البابا في السينما..كوميديا سوداء ومشاهد مميزة بـ"الأبيض والأسود"
عدد من صناع الأفلام يجتهدون لإبقاء صورة بابا الكنيسة الكاثوليكية على الشاشة الكبيرة وتم ترشيح بعضها لجوائز عالمية
لم تغب صورة قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية عن الشاشة الكبيرة، فقد اجتهد عدد من صناع الأفلام في إظهارها وتقديمها للجمهور، كل وفق رؤيته الخاصة، ومن هنا تمتد قائمة الأفلام التي اكتفت أحياناً بذكر اسمه، وأخرى ذهبت نحو إظهار صورته، وفق ما يتناسب مع النص وأحداث حكاية الفيلم.
المخرج المسرحي الأمريكي جيف بليكنز، الحائز على جوائز عدة، خاصة في مجال الدراما التلفزيونية، ترك له أثر واضح في هذا السياق، بعد تقديمه في 2005 لفيلم (Have No Fear: The Life of Pope John Paul II)، حيث سلط فيه الضوء على سيرة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وقد بدأ حكاية فيلمه من لحظة زيارة قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية لمدينة القدس في فلسطين عام 2000.
وتمتلك زيارة القدس مكانة عظيمة في قلوب المسيحيين، فهي حاضنة لعدد من المزارات والمقدسات المسيحية على رأسها كنيسة القيامة، وشارع الآلام الذي شهد مسيرة السيد المسيح حاملاً معه صليبه، متحاملاً على جراحه ومتحملاً ثقل تعبه.
ويعود بليكنز في فيلمه إلى الوراء، ليستعرض سيرة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، ومنبته في بولندا، وطبيعة الحياة التي شهدها في ظل الحرب العالمية الثانية، ليأتي الفيلم الذي لعب بطولته كلا من توماس كريتشمان، برونو جانز، صابرينا جافور، مايكل كليزيك، مؤثراً في صياغته وحبكته الدرامية، مانحا المشاهد نظرة واسعة حيال سيرة قداسة البابا، وأهميته ومكانته في المجتمع الدولي، خاصة أن قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، قد أعاد البابوية إلى بولندا في يونيو 1979.
فترة مهمة
وفي السياق ذاته، اختار المخرج والسيناريست الإيطالي ريكي توجناتزي أن يروي سيرة قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين في فيلمه (The Good Pope: Pope John XXIII)، الذي رأى النور في يناير/كانون الثاني 2003، مسلطاً في الوقت نفسه الضوء على جملة الأحداث التي شهدتها فترة تربع البابا يوحنا على الكرسي الرسولي، حيث توصف بأنها كانت مليئة بالأحداث المهمة والمؤثرة للغاية. وكان الفيلم الذي لعب بطولته بوب هوسكينز، جون ليت، إلى جانب ريكي توجناتزي، قد حصد إبان عرضه إشادة نقدية إيجابية.
ويعد فيلم (Gone with the Pope) للمخرج الأمريكي الراحل ديوك ميتشل، أحد الأعمال السينمائية التي تم اكتشافها في 2009، وحينها لم تكن النسخة مكتملة، وتم ترميمها لتعرض في 2010، ويعتقد أنه كان آخر أعمال المخرج ميتشل قبل رحيله في 1981، وقد حقق الفيلم نجاحاً لافتاً على شباك التذاكر، كون أحداثه صيغت بطريقة مغايرة، حيث يستعرض فيه حكاية "خيالية" حول قيام إحدى العصابات بعملية اختطاف لقداسة البابا للاختطاف، من أجل طلب فدية ضخمة مقابل إطلاق سراحه، حيث يتم جمع الفدية من كافة أنحاء العالم.
كوميديا سوداء
بقالب من الكوميديا السوداء، قدم المخرج الإيطالي ناني موريتي في 2015، فيلمه "لدينا بابا" (We Have a Pope)، والذي تدور كافة أحداثه داخل مبنى الفاتيكان في إيطاليا، ويستعرض فيه حكاية انتخاب البابا الجديد، من خلال تواجد مجموعة من الشخصيات المتناقضة داخل مبنى للمشاركة في اجتماع عام، يتم فيه تحديد البابا الجديد.
لكن رغبات البابا المرشح غيرت طبيعة الاجتماع، ليأتي الفيلم متأرجحاً بين الجد والهزل، علماً بأن الفيلم نال ترشيحاً للسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وهو سادس ترشيح مماثل يتلقاه المخرج ناني موريتي خلال مسيرته السينمائية التي انطلقت عام 1973.
أبيض وأسود
حديثاً، أطل قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية منذ العام 2013، في فيلم حمل عنوان (Pope Francis: A Man of His Word)، للمخرج فيم فندرز، والذي يستعرض فيه سيرة حياته، حيث يبدأ الفيلم بلقطات الأبيض والأسود التي تستعير حياة القديس فرنسيس الأسيزي، الذي اختار البابا الحالي لقبه.
كان الأسيزي مجدداً في الكنيسة باستعادته لخطاب الفقر في حياة المسيح، ونادى بالهارموني بين البشر والطبيعة، واستطاع أن يقرب لغة الخطاب الإنجيلي- المسيحي إلى العامة والفقراء. ولذلك، رغب البابا الحالي في استلهام شخصية فرنسيس الأسيزي، فحمل اسمه، وطعّم خطاباته بموضوعات وباقتباسات من نصوصه.
ويتميز هذا الفيلم بأنه يعد واحداً من الأعمال النادرة التي سمح لها في الغوص والتصوير في أجواء الكرسي الرسولي، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها بابا الفاتيكان كشخصية سينمائية، فضلاً عن كونه يتضمن كثافة في الموضوعات الفكرية، المشكلات الاجتماعية، والقضايا السياسية، التي يُشاهد البابا فرنسيس منخرطاً في أنشطة متعلقة بها، أو يقدم عنها الخطابات، أو يدلي برأيه فيها أمام أسئلة تستعمل في الفيلم أسلوب اللقاء الصحفي المباشر.
aXA6IDMuMTMzLjEyOS44IA== جزيرة ام اند امز