بعد 100 عام.. دجاجة موسوليني الأشهر بمقبرة إيطالية
بعد دفنها قرابة الـ100 عام ، عادت دجاجة الديكتاتور بينيتو موسوليني، للضوء مرة أخرى لتحكي قصة مدفنها العريق.
ففي جنوب غرب العاصمة الإيطالية، تحتضن أقدم مقبرة للحيوانات الأليفة، رفات أشهر الحيوانات المدفونة على الإطلاق، دجاجة موسوليني.
فما هي قصة الدجاجة؟
تحتضن مقبرة "كاسا روزا" أو "البيت الوردي"، بالذكرى المئوية لتأسيسها هذه السنة، رفات آلاف الكلاب والقطط بالإضافة إلى مجموعة من الحيوانات الأخرى، حيث دفن فيها على مر تلك السنوات، نحو ألف حيوان.
وداخل المقبرة تتجاور في ظلال أشجار الصنوبر والنخيل شواهد القبور التقليدية مع أخرى خشبية صغيرة ذات ألوان زاهية ومزينة بدمى تمثّل حيوانات وبتماثيل صغيرة.
وبالعودة إلى قصة دجاجة ديكتاتور إيطاليا، يقول صاحب المقبرة لويجي مولون (73 عاما) لوكالة "فرانس برس"، إنه: "بدأ كل شيء بالمقبرة مع دجاجة موسوليني".
وروى مولون أن الزعيم الإيطالي "لم يكن يملك أرضاً لدفن دجاجته، فجاء بها إلى هنا ، وكان أبناؤه يُحضرون الورود لاستعادة ذكرياتهم السعيدة معها"، إذ كانت رفيقتهم في اللعب.
ودفنت الدجاجة بالفعل في قطعة في أرض يملكها والد لويجي مولون، الطبيب البيطري الذي يحظى بثقة الـ"دوتشه".
وضاعت آثار الدجاجة على مر السنين، لكنّ دفنها في هذا المكان أكسبه الشهرة وحوّله مقصداً لكثر من الباحثين عن مثوىً أخير لحيواناتهم الأليفة.
أما اليوم، فباتت المقبرة ذات طابع شعبي أكبر، حتى لو كان لبعض الكلاب النافقة المدفونة فيها أسماء مشاهير، على غرار "اللورد بايرون"، وهو كلب "سيتر" إيرلندي أطلق عليه اسم الشاعر الإنكليزي الشهير.
وفي ثرى روما، ووريَ عظماء صنعوا التاريخ، وفي أضرحة مدافن المدينة العريقة، يرتاح أباطرة وبابوات وملوك، بالإضافة إلى دجاجة موسوليني.
وبخلاف الدجاجية فداخل المقبرة هناك حيوانات كثيرة مدفونة رافقت في حياتها عدداً من المشاهير أيضا، منهم مخرج "لا دولتشه فيتا" فيديريكو فيلّيني والممثلة الحائزة جائزة الأوسكار آنا مانياني وحتى بريجيت باردو التي نفق كلبها أثناء مشاركتها في تصوير فيلم في المدينة الخالدة.
لكن أشهر أصحاب الحيوانات هو بلا شك الديكتاتور بينيتو موسوليني الذي حكم بلاده بقبضة حديد من عام 1922 إلى عام 1943.
عبارات الوداع
وداخل المقبرة تتنوع عبارات الوداع المكتوبة على مقابر الحيوانات، ومنها "المنزل فارغ وحزين بدونك" على قبر الغرانيت الذي يحتضن رينغو، وهو كلب من نوع الراعي الألماني نفق عام 1979. أما على قبر السلحفاة روغا التي نفقت عام 2017، فاكتُفيَ بعبارة بسيطة "أحبكِ".
كما تم تزيين عدد من الأضرحة بصور الحيوانات المدفونة فيها، ومنها بيّو محاطاً بأسرته، وجاك جرواً ثم كلباً بالغاً.
وتبدو المقبرة أشبه بحديقة حيوانات ولكن نافقة، إذ فيها خيول وأرانب وحمير وهامستر وسلاحف وبط وحمام وببغاوات وحتى لبؤات.
ولاحظ صاحب المقبرة لويجي مولون، أن بعض أصحاب الحيوانات النافقة يزورون أضرحتها كل يوم، فيما يكتفي آخرون بزيارة أسبوعية.
وأشار إلى أن طقوس الزيارات ووضع الزهور أو الدمى على قبر الحيوان الراحل "أشبه بامتداد للمداعبات والنزهات" خلال حياته.
وتردد مولون في الافصاح عن تكلفة استئجار القبر لمدة خمس سنوات، والذي أشارت بعض وسائل الإعلام المحلية إلى أنه يبلغ نحو 150 يورو.
ويجدد عقد الإيجار بعد خمس سنوات، في حين لا يفعل البعض الآخر، مما يفسح المجال للوافدين الجدد.
ورأى لويجي مولون الذي سيتولى نجله المسؤولية مستقبلاً أن عدم التجديد "ليس أمراً سيئًا" لأنه "يعني أن الألم انتهى".
وعلى قبر القط جيوتو الذي نفق عام 2020 وهو في سن الثانية، كتب أصحابه "يا لك من شقيّ صغير لطيف كان يركض في كل مكان. لقد تركتنا مبكراً جداً .. الآن يمكنك الركض والتسلق بين السحاب".
سطور في حياة موسوليني
وأعُدم موسوليني، الذي عاش في سويسرا بين عامي 1902 و1904، على يد الثوار في أبريل/نيسان 1945.
وفي يونيو/ حزيران الماضيـ، قررت لجنة تابعة لجامعة سويسرية عدم سحب الدكتوراه الفخرية التي منحتها للدكتاتور الإيطالي الراحل.
وأعلنت اللجنة هذا القرار حينها، رغم إقرارها بأن تكريم موسوليني، كان "خطأ فادحا".
وكانت جامعة لوزان قد كرمت الزعيم الفاشي في عام 1937 "لأنه أوجد في وطنه منظمة اجتماعية... ستترك أثرا عميقا في التاريخ".
وطُلب من الجامعة مرارا سحب التكريم المثير للجدل لزعيم كان حليفا لأدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩-1945).
وخلصت لجنة خبراء كُلفت بالنظر في القضية إلى أن قرار منح الدكتوراه "كان خطأ جسيما من جانب السلطات الأكاديمية والسياسية" في ذلك الوقت.
ومع ذلك، لم تصدر اللجنة توصية بسحب اللقب، قائلة إن هذا سيعطي انطباعا خاطئا بأن القرار الأصلي بمنحه الدكتوراه يمكن تصحيحه اليوم".
وموسوليني هو مؤسس الفاشية وزعيم إيطاليا من عام 1922 إلى عام 1943. وهو أول ديكتاتور فاشي في أوروبا في القرن العشرين، وأدخل إيطاليا في تحالف مع ألمانيا النازية واليابان في الحرب العالمية الثانية.
وخلال الحرب العالمية الثانية كشف إعلانه للحرب على بريطانيا وفرنسا في يونيو/حزيران من عام 1940 عن ضعف الجيش الإيطالي وأعقبته سلسلة من الهزائم في شمال وشرق أفريقيا والبلقان.
وفي يوليو/تموز من عام 1943، نزلت قوات الحلفاء في صقلية وتمت الإطاحة بموسوليني وسجنه من قبل زملائه السابقين في الحكومة الفاشية.
وفي سبتمبر/أيلول من ذلك العام، وقعت إيطاليا هدنة مع الحلفاء.
وبدأ الجيش الألماني عملية احتلال إيطاليا وأنقذ الكوماندوز الألماني موسوليني ليتم تنصيبه على رأس حكومة جديدة، ولكن لم يكن لديه سوى القليل من السلطة.
ومع تقدم الحلفاء شمالا عبر إيطاليا، هرب موسوليني نحو سويسرا ولكن تم القبض عليه من قبل الثوار الإيطاليين وقتل بالرصاص في 28 أبريل/نيسان من عام 1945.
واستقبل السواد الأعظم من الشعب الإيطالي مقتل موسوليني دون ندم. لقد جر بلده إلى حرب مدمرة لم تكن راغبة في خوضها وغير مستعدة لها.
وتمت استعادة الديمقراطية في البلاد بعد 20 عاما من الديكتاتورية، وحصل حزب الفاشي الجديد، الذي اتبع مُثل موسوليني، على 2 % فقط من الأصوات في انتخابات عام 1948.