300 ألف مقيم صيني يجسدون نجاح نموذج الإمارات في التسامح والتمكين الاقتصادي
تعكس الجالية الصينية في الإمارات تجربة اندماج متكاملة يجمعها دعم حكومي وتشريعات واضحة أسهمت في تعزيز حضورها الاجتماعي والاقتصادي منذ سنوات.
في قلب المشهد الإنساني المتعدد الذي تتميز به دولة الإمارات العربية المتحدة، تتجلى قصة الجالية الصينية كأحد النماذج البارزة للتسامح، وشاهد حيّ على التعايش حين يستند إلى بنية تشريعية وتنظيمية راسخة، في تجربة تتجاوز حدود الإقامة لتصل إلى المشاركة الفاعلة والازدهار المستمر.
وتُعدّ الجالية الصينية، التي يتجاوز عدد أفرادها 300,000 مقيم، من أكبر الجاليات الآسيوية وأكثرها نشاطًا، حيث يتوزع أفرادها عبر مختلف دولة الإمارات، مسهمين في قطاعات رئيسية تشمل التجارة، والتعليم، والخدمات اللوجستية الحديثة، والضيافة، مستفيدين مما توفره دولة الإمارات من بنية تحتية متقدمة وبيئة اقتصادية مرنة تدعم المبادرات والمشاريع.
رؤية اقتصادية واضحة وتسهيلات حكومية
ويؤكد تشنغ فو شيانغ، رئيس غرفة تجارة شانغهاي في دولة الإمارات، أن البيئة الاقتصادية التي توفرها الإمارات، كما قال في حديث لوكالة أنباء الإمارات "وام"، اتسمت بالاستقرار والشفافية، وهو ما شجّع عددًا كبيرًا من المستثمرين الصينيين على توسعة أعمالهم داخل السوق الإماراتي، وخصوصًا في مجالات الضيافة والتوريد الفندقي والتجارة الإلكترونية. وأوضح أن التسهيلات في إجراءات التراخيص، إلى جانب خدمات المناطق الحرة والقوانين التجارية المتطورة، شكّلت عوامل دعم عززت حضور الشركات الصينية خلال السنوات الماضية.
بيئة اجتماعية تتبنى الانفتاح
ولا يقتصر التطور على المستوى الاقتصادي، إذ تشير وي لو شين، مديرة المعهد الصيني للغات الشرق الأوسط، إلى أن أبرز سمات المجتمع الإماراتي تتمثل في الانفتاح واحترام التنوع الثقافي، موضحةً أن التفاعل بين المواطنين والمقيمين يعكس وعيًا راسخًا بقيمة التنوع.
وأكدت أن المعهد يشهد ازديادًا في إقبال العائلات الإماراتية على تعلم اللغة الصينية، وهو ما يعبّر عن رغبة في بناء جسور ثقافية ومعرفية بين الشعبين، مشيرةً إلى أن القوانين الواضحة وسرعة الاستجابة الحكومية توفران بيئة تعليمية مستقرة تدعم هذا التوجه.
تجربة امتدت لعقدين من الزمن
من جانبه، أشار تشين تشي شيانغ، الرئيس الفخري لغرفة تجارة فوجيان في دولة الإمارات، إلى أن الإمارات تُعدّ من الدول القليلة التي استطاعت تحقيق توازن متماسك بين الانفتاح الاقتصادي والترابط الاجتماعي، مؤكدًا أنها تمثل نموذجًا عالميًا في احتضان الثقافات والأديان والأعراق المختلفة ضمن إطار قانوني يضمن الحقوق للجميع.
وقال في حديثه عن تجربته التي استمرت 20 عامًا: "خلال عقدين من الزمن عشت تجربة شاملة في الإمارات، سواء على مستوى العمل أو المجتمع، وتميزت بالثقة والاحترام وإتاحة الفرص للمشاركة". وأكد أن السياسات الحكومية تجاه رواد الأعمال الأجانب، وحماية حقوقهم، وتسهيل مشاركتهم في التنمية، تعزز شعور الجاليات بالاستقرار والانتماء، ما يجعل كثيرين يعتبرون الإمارات بلدهم الثاني.
فعاليات ثقافية صينية في دولة داعمة للتنوع
وتترجم الإمارات هذا الاحتضان إلى مبادرات عملية، حيث تستضيف فعاليات ثقافية صينية تنظمها السفارة والقنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية، بمشاركة واسعة من الجالية الصينية، بما يعكس حرص دولة الإماراتعلى دعم الفعاليات التي تعبّر عن الهويات المتنوعة وتعزز قيم التفاهم بين الشعوب.
دولة جاذبة للعيش والعمل
وتجسد تجربة الجالية الصينية، إلى جانب الجاليات الأخرى، مكانة الإمارات كوجهة عالمية للعيش والعمل تحت مظلة قانون موحّد، وقيم إنسانية تمنح جميع المقيمين حقوقًا وواجبات متساوية دون أي تمييز.
محطة سنوية لتعزيز قيم التعايش
ويأتي "يوم التسامح العالمي"، الذي يصادف 16 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، ليشكّل محطة سنوية تؤكد من خلالها دولة الإمارات التزامها بنهج يقوم على الاحترام المتبادل وإدارة التنوع، إذ تُنظم فعاليات ثقافية وتوعوية بمشاركة مختلف الجاليات، تعبيرًا عن انسجام مجتمعي قائم على قناعة بأن التعدد مصدر قوة ونماء.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA== جزيرة ام اند امز