انتخابات رئاسة حاسمة في تشيلي.. الجريمة والهجرة تشعلان صناديق الاقتراع
تتجه الأنظار، الأحد، إلى تشيلي حيث يتوجه ملايين الناخبين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، في انتخابات تُعدّ الأكثر حساسية منذ سنوات.
ويتوقع إعلان النتائج الأولى بعد نحو ساعتين من إغلاق مكاتب الاقتراع المقرر في الساعة 16,00 (19,00 ت غ).
يأتي هذا وسط تصاعد مخاوف المواطنين من الجريمة والهجرة غير النظامية، وبروز منافسة حادة بين اليسار وأقصى اليمين.
وخلال السنوات العشر الماضية شهدت تشيلي، إحدى أكثر دول أمريكا اللاتينية استقرارًا وأمانًا، تحوّلات جذرية في المشهد الأمني.
فقد ارتفعت معدلات القتل والخطف والابتزاز بشكل غير مسبوق، ما خلق بيئة من الخوف دفعت الناخبين للبحث عن مرشح يُقدّم خطابًا أمنيًا صارمًا.
وتُظهر استطلاعات الرأي تقدّم جانيت خارا (51 عامًا)، مرشحة اليسار والحزب الشيوعي، في الجولة الأولى، فيما تمنح الاستطلاعات أفضلية لمرشح أقصى اليمين خوسيه أنتونيو كاست في الجولة الثانية المقررة في ديسمبر/كانون الأول.
خوسيه أنتونيو كاست.. «قبضة حديدية» لمواجهة الهجرة
كاست، الموصوف في الإعلام المحلي بـ«ترامب تشيلي»، جعل من الهجرة غير النظامية محورًا أساسيًا في حملته الانتخابية.
وتعهّد ببناء جدران وخنادق على الحدود الصحراوية مع بوليفيا لمنع دخول المهاجرين، ووجّه قبل الانتخابات إنذارًا لنحو 337 ألف مهاجر غير نظامي لمغادرة البلاد أو مواجهة الترحيل.
وإلى جانب مواقفه المتشددة ضد الشيوعية، وجد كاست جمهورًا واسعًا بين من يعتبرون الجريمة «الخطر الأكبر» الذي يهدد حياتهم اليومية.
لكن ماضي كاست السياسي يثير جدلًا واسعًا؛ فهو ابن ضابط ألماني خدم في الحقبة النازية، وسبق أن دافع عن الدكتاتور أوغستو بينوشيه، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد بين 1973 و1990.
هذا الإرث الثقيل يثير مخاوف قطاع واسع من الناخبين، خصوصًا من اليسار والمجتمع المدني، خشية عودة السلطوية.
جانيت خارا.. إصلاحية يسارية تواجه إرث بوريتش الضاغط
خارا، التي انضمت للحزب الشيوعي منذ الرابعة عشرة، تخوض الانتخابات كمرشحة معتدلة مقارنة بيمين متشدد.
وتستند إلى سجلّها الإصلاحي في وزارة العمل حيث خفّضت ساعات العمل الأسبوعية ورفعت الحد الأدنى للأجور.
لكنها تواجه تركة ثقيلة من الغضب الشعبي تجاه أداء الحكومة الحالية بقيادة اليساري غابريال بوريتش، الذي مُنع دستوريًا من الترشح لولاية ثانية.
ورغم نجاح حكومته في خفض جرائم القتل بنسبة 10%، فإن شعور التشيلين بانعدام الأمن لا يزال مسيطرًا.
الانتكاسة الأكبر لبوريتش كانت رفض الناخبين للدستور التقدمي الجديد عام 2022، ما أحدث شرخًا داخل القاعدة اليسارية وأضعف رصيد حكومته.
انتخابات تتجاوز حدود تشيلي
وتُعدّ انتخابات اليوم اختبارًا لوضع اليسار في أمريكا الجنوبية، الذي تراجع في الأرجنتين وبوليفيا، ويواجه تحديات في انتخابات كولومبيا والبرازيل في العام المقبل.
وسيحدث فوز أقصى اليمين في تشيلي تأثيرًا سياسيًا واسعًا في المنطقة، وربما يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية، خاصة مع الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال الخبير في المركز الأمريكي للسياسة الاقتصاد والبحث غيوم لونغ لفرانس برس، إن فوز أقصى اليمين في تشيلي "سيكون له تأثير كبير على السياسة في أمريكا اللاتينية".
وأضاف "أعتقد أن تشيلي ستؤدي دورا هجوميا للغاية على الساحة الدولية، على الأرجح في تحالف وثيق مع (الرئيس الأرجنتيني خافيير) ميلي و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب".
تصويت إلزامي يغيّر قواعد اللعبة
وللمرة الأولى منذ عام 2012، تفرض تشيلي التصويت الإلزامي، ما يضيف نحو 5 ملايين ناخب إلى العملية الانتخابية.
ولا تقتصر الانتخابات على منصب الرئاسة، بل تشمل انتخاب أعضاء مجلس النواب ونصف مجلس الشيوخ.
هذه المشاركة الواسعة قد تُعيد رسم المشهد السياسي، وتحدّد ما إذا كانت تشيلي ستسلك طريق أقصى اليمين أم تمنح اليسار فرصة جديدة لاستعادة ثقة الشارع.
ويجد الناخبون أنفسهم بين مرشح يعد بـ«قبضة من حديد» ضد الهجرة والجريمة، وآخر يَعِد بإصلاحات اجتماعية واستمرار دولة الرعاية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA==
جزيرة ام اند امز