«مدينة الصواريخ» لحزب الله.. هل تحميه من الضربات الإسرائيلية؟
في ظل ارتفاع وتيرة القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل قدمت الجماعة اللبنانية لمحة عن أنفاقها السرية التي تحوي أسلحة، في خطوة يقول الخبراء إنها بمثابة تحذير لإسرائيل.
وأظهر مقطع فيديو مدته أربع دقائق ونصف الدقيقة بثه حزب الله تحت عنوان «جبالنا مخازننا» ما بدا وكأنه أنفاق تحت الأرض كبيرة بما يكفي لاستيعاب قوافل الشاحنات.
وبدا أن بعض الشاحنات كانت تنقل صواريخ وقاذفات عبر المنشأة التي تم تحديدها باسم «عماد 4»، في إشارة إلى القائد الأعلى لحزب الله عماد مغنية الذي قُتل في تفجير سيارة مفخخة في دمشق عام 2008 ألقي باللوم فيه على إسرائيل.
وتتبادل الحركة المدعومة من إيران إطلاق النار بشكل منتظم مع إسرائيل دعما لحليفتها حماس منذ أن أدى الهجوم الذي شنته الجماعة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل إلى اندلاع حرب غزة.
وتزايدت احتمالات اندلاع صراع شامل بعد أن تعهدت إيران وحزب الله بالانتقام لمقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران الشهر الماضي، الذي ألقي باللوم فيه على إسرائيل، وكذلك الغارة الإسرائيلية التي قتلت فؤاد شكر، أحد كبار قادة حزب الله، في جنوب بيروت.
فماذا يعني نشر الفيديو؟
قال نيكولاس بلانفورد، الخبير في شؤون حزب الله والمقيم في بيروت والباحث البارز في المجلس الأطلسي لـ«فرانس 24»، إن مقطع الفيديو الذي نشره حزب الله يوم الجمعة، الذي يظهر أنفاقا تحت الأرض وقاذفات صواريخ يمكن أن يكون بمثابة «تحذير» لإسرائيل.
وأوضح أنه «في سياق الرد المتوقع من جانب حزب الله على مقتل شكر، ربما أراد حزب الله تذكير إسرائيل بأنه قادر على إطلاق أسلحة أكثر قوة، إذا كان الهجوم المضاد الإسرائيلي قويا للغاية».
العميد اللبناني المتقاعد منير شحادة أشار إلى أن الفيديو أظهر «مدى عمق وحجم وتعقيد (الأنفاق)، ومدى صعوبة أو حتى استحالة وصول إسرائيل إليها».
لكن.. هل أنتج بالذكاء الاصطناعي؟
قال هاني فريد، خبير الأدلة الرقمية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، لـ«فرانس 24»، إنه «من غير المرجح» أن يكون قد تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن أجزاء من الفيديو «قد تتضمن لقطات ألعاب كلاسيكية»، في إشارة إلى الصور المولدة بواسطة الكمبيوتر.
وأشار إلى أن «بعض اللقطات التي تظهر تحرك الشاحنات/الدراجات النارية عبر النفق تبدو وكأنها رسوم متحركة حاسوبية»، مضيفا أنه لا يستطيع أن يقول على وجه اليقين ما إذا كانت التكنولوجيا المستخدمة قد استخدمت.
ما فوائد الأنفاق؟
قالت وكالة مهر الإيرانية للأنباء، السبت، إن شريط الفيديو الذي بثه حزب الله أظهر «مدينة صواريخ تحت جبال عامل»، وهو مصطلح يستخدم عادة للإشارة إلى جنوب لبنان، حيث يتمتع حزب الله بحضور قوي إلى جانب شرق لبنان.
وقال المحلل العسكري هشام جابر، جنرال لبناني متقاعد، إن القليل معروف عن المخابئ والأنفاق «السرية للغاية» لحزب الله تحت الأرض، مضيفا أن «منشأة عماد 4 هي على الأرجح واحدة من عشرات المنشآت».
وتابع المحلل العسكري أن «جبال لبنان وتلاله في الجنوب مثالية لحفر منشآت محمية لأنها في قلب الجبل»، مشيرًا إلى أن «الطائرات الحربية لا تستطيع الوصول إلى هذه المنشآت»، وقد يبقى المقاتلون داخل الأنفاق المجهزة بشكل جيد لعدة أشهر.
وأضاف أن إسرائيل قد «تستمر في تدمير لبنان لعدة أشهر دون أن تصل أبدا» إلى المخابئ.
فهل إسرائيل على علم بهذه الأنفاق؟
قالت أورنا ميزراحي، الخبيرة في شؤون حزب الله في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن إسرائيل على علم بالمرافق تحت الأرض «منذ فترة، ولديها خبرة في التعامل مع أنفاق حماس في غزة».
وأوضحت لمكتب وكالة فرانس برس في القدس: «لدينا خبرة جيدة بما يجري في غزة وأعتقد أن هذا هو ما يتعين علينا معالجته إذا كنا سندخل إلى لبنان في الحرب المقبلة».
ما هو تاريخ الأنفاق؟
في مجمع سياحي تابع لحزب الله في مليتا بجنوب لبنان افتتح عام 2010، يتم عرض نفق يبلغ طوله 200 متر (220 ياردة) ينتمي إلى المجموعة.
وقال بلانفورد إنه يعتقد أن شبكات أنفاق حزب الله بدأت في منتصف الثمانينيات عندما انسحبت القوات الإسرائيلية من معظم أنحاء لبنان إلى شريط محتل على طول الحدود الجنوبية، مضيفًا: «منذ فترة طويلة أصبح من المفهوم على نطاق واسع أن حزب الله لديه شبكات أنفاق واسعة النطاق.. تستخدم لتخزين الذخائر ولتكون بمثابة منصات لإطلاق الصواريخ ذات البصمة المنخفضة».
وأشار إلى أن الأنفاق التي بنيت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي تشبه الأنفاق الموجودة في مليتا «صُممت لتوفير الراحة والنوم والأكل لعدد صغير من المقاتلين»، في حين أن المنشأة في مقطع الفيديو الذي ظهر يوم الجمعة «أقل حجما مقارنةً بتلك المخابئ السابقة ذات الحجم البشري».
وقال دانييل ماير، رئيس برنامج الماجستير في الشرق الأوسط في معهد الدراسات السياسية في غرونوبل، إن استخدام حزب الله للأنفاق خلال حربه مع إسرائيل عام 2006، خاصة في مدينة بنت جبيل الحدودية، وضع ضغوطا شديدة على إسرائيل «رغم تفوقها الجوي».
وبعد ذلك، بدأ حزب الله في بناء منشآت وأنفاقا تحت الأرض أكثر تعقيداً، بحسب ما قال خبراء لوكالة فرانس برس.
وفي يناير/كانون الثاني 2019، قال الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف ودمر «أنفاقا هجومية عبر الحدود»، بعضها محفور تحت قرى حدودية لبنانية هاجمتها إسرائيل مرارا وتكرارا منذ أكتوبر/تشرين الأول.
aXA6IDMuMTM3LjE2NC4yMjkg جزيرة ام اند امز