مجموعة سيتي فوتبول.. كيف استثمرت العقلية الإماراتية في كرة القدم؟
تحتفل دولة الإمارات خلال الأيام الحالية بعيد الاتحاد الخمسين، وسط إنجازات كبيرة في كل المجالات وبينها المجال الرياضي.
ومنذ إعلان قيام الاتحاد عام 1971، قفزت الإمارات قفزات سريعة واحتلت مكانة ريادية في المنطقة، بفضل الرؤية الثاقبة في إدارة عدة ملفات، ومن بينها ملف الرياضة.
وتعد مجموعة "سيتي فوتبول" خير مثال للنجاحات الإماراتية في مجال الرياضة، نظرا للإنجازات الكبيرة التي تحققها أندية المجموعة في مختلف قارات العالم.
البداية في مانشستر
استحوذت مجموعة أبوظبي للاستثمار، المملوكة للشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الإمارات، على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي عام 2008، واستثمرت فيه بشكل ذكي ليتحول سريعا من ناد مهمش متخم بالديون إلى أحد عمالقة إنجلترا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام.
وفرت مجموعة أبوظبي للاستثمار كل عوامل النجاح لمانشستر سيتي منذ انتقال ملكيته إليها، من نهج إداري حكيم ومستقر، ونخبة من أبرز لاعبي العالم يتميزون بعقلية معينة تسعى لتحقيق الإنجازات والبطولات بما يتوافق مع نهج الإدارة، وهو ما كان له أثر كبير في جني الثمار بعدها.
ومنذ اليوم الأول للمشروع الإماراتي في مانشستر سيتي، تحركت الإدارة لضم عدد من اللاعبين المميزين، أبرزهم على سبيل المثال البرازيلي روبينيو من ريال مدريد، والأرجنتينيان كارلوس تيفيز وسيرجيو أجويرو من مانشستر يونايتد وأتلتيكو مدريد، والإسباني ديفيد سيلفا من فالنسيا، والبلجيكي كيفن دي بروين من فولفسبورج.
أوجه الاستثمار الإماراتي في مانشستر سيتي لم تقتصر على ضم اللاعبين أو تعيين المدربين فقط، بل تمت توسعة الملعب ليستوعب 55 ألف متفرج، بجانب تشييد أكاديمية بجواره من أجل تطوير اللاعبين الشباب، ضمن مخطط طموح لمواصلة الاستثمار على مستوى أوسع.
بعد أشهر قليلة من انتقال ملكية مانشستر سيتي للشيخ منصور بن زايد آل نهايان، انفصل النادي عن المدربمارك هيوز مدرب الفريق، موضضحا في بيان أنه "فشل في تحقيق الأهداف المرجوة"، وهو ما أثار موجة من السخرية في إنجلترا حينها، إذ إن ناديا مثل السيتي وقتها كان أقصى طموحه وقتها هو البقاء في الدرجة الممتازة.
لكن وجهة النظر تللك تغيرت في غضون سنوات قليلة، بسبب العقلية الإماراتية الجديدة التي قادت الفريق "السماوي" لتحقيق عدة نجاحات متتالية على كل الأصعدة.
نحو العالمية
مانشستر سيتي كان اللبنة الأولى في مجموعة "سيتي فوتبول جروب" التي أسسها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، حيث إن نجاحات الفريق السماوي كانت سببا في التوسع الإماراتي بمجال الاستثمار الرياضي، والبذرة التي خرجت منها المجموعة التي تضم تحت رايتها 11 ناديا في الوقت الحالي.
في عام 2013 تأسست مجموعة سيتي فوتبول المالكة للأعمال التجارية المتعلقة بكرة القدم في عدة مدن حول العالم، بما في ذلك أندية وأكاديميات وشركات التسويق الرياضي، بهدف زيادة الانخراط في صناعة كرة القدم داخل وخارج الملعب، والعثور على أفضل المواهب الكروية وتطويرها.
وفي العام التالي انطلقت المجموعة بشكل عملي، عن طريق ضم نادي نيويورك سيتي الأمريكي إلى مانشستر سيتي، ثم توسعت سريعا بضم أندية جديدة تحت رايتها، ليبلغ عددها 11 في الوقت الحالي.
وتضم المجموعة حاليا أندية مانشستر سيتي ونيويورك سيتي وملبورن سيتي الأسترالي، ويوكوهاما مارينوس الياباني، ومونتيفيديو سيتي الأوروجواياني، وجيرونا الإسباني، وسيشوان الصيني، ومومباي سيتي الهندي، ولوميل البلجيكي، وتروا الفرنسي، بجانب بوليفار البوليفي، الذي أصبح أول ناد شريك لمجموعة سيتي.
استثمار ناجح
كل الشواهد تؤكد نجاح الاستثمار الإماراتي في كرة القدم، الممثل في مجموعة "سيتي فوتبول".
في عام 2015، بعد عدة أشهر من ظهور المجموعة للنور، كانت قيمتها السوقية تبلغ 3 مليارات دولار أمريكي، ووصلت هذه القيمة إلى 5 مليارات في 2019، مما جعلها المجموعة الأغلى في العالم.
وتتبع المجموعة سياسة استثمارية قوية وشاملة، فهي تضم أندية وأكاديميات وشركات للتسويق الرياضي تعمل على الدعم المتبادل فيما بينها من خلال الاكتشاف المشترك وتبادل اللاعبين، بجانب المعلومات الفنية والتكتيكية وطرق التدريب.
وبدلا من الاكتفاء بالنظام التقليدي بمتابعة المواهب عن طريق الكشافين، تحظى أندية المجموعة بقاعدة أوسع من اللاعبين والناشئين، حيث تملك قاعدة بيانات ضخمة تشمل نصف مليون لاعب حول العالم.
إنجازات تاريخية
وكما صار مانشستر سيتي أحد كبار القوم في إنجلترا وأوروبا بفضل الرؤية الاستثمارية الإماراتية، تسير باقي أندية المجموعة على طريق التحسن في الوقت الحالي.
وخلال 13 عاما تحت القيادة الإماراتية حقق النادي الإنجليزي أكثر مما حققه خلال 114 عاما من تاريخه قبل تلك الفترة، منذ تأسيسه بالاسم ذاته عام 1894، حيث حقق 16 لقبا منذ عام 2008 مقابل 12 فقط قبل ذلك التاريخ.
وحقق مانشستر سيتي لقب الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الحقبة الإماراتية 5 مرات، بجانب 6 ألقاب في كأس الرابطة، ولقبين بكأس الاتحاد و3 في الدرع الخيرية.
وبجانب إنجازات السيتي، حققت أندية المجموعة نجاحات تاريخية في بلدانها، أبرزها الحصول على لقب الدوري في أستراليا واليابان والهند، فضلا عن صعود تروا من دوري الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى في فرنسا.
ووصل فريق نيويورك سيتي هذا العام للمباراة النهائية لبطولة دوري المؤتمر الشرقي لأول مرة في تاريخه، والمؤهل لنهائي كأس الدوري الأمريكي "MLS".
ولم تقتصر إنجازات المجموعة على فرق الرجال، حيث إن فرق السيدات أيضا حققت العديد من الألقاب، أبرزها فوز مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي، بجانب 3 ألقاب في كأس الاتحاد، فضلا عن فوز ملبورن بالدوري الأسترالي 4 مرات.