عام على حكم ترامب.. كيف يراه الأمريكيون؟
دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عامه الأول من ولايته الثانية في يناير/كانون الثاني 2025 بزخم سياسي قوي، مدعوماً بفوزه الانتخابي وتأييد ما يقارب نصف الناخبين.
ومع اقتراب العام من نهايته، تحول هذا الزخم إلى تراجع ملحوظ في شعبيته، حيث يواجه موجة متصاعدة من السخط لم تُستثنَ منها حتى قاعدته الجمهورية التقليدية، لتدفع معدلات الرضا عن أدائه إلى مستويات هي الأدنى في مسيرته الرئاسية، وفقا لمجلة "تايم".
وتكشف أحدث استطلاعات الرأي عن صورة بالغة القتامة، فوفقاً لمؤسسة "غالوب"، لا تتجاوز نسبة الموافقة على أداء ترامب 36 %، في مؤشر ينطوي على انقسام حزبي حادّ: بينما يؤيده 89 % من الجمهوريين، ولا تتعدى هذه النسبة 3 % بين الديمقراطيين.
وتتعزز هذه النتيجة باستطلاع "الإيكونوميست" ومؤسسة "يوغوف" الذي يظهر معارضة 57 % للأداء الرئاسي مقابل تأييد 39 % فقط.
وقد اعترف ترامب نفسه بتراجع شعبيته الشهر الماضي، وأرجع ذلك إلى خلافات داخـل تحالفه المحافظ، خاصة دعمه منح تأشيرات لعمالة أجنبية ماهرة لتولي وظائف وتدريب الأمريكيين في قطاعات حيوية.
وقال في هذا السياق إن أرقام استطلاعاته «انخفضت»، لكنه أضاف أنها «ارتفعت لدى الأذكياء»، معترفًا بأنه يتعرض دائمًا لانتقادات من أنصاره، الذين وصف بعضهم بأنهم «يمينيون أكثر من اللازم»، مع تأكيده في الوقت نفسه على تمسكه بموقفه من الهجرة القانونية.
غير أن جذور الأزمة تبدو أعمق من ذلك، متشعبة في ملفات شائكة تلامس شرعية القيادة والثقة والشؤون الخارجية والاقتصاد.
قضية جيفري إبستين
تُعدّ قضية جيفري إبستين إحدى أكثر النقاط حساسية في هذا التراجع؛ فقد أثارت علاقة ترامب السابقة بإبستين وطريقة تعامل إدارته مع الملفات المرتبطة بالقضية انتقادات حادة، حتى داخل الأوساط المؤيدة له.
ويكشف استطلاع الإيكونوميست/يوغوف أن أقل من نصف الجمهوريين المنتمين لتيار «ماغا» يدعمون بقوة نهج الرئيس في إدارة التحقيق، بينما يعارض 55 % من الأمريكيين عمومًا طريقة تعامله مع القضية، بمن فيهم 81 % من الديمقراطيين و59 % من المستقلين.
ورغم دعوة ترامب إلى تمرير قانون يلزم بالإفراج عن ملفات إبستين، أعاد النشر الجزئي والمُشدد الرقابة الذي قامت به وزارة العدل، إلى جانب محدودية الإشارات إلى ترامب في الوثائق، إشعال الجدل والشكوك.
ويعتقد نحو 47 % من الأمريكيين أن الرئيس يحاول التستر على جرائم إبستين، بينما يرى 46 % أنه كان متورطًا، وهي اتهامات ينفيها ترامب بشدة، في وقت يرفض 80 %من أنصاره في تيار «ماغا» هذه المزاعم.
حملة الضغط على فنزويلا
تواجه سياسات ترامب المتصاعدة ضد فنزويلا رفضاً واسعاً، فمع تهديداته العلنية بالتدخل العسكري وتصعيد الحصار، لا يحظى نهجه سوى بتأييد 31 %، بينما يعارضه 49 %.
كما يُظهر الرأي العام رفضًا واضحًا لأي تدخل عسكري مباشر، إذ يؤيد 22 % فقط استخدام القوة لإسقاط الرئيس نيكولاس مادورو، بينما يعارض ذلك أكثر من نصف الأمريكيين، مع مطالبة أغلبية ساحقة بأن يحصل أي تحرك عسكري على تفويض من الكونغرس.
الهجرة
بيد أن هناك استثناءً واحداً يبدو أكثر إشراقاً في صورة الأداء العام، وإن كان قد شهد هو الآخر تراجعاً. ففي ملف الهجرة، الذي كان حجر الزاوية في حملة ترامب الانتخابية، لا يزال 50 % من الأمريكيين يؤيدون سياسات ترامب الحدودية، رغم انخفاض هذه النسبة بمقدار 10 نقاط منذ الربيع، وتمركز التأييد بشكل ساحق داخل المعسكر الجمهوري (92 %).
في المقابل، يتزايد التشاؤم بشأن الوضع الاقتصادي. ويصف نحو 70 % من الأمريكيين الاقتصاد بأنه «سيئ». ورغم إصرار ترامب على تحميل الديمقراطيين مسؤولية ارتفاع تكاليف المعيشة والتأكيد على نجاح سياساته، فإن نسب الرضا عن أدائه الاقتصادي تراجعت بشكل ملحوظ منذ الربيع، خاصة في ما يتعلق بالتضخم والأسعار، مع بقاء الدعم محصورًا إلى حد كبير داخل صفوف الجمهوريين.
ولا يقتصر السخط الشعبي على البيت الأبيض، إذ يواجه الكونغرس بدوره مستويات تاريخية متدنية من الرضا، في أعقاب عام شهد تمرير تشريعات مثيرة للجدل، وإغلاقًا حكوميًا هو الأطول في تاريخ البلاد، وفشلًا في التوصل إلى اتفاق بشأن الرعاية الصحية.
ولا يوافق سوى 17 % من الأمريكيين على أداء السلطة التشريعية، فيما لا تتجاوز نسبة الرضا عن الاتجاه العام الذي تسلكه الولايات المتحدة 24 % مع اقتراب عام 2025 من نهايته.