أشجار من الشيكولاتة.. جزائرية تبدع في عيد الحب
الجزائرية "مريم" تقتحم عالم التزيين بصناعة هدايا خاصة عبارة عن "أشجار من الحلوى" لمختلف مناسبات الجزائريين بينها "عيد الحب"
يعد المجتمع الجزائري واحدا من المجتمعات العربية التي مرت بمراحل "قاسية" على مر التاريخ، حتى إنه أصبح معروفا عند علماء النفس والاجتماع بأنه مجتمع عاشق لغيره.
وجاء عيد الحب أو "الفلانتين" الذي يحتفل العالم به في 14 فبراير/شباط من كل عام، ليجد "مظاهر مختلفة على غير العادة" في المجتمع الجزائري هذا العام، بعد أن كان ينظر إليه من قبل على أنه "عيد دخيل على عاداته وتقاليده".
ويفسر البعض هذا الأمر بأن المجتمع المكون من العربي والأمازيغي والأفريقي والمتوسطي بات راغبا في التحرر من كبت مشاعر الحب لغيره بعد أن فجَّر مشاعر الرفض لوضعه وواقعه السياسي والاجتماعي، ولو ليوم واحد وبهدية بسيطة.
وفي محاولتها لمساعدة المحبين للتعبير عن مشاعرهم تجاه من يحبون وضعت الجزائرية "مريم" عشقها لموهبة التزيين تحت تصرف العاشقين من خلال بصمتها الخاصة في صناعة "أشجار الشيكولاتة" ومجسمات مختلفة.
و"مريم" سيدة جزائرية، متزوجة وأم لطلفين وموظفة في القطاع الحكومي، لم تمنعها مسؤولية المنزل والأطفال وعملها خارج المنزل، في تخصيص وقت "لا يستهان به" في التحضير لهدايا تبيعها "لمن لم يجد فرصة أو وقتا أو حتى صعوبة في التعبير عن مشاعر الحب لمن يريد".
ولم تدرس "مريم" طرق التزيين الحديثة، ولم تتخصص فيها، بل هي موهبة كبرت معها، ورفضت أن تموت تلك الموهبة بظروف الحياة، فكان "تحديا" كبيرا لها أن تدخل ما تراه "عالما ممتعا"، تختار فيه مناسبات مختلفة، لصناعة هدايا فيها من الإبداع، ما يعكس شخصيتها ورغبة الزبون وأهمية كل مناسبة.
تعترف مريم في حديثها مع "العين الإخبارية" بأن هذه "الصنعة أو الحرفة نادرة أو غير متطورة في الجزائر، لهذا قررت اقتحام هذا المجال" الذي برزت فيه في أقل من 4 أشهر، مستغلة في ذلك منصات التواصل، حيث أنشأت صفحة خاصة عبر موقع "فيسبوك".
وبمرور الوقت أصبحت مريم من أشهر "جزائريات التزيين وصناعة الهدايا الخاصة"، رغم أنها لا تملك محلا ولا متجرا خاصا، وساعدها في ذلك زوجها الذي يتكفل بنقل الهدايا إلى أصحابها خارج العاصمة الجزائرية عبر وسائل النقل الجماعي، ولا يهدأ لهما بال حتى يتأكدا من وصولها إلى أصحابها، كما قالت.
وتضع مريم أمامها أجندة من المناسبات الخاصة التي يوليها الجزائريون أهمية بحكم عاداتهم مثل الأعراس أو أعياد الميلاد أو المناسبات الوطنية مثل "رأس السنة الأمازيغية" لإعداد أشجار من الحلوى، لكن "عيد الحب" هو أول تحدٍ لها لصناعة أشكال مختلفة من الهدايا.
وتقول مريم: "فكرتي الأولى لم تكن عن عيد الحب، بل مناسبات أخرى، مثل الأعراس وختان الأطفال وأعياد الميلاد، وبصفة عامة أشجار الحلوى، ومع الوقت قلت لماذا لا أصنع أشجارا بمناسبة أخرى مثل عيد الحب، ولماذا لا أعد أشكالا لم يسبق أن رأيناها في السوق الجزائرية".
وتضيف: "من هنا، راودتني فكرة صناعة هذه الإصيصات بأشجار الحلوى بمناسبة عيد الحب، يكون فيها الأحمر اللون الأساسي، وأضفت له لونين آخرين وهما الأبيض والأسود".
وفيما يتعلق بالمواد والأغراض التي تستعملها مريم في التحضير لأشجار الحلوى، قالت إن الشيكولاتة والحلوى هي المكونات التي تعتمد عليها بشكل أكبر.
وتعتمد أيضا في التزيين على شرائط الزينة، بالإضافة إلى "البولسترين" الذي تصنع منه أشكالا مختلفة خاصة في مناسبات أعياد ميلاد الأطفال.
وأكدت مريم أن صناعة أشجار الحلويات للمناسبات ليست مهنة إضافية من أجل المال أو مصدر رزق لها، وأشارت إلى أن عشقها للتزيين ومساعدة الناس على تقديم هدايا خاصة في مناسباتهم هو الذي دفعها لتخصيص وقتها المزدحم بمسؤولية العائلة والوظيفة.
ولأنها "حرفة نادرة في الجزائر" يعتقد البعض أنها من المهن السهلة التي لا تتطلب جهدا أو وقتا، وهو ما رأته مريم "حكما مجحفا" كونها تعرف كل تفاصيلها، وكشفت عن أن صناعة شكل واحد تطلب منها تخصيص يومين خاصة لتلك "التي يطلب أصحابها أشكالا خاصة وكتابة أسماء عليها"، أما تركيب الهدية بشكلها النهائي فيأخذ معها تقريبا 45 دقيقة.