"سندريلا العراق" سهى سالم تكشف لـ"العين الإخبارية" سر غيابها الفني
ترسخت صورة الفنانة العراقية سهى سالم في ذاكرة أجيال متعاقية، بفضل أعمال من زمن الفن الجميل.
بدأت تلك الأعمال بـ"النعمان الأخير" عام 1981 الذي كان بمثابة الإعلان الرسمي عن براعة موهبتها وأول المشوار في الدرب الطويل.
شكلت صورتها بارقة أمل للعائلة العراقية، في زمن الحرب والعسكر، حيث قسمات البراءة التي تزين معالم وجهها، ونبرات صوتها الدافئ القريب من القلب، فجاءتها الألقاب تترى سريعا، حتى أمست بلا جدل واعتراض، ومنها سندريلا الشاشة ونورس المسرح.
إنها فنانة عراقية، ولدت وسط عائلة ناضجة فنيا، فكان منها الأب والأخت والابن. بدأت ملامح نجوميتها في عمر لم يتجاوز الـ15 ربيعا، فكانت خير من يحمل راية الكبار وينقلها إلى عصور ما بعد الحداثة.
في الدراما، عرفت بتنوع أدوارها الفنية والتنقل بين شخصيات مختلفة، بينها بنت المدينة والبيوت المخملية ومنها أيضاً فتاة البادية والريف.
إبداعها لم يتوقف عند التلفزيون وحسب، بل دخلت السينما العراقية عبر 3 أفلام مهمة، أكدت من خلالها القدرة العالية على الوقوف أمام الكاميرا أينما دارت مشاهدها.
على المسرح طغت موهبتها وبانت إمكاناتها الكبيرة وهي توطأ الخشبة حياءً وحياة ورسائل بالغة تحاكي الشعوب والقلوب.
عند ذلك العنوان الكبير أجرت "العين الإخبارية" حواراً موسعاً مع الفنانة القديرة سهى سالم، استهل بالسؤال الآتي:
• بين أول أعمالك "النعمان الأخير" وآخرها "الطوفان ثانية" ما يزيد على 3 عقود.. كيف تشاهدين ذلك المشوار ؟
- ما بين العملين، كانت المسيرة الفنية والإنسانية التي بدأتها منذ نحو 4 عقود، حيث المسار والطريق الصعب وأنا أريكم الأعمال واحداً تلو الآخر.فإذا ما تطلعت إلى تلك السنوات ستجد حتماً العناوين المختارة بتأن من بين نصوص كثيرة فضلاً عن الجد والمثابرة في تحقيق رسالة فنية قائمة على توجيه المتلقي نحو المضامين والقيم النبيلة.
منحك الجمهور والنقاد الكثير من الألقاب.. ماذا تمثل لك تلك الألقاب؟
- حقيقة أنا نتاج لمرحلة هامة في تاريخ الفن العراقي كان يقودها جيل من العمالقة الذين مدوا لنا يد العون والنصيحة أمثال صلاح القصب وإبراهيم جلال وصادق علي شاهين وجعفر السعدي وغيرهم، لذا فإن البدايات كانت تسير بشكل منتظم وصحيح وبالتالي تجلت تلك المنجزات على شاكلة ألقاب وأوسمة أعتز بها كثيراً لأنها تدل على مصداقية رسالتي الفنية وقدرتي في تثبيت الأقدام على خارطة الفن.
الملك لير ولقب "النورس"
لم أفكر يوماً ما بالسعي وراء تلك التفصيلات والعناوين رغم أنها تمثل لي الكثير، وأستلهم منها قبول الآخرين لما أقدمه من منجز. ففي عام 1986 وخلال مهرجان المسرح العربي الذي أقيم في العاصمة بغداد، قدمت عملاً مسرحياً بعنوان "الملك لير"، بمشاركة فنانين كبار أمثال سامي عبدالحميد، ومن إخراج صلاح القصب، خرجت منها بلقب "نورس الخشبة" بعد أداء أبهر الحاضرين ونال أعلى درجات القبول لدى كبار المختصين في عالم المسرح.
وكذلك جاء لقب آخر وهو "سندريلا التلفزيون" على خلفية العروض والأعمال الدرامية التي قدمتها على الشاشة، وقد تكرر كثيراً على مسامعي ذلك الوصف من قبل أساتذة وقامات كبار في الفن العراقي.
لو لم تولدين وسط عائلة فنية . هل كنت سوف تتمسكين بالتمثيل؟
- على ما يبدو أنه قدري أن أكون فنانة حتى لو لم أكن من تلك العائلة المؤثرة في الفن، ولكن قد أكون محظوظة وأنا أتتلمذ منذ نعومة أظافري على يد والدي طه سالم الذي يعد واحدا من أعمدة المسرح في العراق، وكذلك شقيقتي الفنانة شذى سالم التي تمثل القوة الدافعة في نفسي وفني.
• ماذا يعني لقب فنانة بالنسبة لسهى سالم؟
- سؤال كبير يحتاج إلى جواب مستفيض للوقوف على سمات ذلك الإنسان الذي اختار لنفسه أن يكون فناناً، فربما قد يفهم البعض الفن والعاملين في ذلك المجال بالشهرة والأضواء والحظوظ العالية بين المجتمع والجمهور، وحقيقة أن ذلك وجه آخر يختلف عن فلسفة وجدوى المضمون ذاته.
فالفنان هو الالتزام الصريح بتمثيل هموم وتطلعات الشعوب وكذلك لسان حالها في توصيف وتوصيل معاناتها وإرهاصاتها إلى العالم وليس فقط للمعنيين بذلك الأمر.
"يارب" وجدت عندها ضالتي
هل ثمة فرق بين دراما الأمس واليوم؟
- لا أدعي أن هنالك قطيعة بين دراما الأمس واليوم بقدر أن البنى التحتية الإبداعية حينها هي من قادت الفن العراقي إلى الكثير من الأعمال المهمة والكبيرة ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على الساحة العربية أيضاً، وبالتالي فإن تعثر وجودها في الوقت الحاضر انعكس على توارد منجزات بهكذا أحجام ومقاسات مع التسليم أن هنالك أعمال مهمة لشباب واعدين سواء في المسرح أو السينما أو التلفاز يشار لها بالأهمية ولكن تبقى نتاجات فردية.
• ما سر الغياب عن الساحة الفنية.. هل هذا اعتزال أم فرصة للبحث عن العمل الجيد؟
- مازال في العمر الكثير من العطاء والقدرة على التواصل مع الأبداع ولكن أنا قليلة الظهور على الشاشة بسبب ندرة النصوص والشخصيات التي أجد فيها ما يستميل شهيتي الفنية لتجسيدها ولعب دورها.
أقول بصراحة الاعتزال حديث مبكر وكل ما في الأمر أنني أبحث عن أعمال تكون متصلة مع سلسلة المنجز الفني الذي قدمته طوال 4 عقود وتستحق الانتباه.
لذا عندما وجدت ما يليق مع مشواري الفني، قدمت مسلسل "الطوفان ثانية" عام 2013، وكذلك على خشبة المسرح حينما قدمت مسرحية "يارب" عام 2016.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز