرائق من ولايات مجاورة. وأكدت أنها تلقت شخصيًا خمس تحذيرات منذ مطلع العام. مورا نبّهت إلى أن جسيمات PM10 تُعد من أبرز الملوثات التي تهدد صحة الجهاز التنفسي، خاصةً للأشخاص المصابين بالربو أو أمراض الرئة المزمنة.
وفي السياق ذاته، أوضح الطبيب فين غوبتا، أخصائي أمراض الرئة في سياتل، أن مثل هذه القراءات المرتفعة غالبًا ما تكون ناتجة عن أحداث بيئية طارئة، إلا أنه أشار إلى عدم تسجيل أي حرائق كبرى في شيكاغو في ذلك التوقيت، ما زاد من غموض الموقف.
من جهتها، أوضحت وكالة حماية البيئة أن تقاريرها تشير إلى تراجع مستمر في مستويات الأوزون نتيجة جهود خفض الانبعاثات، إلا أن موسم حرائق واحد قد يُقوّض هذا التحسّن، كما حصل في العام الماضي.
وتحتل شيكاغو المرتبة الخامسة عشرة على مستوى الولايات المتحدة من حيث تلوث الهواء، وفق تقرير "حالة الهواء" الصادر عن الجمعية الأمريكية للرئة، بعدما كانت في المرتبة السابعة عشرة في السنوات الماضية. وسُجل في مقاطعة كوك، التي تضم المدينة، 52 يومًا بمؤشر "برتقالي" وستة أيام "حمراء" بين عامي 2021 و2023، وهي مستويات تُعد غير صحية لفئات متعددة من السكان.
في ظل التناقض بين التطبيقات الذكية والواقع الحسي، يجد سكان شيكاغو أنفسهم أمام خيار صعب: هل يثقون ببيانات هواتفهم، أم بما يشعرون به عبر أنفاسهم؟ وبين المعطيات الرقمية والغموض البيئي، تتوارى الحقيقة خلف ستار دخاني كثيف.
aXA6IDE4LjExOS4xMjYuMjEg جزيرة ام اند امز