«ديب سيك».. كيف أحرج مختبر صيني صغير عمالقة الذكاء الاصطناعي؟
أذهل مختبر صيني صغير للذكاء الاصطناعي العالم بالكشف عن الوصفة التقنية لنموذجه المتطور "ديب سيك"، الذي يتحدى نماذج عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة رغم الفارق الشاسع في الإمكانيات المادية.
المختبر الصيني الصغير أشعل أيضا التحدي مع الولايات المتحدة التي سعت إلى وقف طموحات بكين في مجالات التكنولوجيا الفائقة.
خلال هذا الشهر أصدرت شركة "ديب سيك DeepSeek" الصينية الناشئة نموذج DeepSeek-R1 الخاص بها، باستخدام تقنيات متقدمة مثل التعلم التعزيزي الخالص لإنشاء نموذج ليس فقط من بين الأكثر قوة في العالم، ولكنه مفتوح المصدر بالكامل، مما يجعله متاحا لأي شخص في العالم لفحصه وتعديله والبناء عليه.
كما طرحت الشركة خلال الشهر نفسه تطبيقها الرسمي على متجر تطبيقات «أبل» لتقدّم تجربة جديدة ومبتكرة تعتمد على نموذجها المتطور «DeepSeek V3» مجاناً رغم ما يقدمه من مزايا تضاهي تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدفوعة مثل ChatGPT، مع تقديم ميزات وتقنيات ثورية تناسب احتياجات المستخدمين العاديين والمحترفين على حدٍّ سواء.
الذكاء الاصطناعي بميزانية محدودة
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" أصدرت شركة ديب سيك ورقة مفصلة حول كيفية بناء نموذج ذكاء اصطناعي يقترب من السلوك البشري بميزانية محدودة يمكنه التعلم وتحسين نفسه تلقائيا دون إشراف بشري.
وتجدر الإشارة إلى أن الشركات الأمريكية بما في ذلك "أوبن إيه آي" وغوغل ديب مايند رائدة في تطوير نماذج التفكير، وهو مجال جديد نسبيا من أبحاث الذكاء الاصطناعي يحاول جعل النماذج تتوافق مع القدرات المعرفية البشرية.
وفي ديسمبر/كانون الأول أصدرت شركة "أوبن إيه آي" النسخة الكاملة من نموذج أبحاث الذكاء الاصطناعي القريب من السلوك البشري الخاص بها ولكنها أبقت أساليبها سرية.
وأثار إصدار الشركة الصينية نقاشا محموما في وادي السيليكون حول إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية ذات الموارد الأفضل قادرة على الدفاع عن تفوقها التقني.
وفي الوقت نفسه أصبح ليانغ وين فينغ، مدير صندوق التحوط ومؤسس شركة ديب سيك، رمزا للفخر الوطني في الداخل، إذ كان هو الزعيم الوحيد في مجال الذكاء الاصطناعي الذي تم اختياره لحضور اجتماع معلن لرجال الأعمال مع ثاني أقوى زعيم في البلاد "لي تشيانغ" رئيس مجلس الدولة الصيني.
وطُلب من رجال الأعمال "تركيز الجهود لعمل اختراق في مجال التقنيات الأساسية الرئيسية".
هاي فلاير
وفي عام 2021 بدأ ليانغ في شراء آلاف وحدات معالجة الرسومات من شركة إنفيديا الأمريكية لمشروعه في مجال الذكاء الاصطناعي في أثناء إدارة صندوق التحوط الكمي "هاي فلاير"، واعتبر المطلعون على الصناعة ذلك بمثابة تصرفات غريبة لملياردير يبحث عن هواية جديدة.
وفي صندوق هاي فلاير بنى ليانغ ثروة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لتحديد الأنماط التي يمكن أن تؤثر على أسعار الأسهم، وأصبح فريقه ماهرا في استخدام شرائح إنفيديا لكسب المال من تداول الأسهم.
وفي عام 2023 أطلق شركة "ديب سيك" معلنا عن نيته بتطوير الذكاء الاصطناعي على مستوى الإنسان.
قال أحد المؤسسين في الشركة "بنى ليانغ فريقا استثنائيا للبنية التحتية يفهم حقا كيف تعمل الرقائق.. لقد أخذ معه أفضل الأشخاص من صندوق التحوط إلى الشركة الناشئة".
وبعد أن حظرت واشنطن على شركة إنفيديا تصدير أقوى شرائحها إلى الصين، أُجبرت شركات الذكاء الاصطناعي المحلية في الصين على إيجاد طرق مبتكرة لتعظيم قوة الحوسبة لعدد محدود من الرقائق محلية الصنع، وهي مشكلة كان فريق ليانغ يعرف بالفعل كيفية حلها.
وقال أحد الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي المقربين من الشركة "يعرف مهندسو شركة ديب سيك كيفية إطلاق العنان لإمكانات الرقائق حتى لو لم تكن من أحدث التقنيات".
ويقول المطلعون على الصناعة إن التركيز الفريد لشركة ديب سيك على البحث يجعلها منافسا خطيرا لأنها على استعداد لمشاركة اختراقاتها بدلا من حمايتها لتحقيق مكاسب تجارية.
ويستخدم ليانغ، الذي يشارك شخصيا في أبحاث الشركة، عائدات تداول صندوق التحوط الخاص به لدفع رواتب أعلى لأفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي.
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMTQg جزيرة ام اند امز