أول قمة عالمية للتخطيط في مجال الطاقة.. التحديات على الطاولة

تختتم اليوم فعاليات أول قمة عالمية للتخطيط في مجال الطاقة بالتعاون بين "الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" (IRENA) وحكومة دولة البرازيل في مقر بنك التنمية البرازيلي (BNDES) بمدينة "ريو دي جانيرو".

وحددت القمة أولويات مشتركة، وأطلقت عملية تعاونية لصياغة أجندة عمل "التحالف العالمي من أجل التخطيط في مجال الطاقة" (GCEP)، مع التركيز على ربط التخطيط بالتمويل، وتعزيز القدرات المؤسسية، وتشجيع التحول الوطني الشامل في مجال الطاقة.

وتأتي قمة التخطيط في مجال الطاقة بمثابة الاستعداد لدعم الزخم الخاص بمجال الطاقة الذي من المقرر مناقشته في COP30. وتُعد تلك القمة نقطة انطلاق رسمية لـ"التحالف العالمي من أجل التخطيط في مجال الطاقة" (GCEP). وهي مبادرة تدعو للانتقال نحو الطاقة النظيفة ووضع خطط فعالة لتحقيق ذلك الهدف، وذلك عبر سد فجوة الاستثمار في مجال التحول إلى الطاقة النظيفة عبر تحسين تخطيط الطاقة.

تمثل القمة فرصة رائعة تجمع الخبراء والمسؤولين من مختلف المجالات حول العالم لمناقشة أبرز المستجدات في قطاع الطاقة والتعاون لتحقيق الانتقال العادل للطاقة الذي يصبو إليه العالم اليوم، وتخطيط الطاقة طويل الأجل، ما يضمن الحد من المخاطر وجذب رأس المال وتوسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة، ودعمها في بلدان العالم؛ خاصة في دول الجنوب العالمي.

تحديات الطاقة المتجددة

يتوجه العالم اليوم للطاقة النظيفة؛ خاصة مع الأضرار البيئية والمناخية المُثبتة علميًا والتي التمسنا آثارها بوضوح عند الاعتماد على مصادر الطاقة غير النظيفة.

وبالفعل، شجعت العديد من الدراسات على الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، ودعا إلى ذلك أيضًا النص الختامي لمؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP28) في إكسبو دبي بدولة الإمارات في نهاية العام 2023.

وما زالت المبادرات تنطلق لدعم هذا التوجه؛ ليتم تعميمه على مستوى العالم؛ خاصة مع تفاقم أزمة المناخ التي تتسارع بمعدل غير مسبوق بفعل الأنشطة البشرية. لكن، هناك العديد من التحديات لتحقيق ذلك.

تواجه الطاقة النظيفة العديد من التحديات لتعميمها؛ منها:

1- التكاليف الأولية

على الرغم من أنّ الطاقة المتجددة أو النظيفة تعزز وصول طاقة غير ملوثة ومستدامة وقليلة التكلفة مقارنة بالوقود الأحفوري ومصادر الطاقة غير المتجددة الأخرى، إلا أنّ الاستثمارات الأولية تتطلب أموال كثيرة، ما يجعل التكلفة الأولية عالية نسبيًا.

على سبيل المثال، عند التخطيط للانتقال للطاقة الشمسية؛ فهذا يتطلب تخصيص مناطق محددة لبناء محطات الطاقة الشمسية وكذلك ألواح الطاقة الشمسية، أضف إلى ذلك تكلفة العمال والبناء، ما يجعل التكلفة الأولية مرتفعة نسبيًا، لكن بعد مرور وقت معين، تصبح تلك المحطات وكأنها مصدر مجاني للطاقة.

2- البنية التحتية

تتطلب مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة؛ خاصة إذا كانت مشاريع وطنية على نطاق واسع إلى البنية التحتية اللازمة لدعمها؛ إذ تتطلب تلك المشاريع دمج لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في شبكات الطاقة الحالية، وتلك الشبكات قديمة، ما يجعل قدراتها الاستيعابية محدودة، ما يُضطر القائمون على تلك المشاريع أن يبدأوا في إنشاء شبكات جديدة.

3- تراجع الوعي العام

في بعض المجتمعات، قد يصعب عليهم الاقتناع بالانتقال نحو الطاقة النظيفة؛ فالإنسان عدو المجهول، وقد يرون أنّ مصادر الطاقة النظيفة أو المتجددة ليست بنفس كفاءة الوقود الأحفوري الذي اعتادوا عليه.

4- استخدام الأراضي

مع تزايد تعداد سكان العالم يومًا بعد يوم، تزداد الحاجة لتأمين الغذاء والسكن والموارد الأخرى التي تعينهم على العيش بسلام. لذلك، يُعد استخدام الأراضي من الموضوعات محل الجدل في هذا الصدد؛ فبناء محطات للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو أي نوع من أشكال الطاقة النظيفة، من شأنه أن ينافس الإنسان على الأراضي.

وهنا يبرز التحدي الذي يتطلب من قطاع الطاقة تحقيق التوازن والاستخدام الأمثل للأراضي.

5- المخاوف البيئية

هناك بعض المخاوف البيئية حول تعميم الطاقة المتجددة والنظيفة، والتي تستلزم استخراج بعض المعادن الرئيسية لإنتاج البطاريات. إضافة إلى المخاطر المحدقة بالطيور التي قد تصطدم بتوربينات الرياح أو تنجذب إلى ألواح الطاقة الشمسية؛ ظنًا بأنها مصادر للمياه، ما قد يودي بحياتها.

أول قمة عالمية للتخطيط في مجال الطاقة

جدير بالذكر أنّه من المقرر أن تستضيف دولة البرازيل مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30) في نوفمبر/تشرين الثاني للعام 2025. كما أنّ البرازيل قد تولت رئاسة "قمة العشرين" في عام 2024.

تواجه خطط تعزيز الطاقة النظيفة العديد من التحديات -كما ذكرنا- لكن يمثل التحالف العالمي من أجل التخطيط في مجال الطاقة، فرصة جيدة لمعالجة تلك التحديات وتحسين مسار انتقال العالم نحو مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.