بـ«شبح» عابرة للقارات ومروحية ثقيلة.. الصين تعيد تعريف التفوق الجوي

في تطور استراتيجي، ظهرت لأول مرة صور لطائرة شبحية صينية ثقيلة غير مأهولة وبعيدة المدى خلال تحليقها في أجواء قاعدة مالان التجريبية بمنطقة شينغ يانغ غربي البلاد، التي تستخدمها الصين لاختبار أنظمة الطيران السرية المتقدمة.
كشف أثار اهتماماً واسعاً في الأوساط العسكرية والاستخباراتية الغربية، إذ تشير التحليلات الأولية إلى أن الطائرة إتش-20 - التي يُعتقد أنها جزء من مشروع سري تابع لشركة "آفيك" الحكومية - تعتمد تصميم "الجناح الطائر" الخالي من الذيل، المشابه للطائرات الشبحية الأمريكية مثل بي–2 سبيريت وبي–21 رايدر.
ووفقاً للصور المسربة، يبلغ باع الجناحين قرابة اثنين وخمسين متراً، أي أكبر من نظيرتها الأمريكية بي–21، ما يجعلها من أضخم الطائرات غير المأهولة في العالم.
قدرات هجومية
يرى الخبراء أن تصميم الطائرة الشبحية الصينية الجديدة يهدف إلى اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة مثل "باتريوت" و"ثاد" و"إس–400"، عبر تقنيات تخفٍ متقدمة ومواد ماصّة لموجات الرادار.
وبحسب التقديرات، فإن الطائرة تستطيع حمل حمولات تصل إلى ثمانية عشر ألف كيلوغرام من الذخائر والصواريخ الدقيقة، بما في ذلك الصواريخ الجوالة بعيدة المدى، ما يمنحها قدرة على تنفيذ ضربات استراتيجية عبر القارات.
ويرجّح محللون عسكريون أن الصين تسعى من خلال هذا المشروع إلى امتلاك وسيلة ردع استراتيجية يمكنها الوصول إلى الأراضي الأمريكية أو القواعد الأمريكية المنتشرة في المحيط الهادئ دون الحاجة إلى التزود بالوقود جواً، وهو تطور من شأنه إعادة رسم معادلات الردع العسكري في المنطقة.
ولطالما مثّل غياب القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى نقطة ضعف جوهرية في القدرات الجوية الصينية لعقود طويلة. فقد اعتمدت بكين على القاذفة إتش6 - المشتقة من تصميم سوفياتي قديم - التي تتمتع بمدى محدود وقدرة تحميل متواضعة. ورغم إدخال تحسينات كبيرة على تلك القاذفة وتزويدها بصواريخ كروز حديثة، فإنها ظلت دون مستوى نظيراتها الأمريكية والروسية.
أما الطائرة الجديدة - التي يُعتقد أنها تحمل اسمًا تجريبيًا مثل "دارك سورد" (السيف المظلم) أو "شارب دراغون" (التنين الحاد) - فتمثل قفزة تكنولوجية هائلة نحو سد تلك الفجوة. فهي تجمع بين قدرات التخفي العالية، وإمكانية الطيران لمسافات تتجاوز اثني عشر ألف كيلومتر، مع أنظمة قيادة ذاتية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في التخطيط للمهمات وتجنب الرصد الراداري.
مهام متعددة
بالتوازي مع هذا التطور في مجال الطائرات غير المأهولة، كشفت الصين أيضاً عن مروحيتها الهجومية الثقيلة الجديدة "زد–20 تي" خلال المعرض السابع للمروحيات في تيانجين.
وتعد هذه المروحية نموذجاً لتوجه الجيش الصيني نحو الدمج بين القوة النيرانية العالية والقدرات التكتيكية للنقل الجوي في هيكل واحد.
تستند زد-20 تي إلى تصميم مروحية النقل المعروفة زد-20، لكنها زُودت بتقنيات هجومية متقدمة تشمل منظومات تسليح جانبية وصواريخ موجهة ومدفعاً آلياً في المقدمة. وتتميز بقدرتها على نقل الجنود وتنفيذ الضربات النارية في الوقت نفسه، ما يتيح لها تنفيذ عمليات إنزال جوي هجومية دون الحاجة إلى مروحيات مرافقة للحماية.
ورغم أنها أقل تدريعاً من نظيراتها الروسية مثل مي-35 أو الأمريكية أباتشي، فإنها تتفوق من حيث المرونة التشغيلية وقدرتها على التحرك في تضاريس معقدة وارتفاعات عالية، خصوصاً في المناطق الجبلية الغربية من الصين أو على طول الحدود مع الهند.
توازن استراتيجي جديد
تأتي هذه التطورات ضمن استراتيجية صينية شاملة تهدف إلى تحديث جيشها بحلول 2035، وجعل القوات المسلحة قادرة على خوض "حروب المعلومات متعددة المجالات" التي تشمل الفضاء والجو والبحر والمجال السيبراني.
ويرى مراقبون أن بكين تسعى من خلال هذه البرامج إلى تحقيق التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل تصاعد التوترات حول تايوان وبحر الصين الجنوبي.
في المحصلة، يبدو أن الصين تخطو بثبات نحو مرحلة جديدة من الهيمنة التكنولوجية العسكرية، حيث لم تعد مجرد مقلد للتقنيات الغربية، بل تحولت إلى منافس حقيقي قادر على إنتاج نظم تسليح متقدمة تعيد تشكيل موازين القوى العالمية، وتفتح الباب أمام عصر آسيوي جديد من التفوق الجوي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg جزيرة ام اند امز