بعدسة "العين".. أجواء مصرية خاصة لاحتفالات الكريسماس
لاحتفالات المصريين بالأعياد والمناسبات أجواء وطابع مختلف، ولكن هذا العام يكتفي المستهلك بالتقاط الصور مع شجر الكريسماس.
لاحتفالات المصريين بالأعياد والمناسبات أجواء وطابع مختلف، وفي بداية شهر ديسمبر/كانون الأول من كل عام تستعد المحال التجارية باختلاف المناطق والمدن لتعرض زينة رأس السنة من شجر الكريسماس وزي بابا نوبل للبيع، لتتزين وجهات المحال والشوارع الرئيسية بالقاهرة بزينة رأس السنة، ويقبل المشترون باختلاف الطبقات الاجتماعية لشراء الزينة مثل كل عام، ولكن أجواء العام الحالي تختلف كثيراً ليكتفي أغلب المستهلكين بالمرور أمام المحال وأماكن البيع بالتقاط الصور مع شجرة الكريسماس وبابا نويل والمعروضات فقط.
ويمر المستهلك المصري أمام المحال ويتوجه بالسؤال إلى التاجر، وعند اطلاعه على أسعار زينة رأس السنة لهذا العام، يصمت قليلاً، وسريعاً ما ينصرف ليكتفي فقط بالتقاط صور "سيلفي" مع أطفاله أمام شجرة الكريسماس وبابا نويل.
" هذا الموسم الأسوأ بالنسبة للتجار".. بهذه العبارة وصف نادر نصر صاحب إحدى المحال التجارية بمنقطة وسط القاهرة، حال السوق المصرية ومستوى البيع والشراء لهذا العام.
ركود وكساد
يرتسم على وجود أصحاب المحال التجارية ركود السوق، وكما علمت بوابة "العين" الإخبارية في جولتها ببعض المناطق بشوارع القاهرة، توقف بعض المحال عن العمل هذا العام في شراء وبيع زينة الكريسماس، خوفاً من الدخول في مخاطرة ارتفاع الأسعار وتوقف الاستيراد.
ويعمل نادر نصر في هذه المهنة منذ 15 عاما، ولكنه يعتبر أن هذا الموسم الأصعب، قائلاً "بالنسبة للأسعار هذا العام في تفاوت كبير مقارنة بالعام الماضي، نتيجة وقف الاستيراد، خاصة أن معظم منتجات وهدايا الكريسماس يعتمد فيها السوق على الاستيراد، ما يؤدي لخلق أزمة كبيرة في التجارة".
وفي حديثه مع بوابة "العين" أبدى نصر صاحب الثلاثين عاما، ملاحظات عديدة على مستوى وطبيعة السوق في الوقت الحالي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار وتوقف عملية الاستيراد، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض في القوة الشرائية، كما ظهر خامات الزينة بجودة أقل من العام الماضي، نظراً أن أغلب المنتجات مخزنة من أعوام سابقة.
وتعد احتفالات رأس السنة الميلادية، من أهم المواسم التي يحقق فيها التجار والمحال والمصانع المتخصصة في استيراد وبيع هدايا الكريسماس، مكاسب وأرباح، وعلى الرغم من مرور سنوات صعبة عل مصر في ارتفاع الأسعار وتشديد الرقابة في بعض الأحيان على عملية الاستيراد، خاصة عام 2008 فترة الأزمة المالية العالمية، والسنوات التي توالت بعد 2011، الفترات التي تراجع فيها مستوى الاقتصاد بحكم الأوضاع السياسية، إلا أن السوق المحلية المصرية لم تشهد حالة من الركود والتراجع مثل الموسم الحالي.
وبدأ محمد بدر صاحب محل هدايا، الرجل الذي قضى في هذه المهنة أكثر من 45 عاماً، عرضه البضاعة وزينة رأس السنة منذ أقل من أسبوع، وخلال هذه المدة لم يمر زبون واحد أمام المحل سواء للسؤال عن الأسعار أو الشراء، مؤكداً كلام نادر نصر التاجر والمستورد، بقوله "الدنيا واقفة مفيش بيع ولا شراء، أسوأ موسم يقابل التجار والزبائن".
ويتحدث بدر صاحب 60 عاماً، مع بوابة "العين" بلهجة مليئة باليأس، قائلًا "السوق مفيش بيع ولا شراء، الحاجات كلها غالية"، موضحاً أن نسبة الأسعار تضاعفت لتصل بعض زينة الكريسماس من 70 جنيهاً مصرياً إلى 100 جنيه، ما يؤدي لغياب المستهلكين هذا العام، حتى أن المشترين الأعلى في مستوى الدخول لم يقبلوا على الشراء كما هو اعتاد طوال عمله في استيراد وبيع زينة الكريسماس.
وحول البضائع المستوردة وطريقة توريدها، تحايل البعض لجلب منتجات مخزنة لدى محلات كبرى، بينما اكتفى آخرون بشراء كميات أقل من الأعوام الماضية، وهي الطريقة التي لجأ لها التاجر بدر، ليركز فقط على شراء منتجات وزينة رأس السنة الأقل في التكلفة، مؤكداً أن الصناعة المحلية لا تستطيع مواكبة المنتجات الصينية، خاصة أن الصناعة المحلية في زينة الكريسماس بسيطة ومتعلقة ببعض المنتجات غير أساسية في الأعياد.
وفي إحدى المحال التجارية بمنطقة الزمالك، ذكرت إحدى المستوردات، رافضة ذكر اسمها، أن زيادة نسبة الجمارك من 40 إلى 70 على أشهر مختلفة، أدى إلى ارتفاع "جنوني" للأسعار، ما أجبر التجار لشراء كميات أقل من البضاعة.
ونظراً لعملها في مجال بيع زينة الكريسماس أكثر من 18 عاماً، اتخذت خطوة احترازية بشراء الزينة قبل 5 أشهر، وفي هذه الخطوة استطاعت توريد بضاعة أكثر بأسعار أقل مقارنة بسعر اليوم، نظراً للتفاوت في سعر الدولار.
إقبال المشترين
وعلى الرغم من اتفاق جميع التجار والمستوردين على أن أسعار العام الحالي غير منطقية، واصفين حال السوق بـ"القاسي" على التاجر والمستهلك، تباينت الآراء بين التجار والمستوردين حول مستوى الإقبال ومستوى المستهلكين المترددين على عملية الشراء.
وتقول إحدى المستوردات "الاستيراد أقل والأسعار أعلى، ومستوى الشراء مقارنة بـ2015 هو أقل، وبكميات متفاوتة"، مضيفة "المصريون لن يتوقفوا عن الشراء في الأعياد والجميع محتاج يحتفل في أجواء سعيدة"، مؤكدة أن طبقات مختلفة متوسطة ومرتفعة الأجور ترددت الأسبوع الماضي لشراء مستلزمات الاحتفالات بالعام الجديد.
كما ذكر محمد حسين، بائع يمني يعمل بمصر منذ أكثر من عامين، أن الإقبال في مستوى جيد، وأن عملية الشراء غير متوقفة على الرغم من أن الأسعار مرتفعة، وتتردد العائلات متوسطة ومرتفعة الدخل للشراء، كجزء من روتين سنوي خاص باحتفال الكريسماس، مضيفاً أن بعض الفنادق والمحال التجارية الأخرى تستعد لتزين الشوارع ووجهات الأماكن بالزينة، هم أيضاً شريحة مهمة من المشترين.
بينما اتفق بدر ونصر معاً على أن نسبة الإقبال قد تكون معدومة، وأوضح نصر أن المستهلكين يكتفون بشراء الزينة فقط، لربما أن أسعارها مناسبة لجميع المستويات، ليصبح الإقبال هذا العام على زينة الكريسماس فقط، وينخفض الشراء على زي بابا نويل وشجر الكريسماس، فضلاً عن اكتفاء آخرين بالسؤال عن السعر والتصوير بجوار المعروضات فقط.
وطوال عمله في المناسبات يتردد المشترون، ولكن هذا الموسم اختلف الأمر، ليؤكد بدر الكلام السابق، أن زيادة الأثمان أدت إلى عزوف جميع الزبائن بمستوياتهم المختلفة، ليقول "طول الوقت كان عندي زبائن دائمين التردد، يحرصون على الشراء في المناسبات، بينما لم يمر هذا الأسبوع أي زبون حتى لمجرد السؤال".
أنواع الزينة وأسعارها
وهذا العام تراوحت أسعار زينة الكريسماس على حسب النوع والحجم وطبيعة المنطقة، ففي منطقة وسط القاهرة والزمالك تراوحت أثمان الزينة ما بين 15- 60 جنيهاً، وأنواع أخرى بلغت أسعارها 15- 20 مثل زينة "زي تنكر بابا نويل، وزينة الشجرة".
بينما تراوحت أسعار شجر الكريسماس ما بين 45- 250 جنيهاً، وهي أسعار الشجر العادي، بينما وصل سعر شجرة الليزر 450- 3000 حسب الحجم والشكل، وتراوحت أسعار بعض خامات الكريسماس ما بين 2000- 2500 حسب درجة الجودة.
محاولات احتواء الأزمة
وعلى الرغم من تدهور حال السوق، لجأ بعض المستوردين لشراء منتجات زينة رأس السنة من قبلها بـ6 أِشهر تحسباً لتغيير في سعر الدولار، خاصة بعد فرض زيادة بالجمارك على بعض المنتجات، ليذكر نصر أحد المستوردين، ارتفاع الأسعار، لم يمنع التجار والمستوردين اللجوء لبعض الطرق، لعرض منتجات بأسعار مناسبة تناسب كل فئات المجتمع المصري.
ليبدأ نصر أول تجاربه في الإنتاج المحلي لزينة الكريسماس، واصفاً هذه التجربة بـ"الميزة الوحيدة" التي استفادوا منها لوقف عملية الاستيراد، قائلاً "بدأنا نصنع أشكال لبابا نويل وزي التنكر الخاص به في مصانع خاصة، ويعتبر أول تجربة في التصنيع، ولكن نظراً أن الخامات المكونة لهذه المنتجات هي مستوردة بالأساس وغير متوفرة في ظل الظروف الحالية، لذا تم تصنيع قطع محدودة وبخامات جودتها أقل".