جوقة غنائية تعيد إحياء اللغة الآرامية في سوريا
جوقة لونا للغناء الجماعي أطلقت مهرجان اللغة الآرامية الأول في دمشق رغبة منها في عودة الآرامية إلى الآذان والأذهان والألسن.
بعد أن كانت اللغة الآرامية هي السائدة لقرون من الزمان في حضارات سابقة، أصبحت تواجه حاليا خطر الاندثار لتراجع عدد المتحدثين بها وضعف المؤسسات التي تعنى برعايتها ونشرها، لكن مجموعة فنية سورية أخذت على عاتقها مهمة إحيائها.
وأطلقت جوقة لونا للغناء الجماعي مهرجان اللغة الآرامية الأول في دمشق رغبة منها في عودة الآرامية إلى الآذان والأذهان والألسن.
وتضمن المهرجان أداء نحو 20 أغنية بالآرامية التي دخلت سوريا قبل 3200 سنة واستخدمت تحديدا في قرى معلولا وجبعدين وبخعة إلى شمال شرق دمشق؛ حيث ما زال أهل هذه القرى يتكلمون الآرامية كلغة رئيسة.
وقال المايسترو حسام الدين بريمو مؤسس لونا للغناء الجماعي، إنه يقوم بحماية أجزاء من الثقافة السورية من خلال إحياء الأغنيات باللغة الآرامية الصرفة غير المخلوطة.
وعن الفكرة قال بريمو: "اجتمعنا بلونا وأحسسنا بأنه نحنا لازم نتعلم هاي اللغة باعتبارها لغة قديمة؛ لأنها هي لغة ما زالت حية ليش نحنا ندفنها إذا هي ما زالت حية، لغة قدرت تصمد ٣٢٠٠ سنة رغم وجود لغة أقوى منها معها، هي اللغة العربية".
وأضاف: "فقررنا نتعلم اللغة الآرامية. تعلمنا عند الراحل جورج رزق الله (صاحب فكرة معهد اللغة الآرامية) كيف نقرأ، كيف نفهم، وتعلمنا أيضا كيف نغني".
وأشار إلى أن التدريبات لإقامة هذا المهرجان بدأت منذ 3 سنوات وبطريقة بطيئة حتى يتسنى للمنشدين حفظها بتأنٍّ واقتدار.
وظهرت اللغة الآرامية، وهي قريبة من اللغة العبرية، مع قيام الحضارة الآرامية في وسط سوريا وكانت لغة رسمية في بعض دول العالم القديم.
وقالت مشرفة على روضة أطفال من أهالي معلولا تدعى انطوانيت مخ إنها تعلمت اللغة الآرامية من أهلها ونقلتها لأولادها الذين ينقلونها اليوم لأولادهم.
وأضافت: "هي اللغة من أساس القوميات، لازم نحنا نحافظ على ها اللغة من كل الجهات يعني، إحنا اللغة العربية عم نمارسها بشكل يومي وعلى طول، بس كمان هاي لغتنا لو ما تمسكنا فيها كانت راحت من زمان لأنه ما فيه أبجدية تنكتب فيها ليتحافظ عليها يعني، كانت أبجديتنا ضايعة".
وكانت جامعة دمشق من المؤسسات القليلة التي أسست شعبة للغة الآرامية في بلدة معلولا بهدف تعزيز حضور هذه اللغة والمحافظة عليها خاصة أن غالبية سكان البلدة يتحدثون اللغة الآرامية.
وتتميز معلولا بموقع فريد وهي من الأماكن القليلة التي ما زالت اللغة الآرامية القديمة تُستخدم وتُدرس فيها كلغة حية.
وتضم معلولا دير مار سركيس ودير مار تقلا اللذين يتوافد المسيحيون عليهما لالتماس البركة والتصدق. ويمثل المسيحيون نحو 18% من سكان سوريا لكن القيمين على تعليم هذه اللغة يرون أن الآرامية بدأت تعيش احتضارا كاملا بعدما نزحت معظم العائلات في معلولا إلى المدينة أو هاجرت إلى الخارج.
ويقول ميخائيل بخيل من أهالي معلولا وهو صاحب محل مواد غذائية إنه تعلم الآرامية من أهله.
ويعتبر نايف ياسين مدير المعهد العالي للغات في جامعة دمشق أن الآرامية مهددة فعليا نظرا لعدم وجود المهتمين بتعلمها.
ويقول: "اللغة الآرامية لغة عظيمة، كانت في زمانها لغة عالمية في هذه المنطقة لكن بهجرة وتحول وحركة الأشخاص الذين يتحدثونها؛ فهذه اللغة تعاني من مشاكل حقيقية".
ويضيف ياسين: "فهي في الواقع مهددة، يعني اللغة قوتها من قوة من يتحدثونها، ومن يستخدمونها".
وتسارعت الاحداث في سوريا وأسهمت الحرب منذ 8 سنوات في توقف العديد من المعاهد التي كانت تعلم الآرامية وبقيت وحدها جامعة دمشق من يهتم بإقامة دورات للغة، حيث نظمت دورات حتى في ظروف الحرب.
وقبل الأحداث الدامية في سوريا كان الاهتمام بالآرامية أشمل وأوسع نظرا لوجود عدد من الطلاب والباحثين الأجانب المهتمين ببلدة معلولا والذين يقصدونها بشكل كبير بغرض تعلم اللغة من منبعها.
ويقول ياسين: "الباحث الأجنبي كان يقدر كثيرا أشخاصا ما زالوا يتحدثون لغة السيد المسيح، فهذا مهم بالنسبة لهم ولنا، فنحن نحاول أن نحافظ على اللغة ونربطها ببلدة معلولا بحكم هذا الترابط الموجود أصلا".
ويرى باحث في اللغة الآرامية يدعى جورج ميخائيل زعرور أنه لا توجد جدية لإحياء اللغة الآرامية بشكل فعلي معبرا عن استعداده لتدريسها مجانا.
وقال: "كنت أدرس فيزياء وكيمياء ورياضيات مجانا، فكيف ما بدي أدرس اللغة الآرامية مجانا، وصرت طالب من عدة جهات رسمية بس للأسف إنه الموضوع ما عم يتاخد بمحمل الجد".