هضبة التبت.. الصين تبني أكبر شبكة للطاقة النظيفة في العالم

في قلب هضبة التبت، وعلى ارتفاع يقارب 10 آلاف قدم، تبني الصين واحدة من أكبر شبكات الطاقة النظيفة عالمياً، وذلك من خلال مزيج من الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والسدود الكهرومائية.
وتمتد صفوف الألواح الشمسية على مساحة تعادل 7 أضعاف مانهاتن، مستفيدة من أشعة الشمس القوية والهواء الرقيق لزيادة الكفاءة، بينما تعمل توربينات الرياح على توليد الكهرباء ليلًا، وتدعم السدود إنتاج الطاقة عبر الأنهار المتدفقة.
ووفقًا لتقرير "نيويورك تايمز"، تستغل الصين موقع الهضبة ومواردها الطبيعية لبناء شبكة طاقة متجددة منخفضة التكلفة، أصبحت قادرة على تلبية معظم احتياجاتها المحلية من الكهرباء، بما في ذلك تشغيل مراكز بيانات تدعم الذكاء الاصطناعي.
وأعلن الرئيس شي جين بينغ أمام الأمم المتحدة التزام بلاده بتقليص الانبعاثات وزيادة الطاقة المتجددة بمعدل 6 أضعاف، في تحول يُعد نقطة فارقة في مسار أكبر مصدر للانبعاثات في العالم.
"تالاتان سولار بارك"
أحد أبرز المشروعات في الهضبة هو "تالاتان سولار بارك" في مقاطعة تشينغهاي، وهي منطقة مرتفعة قليلة السكان. وتمتد المحطة الشمسية على مساحة 420 كيلومترًا مربعًا، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 16930 ميغاواط، ما يكفي لتشغيل مدينة بحجم شيكاغو. وتخطط الصين لتوسيعها لتصبح عشرة أضعاف حجم مانهاتن، بدعم من طاقة رياح تبلغ 4700 ميغاواط وكهرومائية بنحو 7380 ميغاواط.
أما تكلفة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح في تشينغهاي فهي تقل بنسبة 40% مقارنة بالفحم. وتُحقق المقاطعة توازنًا في الإمدادات عبر إرسال فائض الكهرباء إلى مقاطعات أخرى، مع دعم بسيط من الفحم عند الحاجة. وتلعب الطاقة الكهرومائية دورًا محوريًا، حيث تم بناء عدة سدود على نهر الأصفر، ويُشيّد المزيد لتخزين الطاقة الشمسية وتحويلها إلى كهرباء ليلية.
وفي يوليو/تموز الماضي، دشّن رئيس الوزراء لي تشيانغ 5 سدود جديدة على نهر يارلونغ تسانغبو جنوب التبت، في مشروع يُتوقع أن يكون الأكبر عالمياً، مما أثار قلق الهند من تأثير محتمل على إمدادات المياه.
وبالإضافة إلى توليد الكهرباء، تجذب الهضبة صناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بسبب انخفاض تكاليف التشغيل. فمصانع إنتاج البولي سيليكون، المستخدم في الألواح الشمسية، ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، تتوسع بسرعة في مدن باردة مثل شينينغ ويوشو، حيث يقل استهلاك التبريد بنسبة 40%، ويُعاد استخدام الهواء الدافئ لتدفئة المباني، مما يقلل الاعتماد على الفحم.
وترتبط هذه المراكز بشبكة الألياف الضوئية الوطنية، ما يسمح بتشغيل تطبيقات متقدمة، مثل برمجة روبوتات راقصة خلال احتفالات رأس السنة القمرية. إلا أن بعض الاستخدامات، مثل بيانات السيارات ذاتية القيادة، لا يمكن نقلها إلى الهضبة بسبب الحاجة إلى زمن استجابة فائق السرعة.
ومن خلال تخطيط حكومي ضخم واستثمارات موجهة، تحولت هضبة التبت إلى نموذج يُبرز طموح الصين في الهيمنة على مستقبل الطاقة النظيفة. إنها تجربة تمزج بين الابتكار التكنولوجي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، في ظل ضغوط عالمية متزايدة لمواجهة تغير المناخ.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز