الصين تستكمل ثالوثها النووي بصاروخ «جيه إل-1»

خطت الصين خطوة جديدة على طريق تعزيز مكانتها كقوة نووية كبرى، بعد عرض الجيش الصيني الصاروخ الباليستي الجديد "جيه إل-1"، أول صاروخ نووي صيني يُطلق من الجو.
وكشف النقاب عن الصاروخ خلال العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الصين وحلفائها على اليابان في الحرب العالمية الثانية، في مشهد أبرز للمرة الأولى اكتمال ما يُعرف بالقوة النووية الثلاثية الصينية: الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تُطلق من البر، والغواصات النووية المزودة التي تحمل صواريخ "جيه إل-3"، وأخيرا الصواريخ التي تطلق من الجو "جيه إل-1".
ومن المنتظر أن يتم تثبيت هذا الصاروخ الجديد على قاذفات "إتش-6" الاستراتيجية، التي تُعد العمود الفقري للذراع الجوية النووية الصينية.
ورغم كون هذه القاذفات أصغر حجما وأقل مدى مقارنة بالقاذفات الأمريكية "بي-2" أو الروسية "تو-160"، فإنها تُعوض ذلك بعددها الكبير وتكاليف تشغيلها المنخفضة.
إذ يضم الأسطول الصيني أكثر من 270 طائرة من هذا الطراز، وهو الأكبر عالميا بفارق واسع عن أي قوة أخرى، ما يمنح بكين قدرة على الانتشار السريع وتنفيذ ضربات في شرق آسيا وخارجها.
وتستطيع هذه الطائرات الوصول إلى أهداف داخل الأراضي الأمريكية عبر التزود بالوقود جوا بواسطة أسطول متنامي من طائرات "واي واي-20"، أو عبر التزود من قواعد روسية كما حدث في السابق.
ويُعتقد أن "جيه إل-1" يستند جزئيا إلى تصميم الصاروخ "دي إف-21" متوسط المدى، لكن تفاصيله الدقيقة لا تزال غامضة.
ورغم إعلان وسائل الإعلام الصينية أن مدى الصاروخ يصل إلى 8,000 كيلومتر، يشكك خبراء في هذه التقديرات، مرجحين أن يشمل هذا الرقم مدى الصاروخ مضافا إلى نصف قطر عمل القاذفة "إتش-6" من دون إعادة التزود بالوقود.
ورغم الغموض، فإن إدخال هذا السلاح إلى الخدمة يُعد تحولا مهما، إذ يتيح للصين ضرب أهداف بعيدة من مسافات آمنة، في وقت باتت فيه القاذفات الحديثة تُستخدم أساسًا كمنصات لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى لتجاوز أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.
ورغم تفوق الصين في ترسانتها من الصواريخ الاستراتيجية البرية، التي تُعد الثانية عالميا بعد روسيا، فإن قدراتها النووية المحمولة بحرا وجوا لا تزال متواضعة مقارنة بالولايات المتحدة وروسيا.
من هنا، يكتسب الصاروخ "جيه إل-1" أهمية مضاعفة كخطوة لتقليص هذه الفجوة، على الأقل حتى دخول القاذفة الشبحية بعيدة المدى "إتش-20" الخدمة خلال ثلاثينيات هذا القرن.
النهج ذاته ينعكس في الجانب البحري من الردع النووي الصيني. فالغواصات النووية الحاملة للصواريخ من طراز "تايب-094" أصغر حجما وأقل تسليحا من نظيراتها الروسية أو الأمريكية، ما يجعل إدخال صاروخ "جي إل-3" الباليستي الجديد محاولة لسد الفجوة مؤقتًا، إلى حين وصول غواصات الجيل القادم "تايب-096" التي يُتوقع أن تضاهي في قدراتها أحدث الغواصات الأمريكية والروسية.
بهذا التطور، تؤكد الصين أنها عازمة على ترسيخ مكانتها كقوة نووية متكاملة، قادرة على تحقيق الردع عبر البر والبحر والجو، في معادلة استراتيجية ستُعيد بلا شك تشكيل ميزان القوى العالمية في العقود المقبلة.