قصف وقنص ونزوح بشوارع بيروت.. "حزب الله" يستنسخ مشاهد الحرب
من منطقة حساسة سياسياً وطائفياً بالعاصمة اللبنانية، اختار حزب الله أن يشن "الحرب" على قاضي التحقيق بانفجار المرفأ طارق البيطار.
معركة جديدة تمضي بالتزامن مع أخرى جنونية يقودها في كواليس الحكومة وباجتماعاتها، بدأها، منذ الأسبوع الماضي، الأمين العام للمليشيا حسن نصرالله بالتهديد بإشعال البلاد في حال استمرار البيطار بمسار تحقيقاته.
تهديدات استكملتها المليشيا في مجلس الوزراء حين قال الوزير التابع لها محمد مرتضى متوجها للوزراء: "سترون أمراً مختلفاً الخميس إذا لم تتخذوا قراراً بإزاحة البيطار عن التحقيق".
وأضاف مرتضى: " اليوم سأصطحب معي النائب علي حسن خليل (صادرة بحقه مذكرة توقيف) إلى وسط بيروت وليجرؤ أحداً المس به"، قبل أن يرفع رئيس الجمهورية ميشال عون الجلسة.
ورغم جميع التدخلات ومحاولات الوصول إلى حلّ مع "حزب الله"، إلّا أنه رفض أي حلّ، ما أدى إلى إلغاء الجلسة الحكومية التي كانت مقررة الأربعاء، وأدخل الحكومة في حالة شلل سياسي.
مشاهد الحرب
وبالفعل، صدق تهديد الوزير، فقد استعاد اللبنانيون اليوم الخميس مشهد الحرب الأهلية، وهم الذين اعتقدوا أنهم لن يشهدوا مرة أخرى تلك الذكرى المؤلمة في واحدة من المناطق الأكثر حساسية بالعاصمة، فمنطقة الطيونة كانت خط تماس بين بيروت الشرقية والغربية أثناء الحرب وشهدت أعنف المعارك، وما زالت آثار رصاص الحرب شاهدة على مبانٍ في المنطقة.
ومنذ الصباح، بدأ مناصرو "حزب الله" و حركة "أمل" بالتوافد إلى المنطقة لإقامة تظاهرة اعتراضاً على إبقاء القاضي البيطار في موقعه، وترافق ذلك مع إصدار محكمة التمييز المدنية قراراً بعدم كف يد القاضي، ما زاد التوتر لدى المتجمهرين، قبل أن يسمع إطلاق نار مجهول المصدر سقط على إثره على أحد الشبان.
ولاحقا، تحولت المنطقة إلى ساحة حرب حقيقية، استعملت فيها جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، أسفرت حتى الساعة 7 قتلى وعدد غير محدد من الجرحى، وحوصر السكان في منازلهم والطلاب في المدارس، وعادت مشاهد الإجلاء تتصدر المشهد، ولم ينجح تدخل الجيش بعدد كبير من العناصر وإنذاراته بإطلاق النار على كل مسلح من حدة المعركة.
المئات من المسلحين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة جاؤوا في دقائق إلى المكان، وخاضوا معركة لمدة 4 ساعات متتالية من دون توقف، من دون أن يسأل أحد من أين حضروا وأين كان هذا السلاح وكيف حضر بتلك السرعة.
ولم يكد يهدأ صوت الرصاص قليلاً حتى أصدر "حزب الله" بياناً رفع فيه مسؤوليته عن الحوادث وأبدى مظلوميته، زاعما أنه تعرض لكمين من مجموعة مسلحين وقناصين تابعين لحزب "القوات اللبنانية"، وهذا ما نفاه رئيس الحزب الأخير.
واستنكر سمير جعجع "الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط الطيونة أثناء التظاهرات التي دعا إليها حزب الله.
وأكّد في بيان أنّ "السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلّت والمنتشر والذي يهدّد المواطنين في كل زمان ومكان".
كما دعا جعجع كلّا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى "إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عمّا جرى في العاصمة اليوم".
وشدّد على أنّ "السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتّم علينا المحافظة عليه برمش العيون، ولكن ذلك يتطلب منا جميعاً التعاون للوصول إليه".
لن يهدأ
بدوره، أشار رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبّور، إلى أن "ما يحصل اليوم نتيجة مباشرة للتعبئة والتحريض المتواصلين منذ 4 أشهر بدأهما أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله".
ولفت جبور إلى أنه "لدى حزب الله معلومات تؤكد بأن القرار الظني الذي سيصدره المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يتضمن اتهاماً للحزب بشأن قضية انفجار المرفأ".
واعتبر جبور أن "الأمور لن تهدأ قبل أن يتأكّد نصرالله بأنه تمّ كفّ يد القاضي طارق البيطار، ومن الخطيئة أن تخضع القوى السياسية لهذه المسألة".
من جهته، دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب كان.
وأكد ميقاتي أن "الجيش حامي الوطن ليس شعارا نردده في المناسبات الوطنية، بل هو فعل إيمان يترجمه الجيش كل يوم بتضحيات جنوده وشجاعتهم وحكمة قيادتهم، وهذا ما تجلّى اليوم في التصدي للأحداث المؤسفة التي وقعت في منطقة الطيونة".
وشدد على أن "الجيش ماض في إجراءاته الميدانية لمعالجة الأوضاع وإعادة بسط الأمن وإزالة كل المظاهر المخلة بالأمن وتوقيف المتورطين في هذه الأحداث وإحالتهم على القضاء المختص".
وكان ميقاتي انتقل بعد ظهر اليوم إلى مقر وزارة الدفاع، حيث استقبله وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ثم انتقلوا إلى غرفة عمليات قيادة الجيش لمتابعة مجريات الأوضاع من قائد الجيش وأعضاء مجلس القيادة.
وأكد وزير الداخلية بسام المولوي، في تصريح له، أن "مجلس الأمن المركزي شدد على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي الذي هو أقدس الأقداس"، مشيراً إلى أنه "حتى الآن هناك 6 قتلى و16 جريحاً".
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA==
جزيرة ام اند امز